للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل ذهاب دخان البخور أو وصل الريحان للماء فإنه يضر.

(لا إن تغير بمقر أو ممر من أجزاء الأرض؛ كمغرة وملح، أو بما طرح منها ولو قصداً): هذا معطوف بلا النافية على مفهوم قوله ما لم يتغير إلخ. كأنه قيل: فإن تغير بما يفارقه غالباً ضر تغيره، لا إن تغير الماء بمقر الماء أو تغير بممره أي بما مر عليه حال كون المغير من أجزاء الأرض، كالمغرة بفتح الميم والملح والكبريت والتراب، فإنه لا يضر. وكذا لا يضر التغير بما طرح فيه من أجزاء الأرض كالملح أو الطفل ونحو ذلك ولو قصداً. وقول الشيخ: والأرجح: السلب بالملح ضعيف.

(أو بمتولد منه أو بطول مكث): لا يضر تغير الماء بشيء تولد منه، كالسمك والدود والطحلب بفتح اللام وضمها، وكذا إذا تغير الماء بطول مكثه من غير شيء ألقي فيه، فإنه لا يضر.

(أو بدابغ طاهر كقطران، أو بما يعسر الاحتراز منه؛ كتبن أو ورق شجر): يعني أن الجلود التي أعدت لحمل الماء كالقرب والدلاء التي يستقى بها، إذا دبغت بدابغ طاهر كالقطران والشب والقرظ، ثم وضع فيها الماء لسفر أو غيره فتغير من أثر ذلك الدابغ، فإنه لا يضر؛ لأنه كالمتغير بقراره. وكذا إذا تغير بما يعسر الاحتراز منه، كالتبن وورق الشجر الذي يتساقط في الآبار والبرك من الريح، وسواء كانت الآبار أو الغدران في البادية أو الحاضرة؛ إذ المدار على عسر الاحتراز.

وما في كلام الشيخ مما يخالف ذلك ضعيف. بخلاف ما لو تغير بالتبن أو ورق الشجر في الأواني أو بما ألقي منهما في الآبار بفعل فاعل، فإنه يضر لعدم عسر الاحتراز منه.

(ولا إن خف التغير بآلة سقي من حبل أو وعاء أو تغير بأثر بخور أو قطران كجرمه إن رسب): هذا معطوف على قوله: لا إن تغير. أي: وكذا لا يضر تغير الماء إذا كان التغير خفيفاً بآلة سقي؛ من حبل ربط به قواديس السانية، أو علقت به الدلاء أو تغير بنفس الوعاء، كالدلاء والقواديس وكذا. إذا تغير بأثر بخور بخر به الإناء ثم زال دخانه وبقي الأثر، فوضع فيه الماء، أو بأثر قطران دهن به الإناء من غير دبغ به. وكذا إذا رُمي القطران في الماء فرسب في قراره فتغير الماء به، فإنه لا يضر على الأصح. لأن القطران كانت تستعمله العرب كثيراً في الماء عند الاستقاء وغيره، فتسومح فيه؛ لأنه صار كالتغير بالمقر، وليس غير المتغير بآلة.

ــ

المثال مثله في الحاشية تبعا للأجهوري، وبحث فيه شيخنا في مجموعه بقوله قد يقال إن الإناء اكتسب الريح وهو ملاصق.

قوله: [قبل ذهاب دخان] إلخ: أي ولو بكبريت ونحوه من أجزاء الأرض كما قال (عب) واعتمده في الحاشية.

قوله: [لا إن تغير بمقر]: أي قرار أقام عليه الماء. وقوله: أو [ممر]: أي موضع مر عليه الماء ومثل ذلك أواني الفخار المحروق والنحاس إذا سخن الماء فيها وتغير.

قوله: [وقول الشيخ] إلخ: حاصله أن المتأخرين اختلفوا في الملح المطروح قصداً.

فقال ابن أبي زيد: لا ينقل حكم الماء كالتراب وهذا هو المذهب. وقال القابسي: إنه كالطعام فينقله واختاره ابن يونس وهو المشار له بقوله والأرجح إلخ.

وقال الباجي: المعدني كالتراب والمصنوع كالطعام. فهذه ثلاث طرق للمتأخرين. ثم اختلف من بعدهم: هل ترجع هذه الطرق إلى قول واحد؟ فيكون من جعله كالتراب أراد المعدني ومن جعله كالطعام أراد المصنوع؟ وحينئذ، فقد اتفقت الطرق على أن المصنوع يضر، وهذا هو الشق الأول من التردد في كلام الشيخ خليل، وهو قوله: "وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد". وأما إن كان غير مصنوع، ففيه الخلاف المشار له بقوله: [ولو قصداً] أو ترجع [١] هذه الطرق إلى ثلاثة أقوال متباينة: فمن قال: لا يضر، مراده: ولو مصنوعاً، ومن قال: يضر، مراده: ولو معدنياً. فالمصنوع فيه خلاف كغيره. وهذا هو الشق الثاني من التردد، وهو المحذوف في كلام خليل تقديره: وعدم الاتفاق، وهو صادق بالأقوال الثلاثة (انتهى من حاشية الأصل). فإذا علمت ذلك، فما قاله شارحنا هو المعول عليه. فلا ضرر بالملح ولو مطروحاً قصداً أو مصنوعاً -ما لم يكن من النبات- كما ذكره شيخنا في مجموعه.

قوله: [كالسمك] إلخ: أي حيث كان حياً فلا يضر التغير به ولو تغيرت أوصافه الثلاثة. ولو طرح قصدًا، وأما إن مات فيضر اتفاقاً، وأما خرؤه فنظر فيه الأجهوري واستظهر بعض تلامذته الضرر وبعضهم عدمه.

قوله: [والطحلب]: أي ما لم يطبخ.

قوله: [يعني أن الجلود] إلخ: لا مفهوم لها بل كل ما فيه مصلحة لأواني الماء حكمه كالدباغ لا يضر التغير به مطلقاً لوناً أو طعماً أو ريحاً [٢] فاحشاً أو لا.

قوله: [على عسر الاحتراز]: وكل هذا ما لم يكن التغير بروث المواشي والدواب وبولها وإلا ضر كما ذكره خليل وشراحه.

قوله: [ولا إن خف التغير]: لم يفرق بين البين وغيره إلا في هذه المسألة؛ وهي تغير الماء بالآلة التي يخرج بها. وفي (ابن [٣]): اعلم أن التغير إما بملازم غالباً، فيغتفر. أو بمفارق غالباً ودعت إليه الضرورة - كحبل الاستقاء؛ ففيه ثلاثة أقوال ذكرها ابن عرفة: قيل: إنه طهور وهو لابن زرقون. وقيل، ليس بطهور، وهو لابن الحاج.

والثالث لابن رشد: التفصيل بين التغير الفاحش وغيره وهو الراجح. ولذا اقتصر عليه خليل وتبعه المصنف.

قوله: [بآلة سقي]: هذا أشمل من قول المختصر حبل السانية فإنهم قالوا لا مفهوم لحبل ولا لسانية، بل متى تغير الماء بآلته ولم تكن من أجزاء الأرض يفصل فيها بين الفاحش وغيره.

قوله: [فتغير الماء به]: أي ريحه، أو ما لونه أو طعمه فيضر حيث لم يكن دباغاً كذا في الأصل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (أو ترجع) في ط المعارف: (وترجع).
[٢] قوله: (أو طعماً أو ريحاً) في ط المعارف: (وطعماً وريحاً).
[٣] في ط المعارف: (بن).

<<  <  ج: ص:  >  >>