للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أو شك في مغيره: هل يضر؟ ): يعني إذا [١] كان الماء متغيرا، وشك في مغيره، هل هو من جنس ما يضر؟ كالعسل والدم، أو هو من جنس ما لا يضر؟ كالمغرة والكبريت وطول المكث؟ فإنه لا يسلب الطهورية ويجوز التطهير به.

(أو في ماء جعل في الفم، هل تغير؟ أو فيما خلط بموافق، هل يغير لو خالف؟ ): يعني إذا جعل الماء في الفم، وحصل شك فيه هل تغير بالريق أو لا، فإنه يجوز التطهير به. وأولى إذا ظن عدم التغير. بخلاف ما إذا ظن التغير، فإنه لا يجوز التطهير به. وكذا إذا شك في الماء المخلوط بشيء موافق لأوصافه؛ كما لو خلط بمياه الرياحين المنقطعة الرائحة، هل تغيره لو كانت غير منقطعة الرائحة أو لا تغيره لقلتها وكثرة الماء؟ فإنه لا يضر، فقوله: أو في ماء جعل، عطف على قوله: في مغيره، أي أو شك في الماء الذي جعل في الفم، وقوله هل تغير؟ تفسير للشك. وكذا يقال فيما بعده.

(كتحققه على الأرجح): هذا تشبيه في عدم الضرر. يعني أن الماء المخلوط بموافق لا يضر التطهير به، ولو جزمنا بأنه لو كان ما خالط مخالفاً له لغيره على الأرجح. وجميع ما في كلام الشيخ مما يخالف هذا ضعيف عند الأشياخ.

(وحكمه كمغيره): يعني أن الماء المتغير بما يفارقه غالباً حكمه في الاستعمال وعدمه كحكم مغيره، فإن تغير بطاهر فالماء طاهر غير طهور يستعمل في غير الطهارة. وإن تغير بجنس [٢] فالماء متنجس لا يستعمل في طهارة ولا غيرها إلا في نحو سقي بهيمة أو زرع كما سيأتي.

(وكره ماء يسير استعمل في حدث،

ــ

قوله: [أو شك] إلخ: هو بالبناء للمفعول أي وقع التردد على حد سواء في هذا المغير. ومفهوم شك أنه لو ظن أو تحقق أن مغيره يضر أنه يعمل على ذلك. والوهم أولى من الشك في عدم الضرر.

فقوله: [هل يضر] تصوير لقوله: [أو شك].

قوله: [أو في ماء جعل في الفم] إلخ: حاصل ما قاله المصنف والشارح في الماء المطلق المجعول في الفم إذا حصل فيه شك، هل تغير بالريق أم لا؟ أنه لا يضر وأولى إذا ظن عدم التغير أو تحقق، بخلاف ما إذا ظن التغير فإنه لا يجوز التطهير به، وأولى إذا تحقق التغير، وهذا حمل منه للخلاف بين ابن القاسم وأشهب على اللفظي، وهو المعتمد فقول أشهب بالضرر محمول على ما إذا تحقق التغير أو ظن، وقول ابن القاسم بعدم الضرر محمول على ما إذا شك في التغير أو ظن عدمه أو تحقق.

قوله: [أو فيما خلط بموافق] إلخ: حاصل ما قاله المصنف والشارح فيما إذا خالط الماء المطلق - شيء أجنبي موافق لأوصافه كماء الرياحين المنقطعة الرائحة وماء الزرجون -بفتح الزاي- أي حطب العنب أنه لو قدر مخالفاً ولم يغيره تحقيقاً أو ظناً أو شكاً لا يضر من غير خلاف، ولو كان يغيره تحقيقاً أو ظناً لم يضر على الراجح. وأصل المسألة خمس وأربعون صورة لأن الماء المطلق إما قدر آنية الوضوء، أو أقل منها أو أكثر، وفي كل إما أن يخلط بمساو له أو أقل أو أكثر، فهذه تسع وفي كل لو قدر مخالفاً - إما أن يتحقق عدم التغير، أو يظن عدمه، أو يشك، أو يتوهم، أو يتحقق التغير. فهذه خمس مضروبة في التسع بخمس وأربعين صورة منها سبع وعشرون لا ضرر فيها قطعاً؛ وهي ما إذا تحقق عدم التغير. أو ظن عدمه، أو شك. فهذه ثلاث صور مضروبة في التسع وهي داخلة في قول المصنف، وفيما خلط بموافق، هل يغير لو خالف؟ لأن موضوعه الشك في التغير على تقدير المخالفة، فمن باب أولى تحقق العدم وظنه. والثمانية عشر الباقية حاصلة من ضرب تحقق التغير أو ظنه في التسع، داخلة في قول المصنف: [كتحققه على الأرجح]. وهذا الترجيح من المصنف اعتمده في الحاشية وذكره (شب) أيضاً تبعاً لابن عبد السلام بناء على تقدير الموافق غير مخالف. والمخالفة لا تضبط، والشريعة السمحاء تقتضي طرح ذلك. ومقابل الأرجح يقول بتقدير الموافق مخالفاً، ويحكم بالضرر عند تحقق التغير أو ظنه. وقد ارتضاه الشيخ في قراءة (عب) وتبعه شيخنا في مجموعه. وعن الشيخ أبي علي ناصر الدين: أن المخالط إذا كان نجساً فالماء نجس مطلقاً. اهـ.

قال (بن) نقلاً عن بعض الشيوخ: وهذا هو الظاهر اهـ. ولك أن تقول كلام أبي علي ظاهر حيث كان عند المخالفة يحصل التغير تحقيقاً أو ظناً. وأما لو شك في التغير فلا وجه لظهوره. وهذا الحاصل زبدة ما قالوه في هذه المسألة فليحفظ.

قوله: [وحكمه كمغيره]: جملة مستأنفة جواب عما يقال إذا كان التغير بالمفارق يسلب الطهورية فهل يجوز تناوله في العادات أو لا يجوز تناوله فيها؟ قوله: [كما سيأتي]: أي في آخر فصل الطاهر، في قوله: وجاز انتفاع بمتنجس في غير مسجد وآدمي.

قوله: [وكره ماء] إلخ: الكلام على حذف مضاف أي استعماله، وقوله: [استعمل]: صفته.

وقوله: [في حدث]: تنازعه كل من استعمال المقدر واستعمال المذكور، فكأنه قال: " وكره استعمال ماء في حدث استعمل في حدث ". وحاصل ما قاله المصنف والشارح أن الماء اليسير الذي هو قدر آنية الغسل فأقل، المستعمل في حدث، يكره استعماله في حدث بشروط ثلاثة: أن يكون يسيراً، وأن يكون استعمل في رفع حدث لا حكم خبث، وأن يكون الاستعمال الثاني في رفع حدث. فصار المأخوذ من المتن والشرح أن الماء المستعمل في حكم خبث لا يكره له استعماله، وأن الماء المستعمل في حدث لا يكره استعماله في حكم خبث. وهذا ما نقله زروق عن ابن رشد وهو خلاف ما ذكره شيخنا في مجموعه. وحاصل ما ذكره: أن الماء اليسير المستعمل في [٣] متوقف على طهور، ولو


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إذ).
[٢] في ط المعارف: (بنجنس)، ولعل الصواب: (بنجس).
[٣] زاد بعدها في ط المعارف: (حدث).

<<  <  ج: ص:  >  >>