لرجل أو أمة أو حرة مع أجنبي (بالصلاة أيضاً) كما يجب سترها بالنسبة لرؤية من ذكر لكن المغلظة من ذلك تعادل تركها أبداً، والمخففة بعضها تعادله في الوقت كالفخذين في الأمة والأطراف في الحرة، وبعضها لا تعادله أصلاً كما عدا الفخذين في الأمة غير أم الولد، وما عدا الأليتين في الرجل كما علم مما تقدم.
(و) عورة المرأة (مع) رجل (محرم): لها (غير الوجه والأطراف): الرأس واليدين والرجلين، فيحرم عليها كشف صدرها وثدييها ونحو ذلك عنده، ويحرم على محرمها كأبيها رؤية ذلك منها وإن لم يلتذ.
(وترى): المرأة حرة أو أمة (من) الرجل (الأجنبي): منها أي غير المحرم (ما يراه) الرجل (من محرمه) وهو الوجه والأطراف إلا أن تخشى لذة، فلا يجوز لها أن تنظر لصدره ولا جنبه ولا ظهره ولا ساقه، ولو لم تخف لذة.
(و) ترى المرأة (من المحرم) ولو من رضاع (كرجل مع مثله) أي كما يرى الرجل من الرجل، وهو ما عدا ما بين سرة وركبة.
(وكره لرجل كشف كتف أو جنب، كتشمير ذيل) أي ذيل ثوبه (وكف) أي ضم (كم أو) كف (شعر): برأس (لصلاة) لا غيرها لأمر اقتضى ذلك.
ــ
مشهور المذهب: أو لا يجب عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره؟ وهو مقتضى نقل المواق عن عياض. وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب وغيرها فيستحب. اهـ. من حاشية الأصل. فإذا علمت ذلك فقول: الشارح "وإن وجب عليها سترهما" إلخ مرور على كلام ابن مرزوق.
قوله: [لرجل]: أي مع مثله أو محرمه.
قوله: [أو أمة]: أي مع مطلق شخص.
قوله: [مع أجنبي]: راجع لخصوص الحرة.
قوله: [محرم لها]: أي ولو بصهر، كزوج أمها أو بنتها. أو رضاع كابنها وأخيها من الرضاع.
قوله: [فيحرم عليها كشف صدرها] إلخ: وأجاز الشافعية رؤية ما عدا ما بين السرة والركبة، وذلك فسحة.
قوله: [ما يراه الرجل من محرمه]: فحينئذ عورة الرجل مع المرأة الأجنبية ما عدا الوجه والأطراف. وعلى هذا فيرى الرجل من المرأة -إذا كانت أمة- أكثر مما ترى منه لأنها ترى منه الوجه والأطراف فقط، وهو يرى منها ما عدا ما بين السرة والركبة، لأن عورة الأمة مع كل واحد ما بين السرة والركبة كما مر. واعلم أنه لا يلزم من جواز الرؤية جواز الجس. فلذلك يجوز للمرأة أن ترى من الأجنبي الوجه والأطراف، ولا يجوز لها لمس ذلك. وكذلك لا يجوز له وضع يده على وجهها، بخلاف المحرم فإنه كما يجوز النظر للوجه والأطراف يجوز مباشرة ذلك منها بغير لذة. وكما يجوز للمرأة الحرة نظر ما عدا ما بين السرة والركبة من محرمها، يجوز لها مس ذلك. وبالجملة فالمحارم كل ما جاز لهم فيه النظر جاز المس من الجانبين، بخلاف الأجنبي مع الأجنبية، فلا يلزم من جواز النظر المس.
قوله: [فلا يجوز] إلخ: مفرع على مفهوم قوله "هو الوجه والأطراف"، كأنه قال: وأما ما ليس بأطراف فيحرم فلا يجوز لها أن تنظر إلخ.
قوله: [ولو من رضاع]: أي أو صهر.
قوله: [كرجل مع مثله]: أي ويجوز الجس من الجانبين أيضاً. ففي صحيح البخاري، قبيل مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة أن الصديق قبل عائشة بنته - رضي الله عنها - في فمها. بخلاف جس العورة، فإن كان حائل فلا حرمة، كما سبق في تفريق المضاجع إلا كضم. ومنه الدلك بكيس الحمام، وأجازه الشافعية. وفي الحاشية نقلاً عن الشيخ سالم: أن الحرمة في المتصل. وحرمت الشافعية المنفصل حتى قالوا: إن علم شعر عانة بعد حلقه حرم النظر إليه. وأما المنفصل فمحل جواز النظر إليه عندنا إذا كان انفصاله عن صاحبه في حال الحياة لأنه صار أجنبياً عن الجسم وله قوام بدونه، وأما بعد الموت فيحرم النظر لأجزاء الأجنبية. ولذا نهوا عن النظر في القبور مخافة مصادفته. اهـ. من حاشية شيخنا على مجموعه. ويحرم باتفاق الالتذاذ الشيطاني؛ وهو كل ما أثار شهوة لا مجرد انبساط النفس. قال الغزالي في الإحياء: من فرق بين الأمرد والملتحي حرم عليه النظر له إلا كما يفرق بين الشجرة اليابسة والخضرة. اهـ. من المجموع.
تنبيه: قال ابن القطان: لا يلزم غير الملتحي تنقب، لكن قال القاضي أبو بكر بن الطيب: ينهى الغلمان عن الزينة لأنه ضرب من التشبه بالنساء، وتعمد الفساد. وأجمعوا على أنه يحرم النظر لغير الملتحي بقصد اللذة، ويجوز لغيرها إن أمن الفتنة. اهـ. وأما الخلوة بالأمرد فحرام عند الشافعية ولو أمنت الفتنة، وقال الفاكهاني مقتضى: المذهب لا يحرم. اهـ. من الأصيلي.
قوله: [لصلاة]: راجع للجميع.
خاتمة: تبطل الصلاة بتعمد نظر عورة إمامه وإن نسي كونه في صلاة كتعمد نظر عورة نفسه إن لم ينس كونه في صلاة، وفي (بن) عن أبي علي: ولو نسي. ومن لم يجد إلا ستراً لأحد فرجيه، فقيل: يستر القبل به لأنه أبدى وأكبر، وقيل: الدبر، وقيل يخير. ويتفق على القبل إن كان وراءه نحو حائط كما قال البساطي. وإن اجتمع عراة صلوا بظلام أو تباعدوا، فإن لم يمكن صلوا صفاً واحداً قياماً غاضين أبصارهم، وإمامهم في الصف كواحد منهم. وإن كان لعراة ثوب واحد صلوا أفذاذاً وأقرع للتقديم إن تنازعوا، أو ضاق الوقت. فإن ضاق عن القرعة أيضاً صلوا عراة، فإن كان الثوب لأحدهم ندب له