للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(واستقبال القبلة) بالجر عطف على بإسلام أي وصحتها أي بما ذكر وباستقبال القبلة (مع أمن) من عدو وسبع، وإلا لم يجب (و) مع (قدرة): فلا يجب مع عجز كمربوط أو مريض لا قدرة له على التحول لها ولا يجد من يحوله، فيصلي لغيرها. فاليائس أوله والراجي آخره كالتيمم. وهذا القيد زيادة على الشيخ فتحصل أن طهارة الحدث لا تتقيد بقيد. فالناسي يعيد أبداً والعاجز تسقط عنه الصلاة، وأن الطهارة من الخبث تقيد بالذكر والقدرة وتسقط بالعجز والنسيان، وأن ستر العورة يقيد بالقدرة فقط؛ فالناسي يعيد أبداً دون العاجز فيعيد بوقت، وأن الاستقبال يقيد بالأمن والقدرة لا على خائف من كعدو ولا عاجز، وأما من لم يستقبل نسياناً لوجوبه فيعيد أبداً.

(وهي) أي القبلة (عين الكعبة): أي ذاتها (لمن بمكة): ومن في حكمها ممن يمكنه المسامتة، كمن في جبل أبي قبيس فيستقبلها بجميع بدنه، حتى لو خرج منه عضو لم تصح صلاته. ثم إن من بمكة - إن كان بالحرم - فظاهر، فيصلون صفاً إن كانوا قليلاً أو دائرة أو قوساً إذا لم تكمل الدائرة. وإن لم يكن به بل ببيته مثلاً فعليه أن يصعد على سطح أو مكان مرتفع، ثم ينظر الكعبة ويحرر قبلته جهتها. ولا يكفي الاجتهاد مع القدرة على اليقين، ومن ذلك القبيل مساجد مكة التي حولها كمسجد ذي طوى.

(وجهتها): أي الكعبة (لغيره): أي غير من بمكة سواء كان قريباً من مكة كأهل منى أو بعيداً كأهل الآفاق، فيستقبل المصلي تلك الجهة (اجتهاداً) أي بالاجتهاد (إن أمكن): الاجتهاد بمعرفة الأدلة الدالة على الجهة كالفجر والشفق والشمس والقطب وغيره من الكواكب، وكذا الريح الشرقي أو الجنوبي أو الشمالي والغربي.

ــ

إعارتهم، وجبر على الزائد عن حاجته بلا إتلاف وفاقاً لابن رشد وخلافاً للخمي. اهـ. من المجموع بتصرف.

قوله: [واستقبال القبلة]: لما فرغ من الكلام على شروط الصحة الأربعة شرع في الكلام على الخامس وهو الاستقبال وما يتعلق به. والأصل فيه قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} [البقرة: ١٤٤] إلى قوله {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: ١٤٤] أي جهته وفي الموطأ: «حولت القبلة قبل بدر بشهرين وقد صلى عليه الصلاة والسلام بعد مقدمه المدينة إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، فكانت ناسخة لذلك، وحولت إلى بيت الله في الركعة الثالثة من الظهر ليجمع فيها بين القبلتين»، ولا ينافي هذا قولهم: إن أول صلاة صليت إلى بيت الله العصر، لأن المراد أول صلاة، ووقع في البخاري: «فحولت في ركوع العصر». وسميت القبلة قبلة: لأن المصلي يقابلها وتقابله. وهي أقسام سبعة: قبلة تحقيق، وهي قبلة الوحي كقبلته عليه الصلاة والسلام، فإنها بوضع جبريل عليه الصلاة والسلام، وقبلة إجماع: وهي قبلة جامع عمرو بن العاص بإجماع الصحابة، وقد وقف على جامع عمرو ثمانون من الصحابة، وقبلة استتار: وهي قبلة من غاب عن البيت من أهل مكة أو عن مسجده عليه الصلاة والسلام والفرض أنه في مكة أو المدينة، وقبلة اجتهاد: وهي قبلة من لم يكن في الحرمين، وقبلة بدل: وهي الآتية في قوله: "صوب سفره"، وقبلة تخيير وهي الآتية في قوله: "فإن لم يجد أو تحير مجتهد تخير"؛ وقبلة عيان: وهي التي ابتدأ بها بقوله: وهي عين الكعبة لمن بمكة.

قوله: [وإلا لم يجب]: أي فلا يجب الاستقبال حال المسابقة [١] ولا في الخوف من عدو وسبع كما يأتي.

قوله: [كالتيمم]: أي فلو صلى المتردد قبل الوسط والراجي قبل الآخر، تندب الإعادة في الوقت.

قوله: [فتحصل] إلخ: أي مما تقدم ومما هنا.

قوله: [والعاجز]: أي عن الطهورين.

قوله: [بالذكر والقدرة] إلخ: أي على مشهور المذهب.

قوله: [بالقدرة فقط]: أي على ما مشى عليه هو وتقدم الكلام على ذلك.

قوله: [من كعدو]: أدخلت الكاف: السبع. وسواء كان العدو مسلماً أو كافراً.

قوله: [وأما من لم يستقبل نسياناً] إلخ: أي فلا يقيد بالذكر على المشهور.

قوله: [عين الكعبة]: أي فالشرط استقبال ذات الكعبة أي بنائها والبقعة إن نقضت والعياذ بالله تعالى.

قوله: [المسامتة] أي مقابلة سمتها أي ذات بنائها.

قوله: [ثم إن من بمكة] إلخ: قال في الأصل فالحاصل أن من بمكة أقسام: الأول صحيح آمن، فهذا لا بد له من استقبال العين، إما بأن يصلي في المسجد أو بأن يطلع على سطح ليرى ذات الكعبة، ثم ينزل فيصلي إليها، فإن لم يمكنه طلوع أو كان بليل استدل على الذات بالعلامة اليقينية التي يقطع بها جزماً لا يحتمل النقيض بحيث إنه لو أزيل لكان مسامتاً، فإن لم يمكنه ذلك لم يجز له صلاة إلا في المسجد. الثاني مريض مثلاً يمكنه جميع ما سبق في الصحيح لكن بجهد ومشقة، فهذا فيه التردد، أي فإنه قيل بجواز الاجتهاد في طلب العين، ويسقط عنه اليقين، وقيل: لا بد من المعاينة نظراً إلى أن القدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد، وهو الراجح فلذلك اقتصر عليه هنا. الثالث: مريض مثلاً لا يمكنه ذلك فهذا يجتهد في العين ظناً ولا يلزمه اليقين اتفاقاً. الرابع: مريض مثلاً يعلم الجهة قطعاً وكان متوجهاً لغير البيت ولكنه لا يقدر على التحول ولم يجد محولاً، فهذا كالخائف من عدو ونحوه يصلي لغير الجهة، لأن شرط الاستقبال الأمن والقدرة، ولا يختص بمن بمكة لأنه إذا جاز للعاجز والخائف عدم الاستقبال بمكة فمن بغيرها أولى. اهـ.

قوله: [مع القدرة على اليقين]: أي ولو كان بمشقة.

قوله: [غير من بمكة]: أي والمدينة وجامع عمرو لأن المدينة بالوحي لا بالاجتهاد وجامع عمرو بالإجماع الذي يفيد القطع لا بالاجتهاد الذي يفيد الظن.

قوله: [قريباً من مكة]: أي ولا يمكنه مسامتة العين.

قوله: [أي بالاجتهاد]: إشارة إلى أنه منصوب بنزع الخافض.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (المسايفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>