للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الطاهر القلس بفتح القاف واللام، وهو ما تقذفه المعدة من الماء عند امتلائها. وكذا القيء طاهر ما لم يتغير عن حالة الطعام بحموضة أو غيرها، فإن تغير فنجس. ومن الطاهر المسك وفأرته وهو الجلدة المتكون فيها. وكذا الزباد [١] وكذا الخمر، إذا خلل بفعل فاعل أو حجر، أي صار كالحجر في اليبس بفعل فاعل، فإنه يصير طاهراً. وأولى لو تخلل بنفسه أو تحجر بنفسه. ومن الطاهر رماد النجس، كالزبل والروث النجسين. وأولى؛ الوقود المتنجس فإنه يطهر بالنار. وكذا دخان النجس فإنه طاهر. وما مشى عليه الشيخ ضعيف. نعم. قيد بعضهم طهارة رماد النجس بما إذا أكلته النار وانمحق معه أجزاء النجاسة، بخلاف ما إذا كان رماده له نوع صلابة فباقٍ على نجاسته، وهو ظاهر. ومن الطاهر: الدم غير المسفوح، أي الجاري من المذكى، وهو الباقي بالعروق، أو في قلب الحيوان أو ما يرشح من اللحم لأنه كجزء المذكى. وكل مذكى وجزؤه طاهر، بخلاف ما بقي على محل الذبح فإنه من باقي المسفوح فنجس. وكذا ما يوجد في بطنها بعد السلخ فإنه نجس لأنه جرى من محل الذبح إلى البطن، فهو من المسفوح. وقولي: من مذكى: قيد معتبر أهمله الشيخ.

(والنجس: ميت غير ما ذكر، وما خرج منه، وما انفصل منه أو من حي مما تحله الحياة، كقرن وظفر، وظلف [٢]، وسن، وقصب ريش، وجلد، ولو دُبغ): يعني أن النجس بفتح الجيم، أي الأعيان النجسة الذات: ميت غير الآدمي وما عطف عليه وغيره: كل بري له نفس سائلة، من غنم وبقر وحمار ولو قملة. وقيل، بطهارة ميتتها؛ لأن دمها مكتسب لا ذاتي، وهو ضعيف. نعم يعفى عما قل للمشقة. وكذا كل ما خرج من ذلك الميت بعد موته من بول ودمع ومخاط وبيض وغير ذلك نجس.

ــ

تنبيه:

يستحب غسل الثوب والبدن من فضلات المباح وإن كانت طاهرة، إما لاستقذاره أو مراعاة للخلاف؛ لأن الشافعية يقولون بنجاستها. وذكر شيخنا في مجموعه: ليس من التلفيق الذي قيل بجوازه مراعاة الشافعي في إباحة الخيل، ومالك في طهارة رجيعها، لأن مالكاً عين للإباحة أشياء فتأمل اهـ، وذكر في مجموعه أيضاً: أن فضلات الأنبياء طاهرة حتى بالنسبة لهم لأن الطهارة متى ثبتت لذات فهي مطلقة. واستنجاؤهم تنزيه وتشريع ولو قبل النبوة، وإن كان لا حكم إذ ذاك كالعصمة لاصطفائهم من أصل الخلقة.

وأن المني الذي خلقت منه الأنبياء طاهر بلا خلاف، بل جميع ما تكون منه أصول المصطفى طاهر أيضاً اهـ.

قوله: (ومن الطاهر القلس): أي ما لم يشابه في التغير أحد أوصاف العذرة. فلا تضر حموضته لخفته وتكرره. اهـ. من شيخنا في مجموعه.

قوله: [بحموضة أو غيرها] إلخ: وقيل ما لم يشابه أحد أوصاف العذرة. والمعول عليه ما قاله الشارح. وفي الحاشية: طهارة القيء تقتضي طهارة ما وصل للمعدة من خيط أو درهم. وقالوا بنجاسته كما في كبير الخرشي. وأما الذي أدخل في الدبر فنجس قطعاً كما في (ح).

قوله: [ومن الطاهر المسك] إلخ: أي ولو بعد الموت لشدة الاستحالة إلى صلاح. بخلاف البيض فاندفع ما في الحاشية اهـ من شيخنا في مجموعه.

قوله: [إذا خلل] إلخ: أي إلا لنجاسة به قبل. قوله: [أو حجر]: قيده (ح) بما إذا لم يعد إسكاره بالبل، ورده الأجهوري. وفي (عب): يطهر بالتحجير والتخليل ولو على ثوب، تابعاً في ذلك للأجهوري. واستظهره في الحاشية. وقيل: لا بد من غسله لأنه أصاب حال نجاسته، وهو ما في (شب). وحيث طهر الخمر بالتخليل والتحجير طهر إناؤه، فيستثنى مما يأتي في قوله: [وفخار بغواص]. واختلفوا في تخليلها بالحرمة لوجوب إراقتها والكراهة والإباحة. قوله: [وهو ظاهر]: ولكن المعتمد الطهارة مطلقاً، وهذا ضعيف كما قرره الشارح وغيره من أشياخنا.

قوله: [والنجس: ميت] إلخ: عطف على الطاهر إلخ لأنه لما ذكر الأعيان الطاهرة واستشعر أضدادها، فشرع يتمم الكلام عليها صراحة، وإن تقدم له بعضها صراحة وضمناً كقوله: [إلا المذر وما خرج بعد الموت]. ومفهوم قوله [من غير محرم] و [إلا المسكر]، ومفهوم قوله إن لم يستعمل النجاسة، ومفهوم قوله إن لم يتغير على حال الطعام، ومفهوم قوله خلل أو حجر ومفهوم لم يسفح.

قوله: [غير الآدمي]: وأما هو فميتته طاهرة على المعتمد كما تقدم خلافاً لابن القاسم وابن شعبان وابن عبد الحكم، والقائل بالطهارة ابن رشد نقلاً عن سحنون.

تنبيه: قد علمت أن في ميتة الآدمي الخلاف. وأما ميتة الجن فنجسة لأنه لا يلحق الآدمي في الشرف وإن اقتضى عموم «المؤمن لا ينجس» أن له ما للآدمي. ولو قيل بطهارة المسلم منهم لكان له وجه وليس الفرع نصاً قديماً اهـ شيخنا في مجموعه. قال عياض الأمر بغسل الميت وإكرامه بالصلاة عليه يأبى تنجيسه. إذ لا معنى لغسل الميتة التي هي مثل العذرة وصلاته عليه الصلاة والسلام على سهل ابن بيضاء في المسجد، وتقبيله عثمان بن مظعون بعد الموت ولو كان نجساً ما فعل النبي ذلك.

قوله: [ولو قملة]: مبالغة في قوله له نفس سائلة.

قوله: [وقيل إلخ]: هو قول سحنون.

قوله: [نعم يعفى إلخ]: فيستخف منها ثلاث في الصلاة قتلاً وحملاً بعده. ونقل ابن مرزوق عن بعض الصالحين إن احتاج لقتلها


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (وكذا الزباد) ساقط من ط المعارف.
[٢] زاد بعدها في ط المعارف: (وحافر).

<<  <  ج: ص:  >  >>