للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سلم ناوياً الخروج خرج وهكذا تأمل.

(و) يحرم على الراجح وقيل يكره (أكل كثوم) بالمثلثة وبالفاء كما في القرآن. أدخلت الكاف كل ما له رائحة كريهة كبصل نيء غير مطبوخ أو لم تذهب رائحته بخل وإلا فلا يمنع (في مسجد) كان مسجد خطبة أم لا (أو دخوله، لأكله) فيحرم على من أكل شيئاً من ذلك دخول المسجد ولو لم يكن به أحد (و) يحرم (حضوره): أي آكل ذلك ومثله الفجل حيث كان يتجشأ منه (مجامع المسلمين): كمصلى عيد، وحلق ذكر وعلم ووليمة ومثل أكل ذلك من به جرح له رائحة كريهة أو فيه صنان واحترز [١] بالمسجد عن السوق فلا يحرم بل يكره.

(وينبغي للعبد) أي يستحب لما يأتي أنه من كمال الإيمان (أن يحب لأخيه) المؤمن (ما يحب لنفسه) من الطاعة والأشياء المباحة كالملابس الحسنة (وهو علامة كمال الإيمان) لما ورد في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» أي الإيمان الكامل إذ أصل الإيمان حاصل بتصديقه صلى الله عليه وسلم.

(و) ينبغي أي يستحب للعبد (أن يعفو عمن ظلمه): أي من مكارم الأخلاق أن يسامح من تعدى عليه بشتم أو ضرب أو أخذ مال.

(و) ينبغي للعبد أن (يصل من قطعه): أي يصل مودة من قطع مودته عنه وظاهره العموم وهو أولى من قصره على ذي الرحم.

(و) يندب للعبد أن (يعطي من حرمه) لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرني ربي أن أصل من قطعني وأعطي من حرمني وأعفو عمن ظلمني».

وروي: «ينادي مناد يوم القيامة أين الذين كانت أجورهم على الله؟ فلا يقوم إلا من عفا» وروي: «من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً» وقد يعرض الوجوب لهذه الأشياء لخوف مفسدة.

(و) ينبغي للعبد (أن يكرم جاره) اعلم أن الجار إلى أربعين داراً، والكرامة تكون فرض عين أو كفاية أو مندوباً ككف الأذى ودفع ضرر لقادر والبشرى في وجهه والإهداء له.

(و) أن يكرم (ضيفه) من مال إليك نازلاً بك وقد يكون واجباً إلى آخر ما تقدم، وسواء كان غنياً أو فقيراً فله الإكرام بكفاية ما يحتاج إليه من فرش ومأكل ومشرب وتجهيز ماء ليغتسل به حين نزوله وجلوس رب الدار دون مكان الضيف وأن يلقمه بيده فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم مع الضيف فيلقمه بيده، فإذا فعل ذلك كتب له به عمل سنة صيام نهارها وقيام ليلها».

(وليحسن) العبد وجوباً (إلى نفسه بما يقيها موبقات الآخرة والدنيا): كلام جامع واضح، نسأل الله التوفيق؛ ويطلب من العبد أن يكون (متجافياً) متباعداً متغافلاً (عن عيوب غيره): فلا يظن بغيره إلا خيراً.

ــ

كتدوين الكتب، والندب كإحداث المدارس، والكراهة كتطويل الثياب، والإباحة كاتخاذ المناخل والتوسع في المأكل، والحرمة كالمكوس.

قوله: [فإن سلم ناوياً الخروج خرج]: محل ذلك إن لم يكن بينهما مزيد مودة واجتماع على خير وإلا فلا يكفي في الخروج السلام وحده، بل لا بد من العودة للحالة الأولى.

قوله: [ويحرم على الراجح]: أي لقوله في الحديث الشريف: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ليؤذينا بريح الثوم».

قوله: [فيحرم على من أكل شيئاً من ذلك دخول المسجد]: أي ما دامت الرائحة باقية، فإن أزالها بشيء أو زالت من نفسها فلا منع.

قوله: [أن يحب لأخيه]: احترز به عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن العبد لا يكون مؤمناً حتى يكون أحب إليه من ماله وولده ونفسه أفاده التتائي في شرح الرسالة.

قوله: [المؤمن]: احترز به عن الكافر فلا يحب له شيئاً ما دام كافراً وإلا فمن الإيمان أن يحب له الإسلام وما يترتب عليه من كل ما يتمناه لنفسه.

قوله: [أن يعفو عمن ظلمه] إلخ: قال تعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الشورى: ٤٠] وقال أيضاً: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: ٤٣].

قوله: [أمرني ربي] إلخ: أي ولقوله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} [آل عمران: ١٣٤] الآية والأصل عدم الخصوصية إلا لدليل ولم يقم دليل على خصوصيته - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

قوله: [وقد يعرض الوجوب لهذه الأشياء]: أي التي هي العفو عمن ظلمه ووصل من قطعه وإعطاء من حرمه.

قوله: [إلى أربعين داراً]: أي من كل جهة.

قوله: [ككف الأذى] إلخ: لف ونشر مرتب.

قوله: [ودفع ضرر لقادر]: أي باليد أو اللسان.

قوله: [والبشرى في وجهه]: أي البشر وطلاقة الوجه.

قوله: [وقد يكون واجباً] إلخ: أي لكونه في ترك الإكرام مفسدة أو لكون الضيف مضطراً ولم يجد سوى من نزل به.

قوله: [إلى آخر ما تقدم]: أي في الجار.

قوله: [بكفاية ما يحتاج إليه]: أي على حسب طاقة المنزول عنده.

قوله: [وأن يلقمه بيده]: أي إن لم تكن نفس الضيف تأنف من ذلك.

قوله: [وليحسن العبد وجوباً إلى نفسه]: أي؛ لأن حق نفسه مقدم على كل الحقوق بل سائر المحاسن المأمور بها تعود على


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (احترز).

<<  <  ج: ص:  >  >>