للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا كل ما انفصل منه مما تحله الحياة أو انفصل من حي مما تحله الحياة، كاللحم والعظم والعصب والقرن والظلف وهو للبقر والشاة والحافر، وهو للفرس والبغل والحمار. فأراد بالظلف ما يعم الحافر مجازاً، وهو داخل تحت الكاف. والظفر وهو للبعير والنعام والإوز والدجاج. والسن من جميع الحيوانات. ومنه ناب الفيل المسمى بالعاج، ورجح بعضهم كراهته تنزيهاً. وكذا قصب الريش من حي أو ميت وهو الذي يكتنفه الزغب. وتقدم أن الزغب طاهر كالشعر لأنه لا تحله الحياة. والجلد من حي أو ميت كذلك نجس ولو دبغ، فلا يصلى به أو عليه لنجاسته. وما ورد من نحو قوله - عليه الصلاة والسلام -: «أيما إهاب -أي جلد- دبغ فقد طهر» فمحمول على الطهارة اللغوية لا الشرعية في مشهور المذهب؛ وبعض أهل المذهب حمله على الطهارة الشرعية حملاً لألفاظ الشارع على الحقائق الشرعية، وعليه أكثر الأئمة لكنه ضعيف عندنا. وتوقف الإمام في الكيمخت، وهو جلد الحمار أو الفرس أو البغل المدبوغ. ورجح بعض المتأخرين طهارته فيستعمل في المائعات كالسمن والعسل، وتجوز الصلاة به وهو مشكل لعدم الفرق بينه وبين غيره، ثم على القول المشهور من نجاسة الجلد المدبوغ يجوز استعماله في غير المائعات كالحبوب والدقيق والخبز الغير المبلول

ــ

في المسجد ينوي ذكاتها قال (ح): كأنه بناه على قول ابن شاس من عملها في المحرم؛ فإن في "حياة الحيوان" تحريم أكلها إجماعاً. وإن بنى على قول سحنون إن القملة لا نفس لها سائلة لم يحتج لتذكية إلا زيادة احتياط.

تنبيه: إذا صارت القملة عقرباً، فالظاهر النظر لتلك العقرب. فإن كان لا نفس لها سائلة طهرت لاستحالة الحال كدود العذرة والحكم يتبع العلة اهـ شيخنا في مجموعه.

قوله: [وكذا كل ما انفصل]: أي أو تعلق بيسير جلد مثلاً.

قوله: [والعظم]: أي فتحله الحياة لظاهر قوله تعالى: {قال من يحيي العظام} [يس: ٧٨].

قوله: [والدجاج]: وما يأتي من أن الدجاج ليس من ذي الظفر فالمراد به الجلدة بين الأصابع والظفر هنا ما يقص.

قوله: [ورجح بعضهم] إلخ: أي والفرض أن الفيل غير مذكى، وإلا فلا كراهة اتفاقاً. وسبب هذه الكراهة أن العاج - وإن كان من ميتة لكنه ألحق بالجواهر النفسية في التزين، فأعطي حكماً وسطاً وهو كراهة التنزيه.

قوله: [كالشعر]: خلافاً للشافعية القائلين بنجاسة شعر الميتة ولو دبغ جلدها.

قوله: [والجلد] إلخ: من ذلك ثوب الثعبان إذا ذكي بعد تمام ما تحته لا يطهر على الأظهر، وكذا إذا سلته وهو حي ومنه أيضاً ما ينحت من الرجل بالحجر بخلاف ما نزل من الرأس عند حلقه فوسخ منعقد، فعلى القول بنجاسة ميتة الآدمي يكون نجساً، وعلى المعتمد يكون طاهراً.

قوله: [ولو دبغ]: أي بما يزيل الريح والرطوبة ويحفظه من الاستحالة. ولا يفتقر الدبغ إلى فعل فاعل، بل إن وقع في مدبغة طهر لغة. ولا يشترط إزالة الشعر عندنا وإنما يلزم إزالته عند الشافعية القائلين أنه نجس. وإن طهارة الجلد بالدبغ لا تتعدى إلى طهارة الشعر، لأنه تحله الحياة، وأما عندنا فالشعر طاهر لذاته لا تحله الحياة. فالفرو إن كان مذكى مجوسي أو مصيد كافر، قلد في لبسه في الصلاة أبو حنيفة، لأن جلد الميتة عنده يطهر بالدباغ والشعر عنده طاهر. والشافعي - وإن قال بطهارة الجلد بالدباغ - فالشعر باق على تنجيسه ومالك. وإن [١] قال بطهارة الشعر فالجلد باق على تنجيسه. فإن أراد تقليد مذهب مالك والشافعي لفق.

قوله: [اللغوية]: أي وهي النظافة.

قوله: [وتوقف الإمام في الكيمخت] إلخ: أي في الجواب عن حكم الكيمخت هل هو الطهارة أو النجاسة لقوله في المدونة: لا أدري؟ واختلف في توقفه هل يعد قولاً أو لا؟ والراجح الثاني. واعلم أن في استعماله ثلاثة أقوال: الجواز مطلقاً في السيوف وغيرها وهو لمالك في العتبية، والجواز في السيوف فقط وهو لابن المواز وابن حبيب، وكراهة استعماله مطلقاً؛ قيل هذا هو الراجح الذي رجع إليه مالك، ولكن ذكر بعضهم أن الحق أنه طاهر وأن استعماله جائز إما مطلقاً أو في السيوف لا مكروه.

قال في الأصل: وجه التوقف أن القياس يقتضي نجاسته لا سيما من جلد حمار ميت، وعمل السلف في صلاتهم بسيوفهم وجفيرها منه يقتضي طهارته. والمعتمد - كما قالوا - إنه طاهر للعمل لا نجس معفو عنه، فهو مستثنى من قولهم: جلد الميتة نجس ولو دبغ. وانظر ما علة طهارته، فإن قالوا: الدبغ، قلنا: يلزم طهارة كل مدبوغ، وإن قالوا: الضرورة، قلنا: إن سلم فهي لا تقتضي الطهارة بل العفو. وحمل الطهارة في كلام الشارع على اللغوية في غير الكيمخت وعلى الحقيقة في الكيمخت تحكم، وعمل الصحابة عليهم الرضا في جزئي يحقق العمل في الباقي. اهـ.

قوله: [وهو مشكل] إلخ: تقدم لك تقرير الإشكال عن الأصل.

قوله: [من نجاسة الجلد]: أي غير الكيمخت.

قوله: [في غير المائعات]: من ذلك لبسها في غير الصلاة والجلوس عليها في غير المسجد لا فيه، لأنه يمنع دخول النجس فيه ولو معفواً عنه.

قوله: [والدقيق]: أي من غير أن توضع الرحا عليه.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إن).

<<  <  ج: ص:  >  >>