(يزكيه ربه) -لا العامل- زكاة إدارة (كل عام) بما فيه (من غيره): لا من مال القراض لئلا ينقص على العامل والربح يجبره -وهو ضرر على العامل- لا أن يرضى بذلك (إن أدار العامل) سواء كان ربه مديراً أو محتكراً أو لا.
وذكر مفهوم الحاضر بقوله: (وصبر) ربه بلا زكاة (إن غاب) المال عن بلد ربه غيبة لا يعلم فيها حاله ولو سنين. ولا يزكيه العامل أيضاً إلا أن يأمر ربه بها فتجزيه. ويحسبها العامل على ربه من رأس المال حتى يحضر المال (فيزكي عن سنة الحضور ما) وجد (فيها) سواء زاد عما قبلها أو نقص أو ساوى.
فإن كان المال في سنة الحضور مساوياً لما مضى فأمره ظاهر، (و) إن كان فيما قبلها أزيد (سقط ما زاد قبلها) فلا زكاة فيه، لأنه لم يصل له ولم ينتفع به، وصار حكمه حكم ما لو كان في كل سنة مساوياً لسنة الحضور، فيبتدئ في الإخراج بسنة لحضور، ثم بما قبلها وهكذا. ويراعى تنقيص الأخذ النصاب.
(وإن نقص) ما قبلها عنها (فلكل) من السنين الماضية (ما فيها) كما إذا كان في الأولى مائة. وفي الثانية مائة وخمسون وفي الثالثة مائتان (وإن زاد) المال فيما قبلها تارة (ونقص) تارة أخرى، كما لو كان فيها مائتان، وفيما قبلها ثلاثمائة (قضى بالنقص على ما قبله) فيزكي في سنة الحضور عن مائتين، وعن كل ما قبلها مائة، لأن الزائد لم يصل لربه ولم ينتفع به، ولا يقضي بالنقص على ما بعده. وذكر مفهوم "إن أدار" العامل بقوله: (وإن احتكر العامل) سواء احتكر ربه أم لا
ــ
قوله: [يزكيه ربه كل عام] إلخ: هو أحد أقوال ثلاثة، وهي طريقة لابن يونس. قال في التوضيح: وهو ظاهر المذهب. والثاني - وهو المعتمد: أنه لا يزكي إلا بعد المفاصلة، ويزكي حينئذ للسنين الماضية على حكم ما يأتي في الغائب. وهذا القول هو الذي اقتصر عليه ابن رشد وعزاه لقراض المدونة والواضحة، ولرواية ابن أبي زيد ولابن القاسم وسحنون. والثالث: أنه لا يزكي إلا بعد المفاصلة ولكن لسنة واحدة كالدين، حكاه ابن بشير وابن شاس انظر التوضيح انتهى (بن) كذا في حاشية الأصل، وذكر في المجموع ما يفيد اعتماد القول الوسط أيضاً. وعلى كل حال يخرج رب المال زكاته من غيره أو منه ويحسبه على نفسه. ولم يجعلوا ذلك وزيادة في مال القراض بتوفيره، وهو ممنوع كالنقص إما اليسارة جزء الزكاة فتسامح به النفوس أو لأنه لازم شرعاً فكأنه مدخول عليه. انظر الخرشي وغيره كذا في المجموع.
قوله: [إن أدار العامل] إلخ: تقدم أن المدير لا بد في وجوب الزكاة عليه أن ينض له ولو درهماً. فهل إذا كان كل من العامل ورب المال مديراً يكفي النضوض لأحدهما؟ وإذا أدار العامل فقط فلا بد أن ينض له شيء - وهو ظاهر ما لابن عبد السلام - أم لا؟ قاله الشيخ أحمد الزرقاني، وقال اللقاني: يشترط النضوض فيمن له الحكم في الحاشية.
قوله: [ولا يزكيه العامل] إلخ: أي لاحتمال دين ربه أو موته، فإن وقع وزكاه ربه قبل علمه بحاله، فالظاهر الإجزاء. ثم إن تبين زيادة المال على ما أخرج أخرج عنها. وإن تبين نقصه عما أخرج رجع بها على الفقير إن كانت باقية بيده وبين له أنها زكاة، وإلا فلا رجوع له خلافاً لاستظهار (عب) من عدم رجوعه مطلقاً ولو كان باقياً بيده لأنه مفرط بإخراجه قبل علم قدره.
قوله: [سقط ما زاد قبلها]: ولو زكاه العامل عن ربه لم يرجع بزكاة تلك الزيادة.
قوله: [فيبتدئ في الإخراج بسنة الحضور]: اعترضه الرماصي بأن الذي قاله ابن رشد وغيره: أنه يبدأ بالأولى فالأولى، فإذا كان المال في أول سنة أربعمائة دينار. وفي الثانية ثلاثمائة، وفي الثالثة وهي سنة الحضور مائتين وخمسين. فإنه يزكي عن الأولى في المثال المذكور عن مائتين وخمسين، ويسقط عنه في السنة الثانية والثالثة ما نقصته الزكاة فيما قبلها. قلت: الظاهر كما قال بعض الشراح: إن المال واحد سواء بدأ بالأولى أو سنة الحضور. ومثل هذا يقال في بقية الصور انتهى بن. كذا في حاشية الأصل.
قوله: [ويراعي] أي في غير سنة الحضور. وكما يراعي تنقيص الأخذ النصاب يراعي أيضاً تنقيصه لجزء الزكاة. فالأول: كمن عنده أحد وعشرون ديناراً فغاب بها العامل خمس سنين، ووجدت بعد الحضور كما هي فيبدأ بالعام الأول فما بعده ويراعي تنقيص الأخذ النصاب. وحينئذ فلا يزكي عن الثالثة الباقية. والثاني: أن يكون المال في العام الأول أربعمائة، وفي الثاني ثلاثمائة، وفي عام الحضور مائتين وخمسين؛ فإذا زكى عنها لعام الحضور أخرج ستة دنانير وربعاً، وزكى عن العام الذي قبله عن مائتين وخمسين إلا ستة وربعاً التي أخرجها زكاة، وعن العام الأول عن مائتين وثمانية وثلاثين إلا ربعاً ونحو العشر، قال (بن): ولا يقال إن اعتبار تنقيص الأخذ النصاب أو لجزء الزكاة مقيد بما إذا لم يكن له ما يجعل في مقابلة دين الزكاة - وإلا فيزكي عن الجميع كل عام كما هو المعهود - لأنا نقول: لا يجري ذلك هنا، لأن هذا لم يقع فيه تفريط فلم يتعلق بالذمة بل بالمال، فيعتبر نقصه مطلقاً. نقله محشي الأصل.
قوله: [قضى بالنقص على ما قبله]: هذا ظاهر فما إذا تقدم الأزيد على الأنقص كما في مثال الشارح. وأما إن تقدم الأنقص على الأزيد؛ كما لو كان في سنة الحضور أربعمائة، وفي التي قبلها خمسمائة؛ وفي التي قبلها مائتين، فإنه يزكي أربعمائة