للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز التقليد مع إمكان الاجتهاد (وإلا) يمكن الاجتهاد (قلد): عارفاً عدلاً.

(ولا يقلد مجتهد - وإن أعمى -): غيره من المجتهدين، وأولى غيرهم.

فإن خفيت عليه الأدلة سأل عنها فإذا دل عليها اجتهد. (إلا محراباً لمصر): من الأمصار فإنه يقلده، فإذا دخل بلداً من البلاد التي يحل بها أهل العلم والمعرفة قلد محرابها من غير اجتهاد.

(وقلد) وجوباً (غيره): أي غير المجتهد (عدلاً عارفاً): بالأدلة لا غير عدل ولا جاهلاً (أو محراباً مطلقاً): سواء كان محراب مصر أو غير مصر. (فإن لم يجد) غير المجتهد عدلاً عارفاً ولا محراباً، (أو تحير مجتهد): بأن خفيت عليه الأدلة لغيم أو حبس أو نحو ذلك أو التبست عليه، (تخير): جهة من الجهات الأربع وصلى إليها واكتفى بذلك، وقيل: يصلي أربع صلوات لكل جهة صلاة.

(وبطلت): صلاة مجتهد أو مقلد (إن خالف): الجهة التي أداه اجتهاده إليها، أو أمره العارف بها وصلى لغيرها (عمداً): وأعادها وجوباً، (ولو صادف): القبلة في الجهة التي خالف إليها.

(وإن تبين خطأ) يقيناً أو ظناً (بصلاة) أي فيها (قطع) صلاته (البصير المنحرف كثيراً): بأن استدبر أو شرق أو غرب، وابتدأها بإقامة. ولا يكفي تحوله لجهة القبلة. (واستقبل) القبلة؛ بأن يتحول إليها (غيره): وهو الأعمى مطلقاً والبصير المنحرف يسيراً، (أو) إن تبين خطأ (بعدها): أي بعد الصلاة

(أعاد الأول): وهو البصير المنحرف كثيراً (بوقت): ضروري، وقول الشيخ: المختار معترض، وأما المنحرف يسير أو الأعمى [١] مطلقاً فلا إعادة عليه (كالناسي): للجهة التي أداه اجتهاده إليها أو التي دله عليها العارف المقلد، يعيد في الوقت على المشهور وقيل: أبداً. وأما ناسي وجوب الاستقبال فإنه يعيد أبداً كما تقدم أول الكلام؛ فلا منافاة بين ما هنا وما تقدم. وبعضهم أجرى الخلاف حتى في ناسي الوجوب أيضاً، وعليه فيقيد وجوب الاستقبال بالذكر والأمن والقدرة.

(وجاز نفل غير مؤكد): ومنه الرواتب كأربع قبل الظهر والضحى والشفع (فيها): أي الكعبة (وفي الحجر): أي حجر إسماعيل بكسر الحاء وسكون الجيم (لأي جهة): راجع لقوله: فيها لا لقوله الحجر لأنه لو استدبر البيت أو شرق أو غرب لم تصح كما قال الحطاب، وقيل: بل تصح بناء على أنه من البيت.

(وكره المؤكد [٢]): كالوتر والعيدين وكركعتي الفجر بناء على أنهما سنة، وركعتي الطواف على الراجح، وقيل: يمنع المؤكد.

ــ

وكون المصلي بغيرها يستقبل الجهة بالاجتهاد هو الأظهر عند ابن رشد لا سمتها، خلافاً لابن القصار؛ فعنده يقدر المصلي المقابلة والمحاذاة لها، إذ الجسم الصغير كلما زاد بعده اتسعت جهته، كغرض الرماة. فإذا تخيلنا الكعبة مركزاً خرج منها خطوط مجتمعة الأطراف فيه، وكلما بعدت اتسعت فلا يلزم على مذهبه بطلان الصف الطويل، بل جميع بلاد الله تعالى على تفرقتها تقدر ذلك. والحاصل أن من بعد عن مكة لم يقل أحد إن الله أوجب عليه مقابلة الكعبة لأن في ذلك تكليفاً بما لا يطاق. وإنما في المسألة قولان: الأول لابن رشد يجتهد في الجهة، وهو الذي مشى عليه المصنف. والثاني لابن القصار: يجتهد في استقبال السمت. والمراد أن يقدر المقابلة والمحاذاة وإن لم يكن في الواقع كذلك، وهو مذهب الشافعي. قال في الأصل: وينبني على القولين: لو اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يعيد في الوقت، وعلى مقابله يعيد أبداً. اهـ. لكن قال (بن): الحق أن هذا الخلاف لا ثمرة له كما صرح به المازري، وأنه لو اجتهد وأخطأ فإنما يعيد في الوقت على القولين. .اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [ولا يجوز التقليد] إلخ: أي لمجتهد أو لمحراب غير مصر.

قوله: [عدلاً]: أي في الرواية.

قوله: [وأولى غيرهم]: أي غير المجتهدين.

قوله: [محراب مصر]: أي علم أنه وضع العارفين أو الشأن فيه ذلك.

قوله: [أو غير مصر]: أي الشأن فيه عدم العارفين.

قوله: [لكل جهة صلاة]: أي إن كان الشك في الجهات الأربع، فإن شك في جهتين فصلاتين ولا بد من جزم النية عند كل صلاة.

قوله: [إن خالف]: أي وأما لو صلى إلى جهة اجتهاده فإنه يعيد في الوقت إذا استدبر أو شرق أو غرب كما في المدونة، إلا إن انحرف يسيراً.

قوله: [واستقبل القبلة] إلخ: أي فإن لم يستقبلها الأعمى المنحرف كثيراً بعد العلم بطلت، لأن الانحراف الكثير مبطل مطلقاً مع العلم سواء علم به حين الدخول أو علم به بعد دخولها. وأما المنحرف يسيراً - أعمى أو بصيراً - إذا لم يستقبل - لا تبطل صلاته.

قوله: [أعاد الأول] إلخ: هذا التفصيل المذكور في قبلة الاجتهاد كما هو الموضوع. وأما قبلة القطع -كمن بمكة- أو الوحي -كمن بالمدينة- أو الإجماع - كمن بمسجد عمرو - فإنه يقطع ولو أعمى منحرفاً يسيراً فإن لم يقطع أعاد أبداً.

قوله: [بوقت ضروري] إلخ: قال في الأصل: وهو في العشاءين الليل كله، وفي الصبح للطلوع، وفي الظهرين للاصفرار.

قوله: [وقيل أبداً]: هذا الخلاف في صلاة الفرض، وأما في النفل فلا إعادة أصلاً.

قوله: [وعليه فيقيد وجوب الاستقبال] إلخ: المناسب جعل هذا عقب قوله "على المشهور" تأمل.

قوله: [وقيل: بل تصح بناء] إلخ: لكن أيد (بن) الأول.

قوله: [وركعتي الطواف]: أي غير الواجب كما قيده في المجموع.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (يسير أو الأعمى) في ط المعارف: (يسيراً والأعمى)، ولعلها الصواب.
[٢] في ط المعارف: (المؤكدة).

<<  <  ج: ص:  >  >>