(ولسيد المبعض جميع ماله): أي إن من بعضه حر وبعضه رقيق؛ فإن جميع ما تركه لمن يملك بعضه لا يشاركه غيره كما يشير لذلك تقديم الخبر، حيث لم يقل: وجميع ماله لسيد المبعض، فإن تعدد مالك البعض فالحصاص. وعند الشافعي: يورث عنه جميع ماله ببعضه الحر.
(ولا يورث إلا المكاتب): اعلم أن المكاتب لا يرث كالرقيق ولا يورث، إلا في صورة تقدمت في باب الكتابة، وإليها يشير بقوله: (على ما مر) في قوله: "وورثه من معه فقط ممن يعتق عليه". والمراد بالإرث اللغوي؛ لأنه رقيق ولو كان عنده ما يفي بنجوم الكتابة.
(ولا) يرث (قاتل عمداً): عدواناً ولو صبياً أو مجنوناً متسبباً أو مباشراً، ولا يضر حكم القاضي بقتل مورثه عندنا من المقتول شيئاً لا من المال ولا من الدية إن عفي عنه عليها (وإن مع شبهة) أي: ولو أتى بشبهة تدرأ عنه القتل؛ كرمي الوالد ولده بحديدة شأنها عدم القتل.
(كمخطئ): لا يرث (من الدية) ويرث من مال المقتول. ومن الخطأ: قتله على أنه حربي. وحلف على اعتقاده أنه حربي، فتبين أنه مورثه. وألحق بالخطأ: ما لو كان المورث يريد قتل الوارث ولا يندفع إلا بالقتل.
(وورثا): أي قاتل العمد والخطأ (الولاء) الثابت للمقتول على عتيقه: يعني أن من قتل شخصاً له ولاء عتيق، والقاتل وارث الشخص المذكور، فإنه يرث ما ثبت له من الولاء سواء قتله عمداً أو خطأ. وليس معناه أن المعتق بالكسر إذا قتل عتيقه عمداً يرثه لما علمت أن حكمه حكم من قتل مورثه عمداً.
(ولا مخالف في دين): وأما أخذ المسلم مال عبده الكافر، فبالملك لا بالإرث، وكذلك عبد الكافر إذا أسلم ومات قبل أن يباع عليه، فإنه يأخذ ماله. وتقدم أن مال المرتد فيء للمسلمين إذا مات أو قتل على ردته، فلا يرث ولا يورث.
(كمسلم مع غيره) فلا يرث المسلم غيره، ولا يرثه الغير ولا يدخل في قوله: "غيره" الزنديق، فإنه إذا قتل فميراثه لورثته المسلمين كما مر في باب الردة. (وكيهودي مع نصراني) فاختلاف الدين باليهودية والنصرانية يمنع الميراث بينهما.
(وغيرهما): أي غير اليهود والنصارى (ملة) واحدة؛ فيرث بعضهم بعضاً هذا ما عليه الأصل تبعاً لما نقله ابن عبد السلام عن مالك، لكن اعترضه ابن مرزوق بنص الأمهات: من أن غير اليهود والنصارى ملل وعليه اقتصر شيخنا الأمير.
(وحكم بينهم): أي بين الكفار (بحكم الإسلام
ــ
تحقق حياة الوارث وتحقق موت المورث والعلم بالجهة، وأسبابها ثلاثة أيضاً: النكاح والولاء والنسب.
قوله: [ولسيد المبعض جميع ماله]: أي ولا شيء لمن أعتق بعضه ويفهم منه أن مال القن الخالص لسيده بالأولى إن كان السيد مسلماً كان العبد مسلماً أو كافراً، فإن كان السيد كافراً والعبد كافراً فكذلك إن قال أهل دينه إنه لسيده وإلا فللمسلمين كما قاله ابن مرزوق. فإن أسلم عبد لكافر ولم يبن عليه ومات قبل بيعه عليه فماله لسيده الكافر كما قاله المتيطي، فإن مات بعد بيعه عليه فماله لمشتريه لا للمسلمين، فإن بان منه بعد إسلامه ومات فماله للمسلمين وسيأتي ذلك.
قوله: [فالحصاص]: أي فإذا مات المبعض وترك مالاً ولرجل فيه الثلث ولآخر فيه السدس ونصفه الآخر حر فماله ينقسم بينهما بقدر ما لهما فيه من الرق فلصاحب الثلث ثلثاه ولصاحب السدس ثلثه.
قوله: [يورث عنه جميع ماله]: أي يأخذه أهل نسبه.
قوله: [والمراد بالإرث اللغوي]: أي إرث من معه في الكتابة له.
قوله: [ولو كان عنده ما يفي بنجوم الكتابة]: أي لأن موته قبل أداء النجوم أبطل حريته
قوله: [ولو صبياً أو مجنوناً]: تبع في ذلك الأجهوري وقال (ر): ولا قاتل عمد ولو عفي عنه ولو كان القاتل مكرهاً، ولا بد من كونه عاقلاً بالغاً، أما الصبي فعمده كالخطأ وكذا المجنون، وقاله الفاسي في شرح التلمسانية لكن ما ذكره الأجهوري اقتصر عليه ابن علاق ولم يذكر مقابله إلا عن أبي حنيفة أفاده (بن).
قوله: [من المقتول]: متعلق بيرث المقدر.
وقوله: [ولا يضر] إلخ جملة معترضة، وإنما لم يكن حكم القاضي بقتل مورثه مانعاً له من الإرث عندنا؛ لأن المانع كونه عدواناً وهذا وإن كان عمداً إلا أنه غير عدوان.
قوله: [وألحق بالخطأ] إلخ: فيه أنه إذا كان لا يندفع إلا بالقتل وقتله فإنه لا دية له أصلاً كما في دفع الصائل فلا وجه لإلحاقه بالخطأ.
فرع: إذا تقاتلت طائفتان وكانتا متأولتين فإنه يرث بعضهم بعضاً كيوم الجمل وصفين، فإنه وقع التوارث بينهم فهو دليل كما في (ر)، وفي البدر قاعدة: كل قتل مأذون فيه لا دية فيه ولا كفارة ولا يمنع ميراثاً وعكسه وهو غير المأذون فيه، فيه الثلاثة كذا في حاشية الأصل.
قوله: [سواء قتله عمداً أو خطأ] إلخ: هذا هو المشهور من المذهب كما نقله ابن عرفة عن جملة من الشيوخ والفرق بين كونه يرث الولاء دون المال أن الولاء بهذا المعنى لا يقصد غالباً بخلاف المال.
قوله: [قبل أن يباع عليه]: أي ولم يبن منه.
قوله: [فميراثه لورثته المسلمين]: أي إذا أنكر ما شهدت به عليه البينة أو تاب بعد الاطلاع عليه.
قوله: [لكن اعترضه ابن مرزوق]: عبارة (بن) اعتمد المصنف ما حكاه ابن يونس عن أهل المدينة من أن الإسلام ملة والنصارى ملة واليهود ملة والمجوس ومن عداهم