للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للتجارة ببيعه فقال:

(وحول الربح حول أصله): فمن ملك دون نصاب ولو درهماً أو ديناراً في المحرم فتاجر فيه حتى ربح تمام نصاب، فحوله المحرم. فإن تم بعد الحول بكثير أو قليل زكاه حينئذ. وإن تم في أثنائه صبر لتمام حوله وزكاه، إلا أنه إذا زكاه بعد الحول بمدة فانتقل حوله ليوم التزكية، كمن ملك دون نصاب في المحرم فمر عليه المحرم ناقصاً، وتم النصاب في رجب: زكاه حينئذ وصار حوله في المستقبل رجباً. وذكر الثاني مشبهاً له بالأول فقال: (كغلة ما): أي شيء - من حيوان أو غيره - (اكترى) بعين (للتجارة): أي لأجلها فحولها حول أصلها وهي العين التي اكترى بها ذلك الشيء، فمن ملك نصاباً أو دونه في المحرم فاكترى به داراً أو بعيراً أو غير ذلك - للتجارة لا للسكنى ولا للركوب - ثم أكراها لغيره في رجب مثلاً بأربعين ديناراً، فإنها تزكى في المحرم لأن حولها يوم ملك أصلها أو زكاه احترز بما اكترى للتجارة عن غلة مشترى للتجارة أو مكترى للقنية - كالسكنى أو الركوب - فأكراه لأمر حدث؛ فإنه يستقبل بها حولاً بعد قبضها لأنها من الفوائد. وبالغ على أن حول الربح حول أصله بقوله: (ولو) كان الربح (ربح دين) في ذمته (لا عوض له): أي لذلك الدين (عنده) فإن حوله حول أصله وهو الدين. مثاله: من تسلف عشرين ديناراً مثلاً فاشترى بها سلعة للتجارة أو اشترى سلعة بعشرين في ذمته في المحرم، ثم باعها بعد مدة قليلة أو كثيرة بخمسين، فالربح ثلاثون تزكى لحول أصلها وهو المحرم. وأما العشرون التي هي الأصل فلا تزكى لأنها في نظير الدين إلا أن يكون عنده عوض يقابلها على ما سيأتي بيانه، ومثل ربح الدين غلة مكترى. بدين للتجارة كمن اكترى داراً سنة مثلاً بدين في ذمته لأجل معلوم كعشرة، ثم أكراها بثلاثين، فالغلة عشرون يزكيها لحول أصلها أي من يوم اكترى. ولا يزكي العشرة لأنها في نظير الدين إلا إذا كان عنده عوضها، والمتن يشمل ذلك بجعل الربح شاملاً للغلة إذ هي ربح في الحقيقة.

وذكر الثالث بقوله: (واستقبل) حولاً

ــ

له ربح، بل يستقبل بذلك. وقوله [١]: [ببيعه]: يحترز به عما لو اشترى السلعة للتجارة، ثم اغتلها بالكراء، فإنه يستقبل بذلك.

قوله: [وحول الربح حول أصله]: لم يبين المصنف أول الحول الذي يضم له وفيه تفصيل. وهو: إما أن يكون عيناً تسلفها، أو عرضاً تسلفه للتجر، أو اشتراه للقنية، ويبدو له التجر؛ فالحول في الأولى من يوم القرض. وفي الثانية من يوم التجر، وفي الثالثة من يوم الشراء، وفي الرابعة من يوم البيع، وقد نظم ذلك العلامة الأجهوري بقوله:

وحول القرض من يوم اقتراض ... إذا عيناً يكون بلا خفاء

ويوم التجر أول حول عرض ... تسلفه لتجر للغناء

ومن يكن اشترى عرضاً لتجر ... فإن الحول من يوم الشراء

وإن عرضاً لقنية اشتراه ... ويبدو التجر فيه للنماء

فأول حوله من يوم بيع ... له فاحفظ وقيت من الرداء

والمعتمد في الرابع أنه من يوم قبض ثمن العرض كما في البناني.

قوله: [فحوله المحرم]: أي فيضم لحول أصله على المشهور لا من يوم الشراء ولا من يوم الربح، ولا يستقبل به خلافاً لمن يقول بذلك كله.

قوله: [عن غلة مشترى للتجارة]: أي اشترى للتجارة في ذات المبيع فاغتله فالغلة فائدة كما قال الشارح وسيأتي.

قوله: [وبالغ على أن حول الربح] إلخ: قال في الحاشية حاصل ما في ذلك: أن المشهور كما عند ابن رشد أن الربح يضم لأصله سواء نقد الثمن أو بعضه، أو لم ينقد شيئاً وكان عنده ما يجعله في مقابلة الدين وعلى المشهور اختلف إذا لم يكن عنده شيء انتهى [٢] وفي المبالغة رد على أشهب القائل باستقباله بالربح حينئذ.

قوله: [على ما سيأتي بيانه]: أي في قوله: "إلا أن يكون له من العرض ما يفي به، إن حال حوله عنده" إلى آخر ما يأتي.

قوله: [والمتن يشمل ذلك]: أي قوله "ولو ربح دين". والحاصل أن الذي يضم لأصله أربعة أقسام: ثمن ما اشترى للتجارة، وبيع لها، وغلة ما اكترى للتجارة، واكترى [٣] بالفعل لها. وفي كل: كان الثمن من عنده، أو في ذمته، لكن إذا كان من عنده زكى الجميع لحول أصله وإن كان في ذمته زكى الربح فقط، ولا يزكي رأس المال إلا إذا كان عنده ما يجعل فيه.

مسألة: من كان بيده أقل من نصاب من العين قد حال عليها الحول عنده ثم اشترى ببعضه سلعة للتجارة وأنفق البعض الباقي بعد الشراء: فإنه إذا باع السلعة بما يتم به النصاب إذا ضم لما أنفقه، تجب عليه الزكاة. مثاله: من كان عنده عشرة دنانير حال عليه الحول فاشترى بخمسة منها سلعة للتجارة، ثم أنفق الخمسة الباقية، ثم باع السلعة بخمسة عشر، فإنه يزكي عن عشرين؛ منها الخمسة المنفقة لحولان الحول عليها مع الخمسة التي هي أصل الربح، فلو أنفق الخمسة قبل شراء السلعة فلا زكاة إلا إذا باعها بنصاب. وهذه المسألة هي معنى قول خليل: "ولمنفق بعد حلوله مع أصله وقت الشراء".


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (قوله).
[٢] في ط المعارف: (وانتهى).
[٣] في ط المعارف: (وما اكترى).

<<  <  ج: ص:  >  >>