للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وعامل عليها): أي على الزكاة؛ (كساع وجاب): وهو الذي يجبي الزكاة (ومفرق) وهو القاسم، وكاتب وحاشر: وهو الذي يحشر -أي يجمع- أرباب المواشي للأخذ منهم.

(ولو) كان العامل (غنياً): لأنه يأخذ منها بوصف العمل لا بوصف الفقر (إن كان كل) من الفقير وما بعده (حراً مسلماً غير هاشمي): فلا يجزئ لعبد أو كافر أو هاشمي: أي من بني هاشم بن عبد مناف، لأن آل البيت تحرم عليهم الزكاة لأنها أوساخ الناس، ولهم في بيت المال ما يكفيهم. وأما بنو المطلب أخو هاشم فليسوا عندنا من آل البيت فيعطون منها، قال بعضهم: إذا حرموا حقهم من بيت المال وصاروا فقراء جاز أخذهم وإعطاؤهم منها كما هو الآن. ويشترط في العامل ما ذكر وأن يكون عدلاً عالماً بأحكامها؛ فلا يستعمل عليها عبد ولا كافر ولا هاشمي ولا فاسق ولا جاهل بأحكامها

(ومؤلف) قلبه قال تعالى: {والمؤلفة قلوبهم} [التوبة: ٦٠]: وهو (كافر) يعطى منها (ليسلم) أي لأجل أن يسلم، وقيل: وهو مسلم قريب عهد بإسلام يعطى منها ليتمكن من الإسلام.

ــ

وأما من له منفق ينفق عليه تطوعاً فله أخذها كما ذكره (ح)، لأن للمنفق المذكور قطع النفقة، ولا فرق بين كون ذلك المنفق المتطوع قريباً أو أجنبياً. والحاصل [١]: من كانت نفقته لازمة لمليء لا يعطى اتفاقاً، وإن تطوع بها مليء ففيها أربعة أقوال: قيل يجوز له أخذها وتجزئ ربها مطلقاً، وهو الذي في (ح) وهو المعتمد، وقيل لا تجزئ مطلقاً وهو لابن حبيب، وقيل: لا تجزئ إن كان المنفق قريباً وتجزئ إن كان أجنبياً وهو ما نقله الباجي، وقيل: إنها تجزئ مطلقاً لكن مع الحرمة وهو ما نقله ابن أبي زيد.

فائدة: نقل (ح) عن البرزلي عن بعض شيوخه أن من كان عنده يتيمة، يجوز له أن يشورها من الزكاة بقدر ما يصلحها من ضروريات النكاح، والأمر الذي يراه القاضي حسناً في حق المحجور. (اهـ. بن نقله محشي الأصل).

قوله: [وحاشر]: اعترض بأن السعاة عليهم أن يأتوا أرباب الماشية وهم على المياه ولا يقعدون في قرية ولا يبعثون لأربابها إذ لا يلزمهم السير لقرية أخرى؛ وحينئذ فلا حاجة للحاشر؟ وأجيب: بأن مراد الشارح -كما قاله غيره- أنه هو الذي يجمع أرباب الأموال من مواضعهم في قريتهم إلى الساعي بعد إتيانه إليها، فتحصل أن العامل عليها يصدق بالساعي والجابي والمفرق والكاتب والحاشر، لا راع وحارس، لأن الشأن عدم احتياج الزكاة لهما لكونها تفرق غالباً عند أخذها، بخلاف من ذكر فإن شأن الزكاة احتياجها إليهم، فإن دعت الضرورة لراع أو الحارس للمواشي المجموعة فأجرتهم من بيت المال مثل حارس الفطرة.

قوله: [لأنه يأخذ منها بوصف العمل]: ولذلك إذا كان فقيراً يأخذ بوصف الفقر أيضاً كما قال خليل، وأخذ الفقير بوصفيه وكذا يقال في كل من جمع بين وصفين فأكثر.

قوله: [إن كان كل من الفقير وما بعده] إلخ: أي ما عدا المؤلفة قلوبهم. كما هو معلوم. واعلم أن الحرية والإسلام وعدم كونه هاشمياً شرط في صحة أخذ الزكاة. وأما اشتراط كون العامل عدلاً عالماً بأحكامها الآتيين في الشرح فيهما [٢] شرط لصحة كونه عاملاً؛ فلو كان هاشمياً أو عبداً، وكان عدلاً عالماً بأحكامها نفذت توليته ولكن لا يعطى منها بل يعطى أجرة مثله من بيت المال.

قوله: [فليسوا عندنا من آل البيت]: أي على الراجح.

قوله: [قال بعضهم إذا حرموا حقهم] إلخ: قال في الحاشية تنبيه محل عدم إعطاء بني هاشم إذا أعطوا ما يستحقونه من بيت المال، فإن لم يعطوه وأضر بهم الفقر أعطوا منها، وإعطاؤهم أفضل من إعطاء غيرهم، قال في الخصائص وظاهره: وإن لم يصلوا إلى إباحة أكل الميتة. وقيد الباجي إعطاءهم بوصولهم لها ولعله الظاهر أو المتعين، كذا في (عب). أقول قد ضعف اليقين في هذه الأعصار المتأخرة؛ فإعطاء الزكاة لهم أسهل من تعاطيهم خدمة الذمي والفاجر والكافر اهـ. وأما صدقة التطوع فهي للآل جائزة على المعتمد. فائدة: الهاشمي من لهاشم عليه ولادة: كأولاد العباس وحمزة وأبي طالب وأبي لهب وأولاد فاطمة فتحرم على الجميع الزكاة، ويجوز لهم لبس الشرف. ومن كانت أمه منهم فقط ليس بآل فتجوز له الزكاة ويجوز له لبس الشرف على ما اعتمده الأجهوري في شرحه، لأن له نسبة بهم على كل حال، ففي الحديث: «ابن أخت القوم منهم» وورد أيضاً: «الخال أب»، وورد أيضاً: «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس»، فلذلك جاز له لبس الشرف ليحترم، ثم إن لبس الشرف هذا حادث في زمن السلطان الأشرف وكان قبل ذلك لا يعرف الشريف من غيره، فأحدث لهم ذلك السلطان ليتميزوا عن غيرهم فصار شعارهم فلبسه من غير نسبة حرام.

قوله: [ليسلم]: هذا القول لابن حبيب ومقابله لابن عرفة، قال خليل وحكمه باق أي لم ينسخ، لأن المقصود من دفعها إليه ترغيبه في الإسلام لأجل إنقاذ مهجته من النار لا لإعانته لنا حتى يسقط بفشو الإسلام. وقيل إنه منسوخ بناء على أن العلة إعانتهم لنا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (أن).
[٢] في ط المعارف: (فيهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>