للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وكره حفر قبره): أي الجاهلي لأنه مما يخل بالمروءة (والطلب فيه) علة لما قبله، فإنهم كانوا يدفنون الأموال مع أمواتهم.

(و) إن وقع (خمس) لأنه ركاز (وباقيه): أي الركاز (للمالك الأرض) بإحياء أو بإرث منه لا لواجده ولا لمالكها بشراء أو هبة، بل للبائع الأصلي أو الواهب. فإن علم، وإلا فلقطة، وقيل: لمالكها في الحال مطلقاً، وأما باقي الندرة فكالمعدن لمخرجه بإذن الإمام.

(وإلا) تكن الأرض مملوكة (فلواجده ودفن مسلم أو ذمي لقطة) كالموجود من مالهما على ظهر الأرض يعرف سنة إذا لم يعلم ربه أو وارثه. فإن قامت القرائن على توالي الأعصار عليه بحيث يعلم أن ربه لا يمكن معرفته ولا معرفة وارثه في هذا الأوان. فهل ينوي تملكه؟ أو يكون محله بيت مال المسلمين؟ لقولهم: كل مال جهلت أربابه فمحله بيت المال؟ وهو الظاهر بل المتعين.

(وما لفظه) بالفاء والظاء المعجمة: أي طرحه (البحر) مما لم يتقدم ملك أحد عليه (كعنبر) ولؤلؤ ومرجان وسمك (فلواجده) الذي وضع يده عليه أولاً (بلا تخميس)، لأن أصله الإباحة. فلو رآه جماعة فتدافعوا عليه فجاء آخر فوضع يده عليه فهو له دون المتدافعين.

(فإن تقدم عليه) أي على ما لفظه البحر (ملك) لأحد (فإن كان) من تقدم له ملك (حربياً فكذلك): أي فهو لواجده لكنه يخمس لأنه من الركاز، فالتشبيه ليس بتام بدليل ما بعده، ومراده بالحربي المتحقق حرابته وإلا فما بعده يغني عنه أي قوله؛ (و) إن كان من تقدم ملكه (جاهلياً) أي غير مسلم وذمي (ولو بشك) في جاهليته وغيرها (فركاز) يخمس والباقي لواجده.

(وإلا) بأن علم أنه لمسلم أو ذمي (فلقطة) يعرف. ولا يجوز تملكه ابتداء خلافاً لبعضهم.

فصل: في بيان مصرفها [١]

وهو من شروط صحتها، كالإسلام

(ومصرفها): أي محل صرفها أي من تصرف. أي من تعطى له. (فقير لا يملك قوت عامه، ولو ملك نصاباً): فيجوز الإعطاء له وإن وجبت عليه.

(ومسكين لا يملك شيئاً) فهو أحوج من الفقير.

ــ

تصاوير الذهب والفضة فلواجده مخمساً، واقتصر على [٢] الدفن لأنه الغالب.

هذا إذا تحقق أنه مال جاهلي، بل وإن شك في ذلك: بأن لا يكون عليه علامة أصلاً أو علامة وطمست. لأن الغالب أن المدفون من فعلهم، وأما ما عليه علامة الإسلام أو الذمي فلقطة كما سيأتي.

قوله: [وكره حفر قبره]: إنما كره لأن ترابهم نجس وخيف أن يصادف قبر صالح، وأما نبش قبر المسلم لغير ضرورة مما تقدم فحرام. وحكم ما يوجد حكم اللقطة.

قوله: [لقطة]: أي على حكمها وفي (بن) عن المدونة أن مال الذمي ينظر فيه الإمام وليس لقطة.

قوله: [بالفاء]: أي المفتوحة.

قوله: [ولا يجوز تملكه ابتداء]: أي ما لم تقم القرائن على توالي الأعصار عليه وإلا فهو عين ما نظر فيه.

تتمة: في الحطاب وكبير التتائي الخلاف فيمن ترك شيأه فأخذه غيره: هل هو لربه؟ حتى لو رماه الآخذ في كالجب ثانياً ضمنه، وليس له إلا أجرة تخليصه أو نفقته على الدابة، أو لآخذه مطلقاً؟ أو إن تركه ربه معرضاً عنه بالمرأة [٣] أو الدابة في محل مجدب؟ فانظره كذا في المجموع.

[فصل في بيان مصرفها [٤]]

قوله: [ومصرفها]: المصرف اسم مكان لا مصدر؛ لأن الأصناف اسم محل الزكاة فلذلك قال: "أي محل صرفها". وفي كلامه لطيفة: وهي الإشارة إلى أن اللام الواقعة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة: ٦٠] إلخ، لبيان المصرف عند المالكية لا للاستحقاق والملك، وإلا لكان يشترط تعميم الأصناف.

قوله: [لا يملك قوت عامه]: الأولى أن يقول هو من يملك شيئاً لا يكفيه عامه، وإلا فكلامه يقتضي أن الفقير أعم من المسكين وليس كذلك بل بينهما تباين حيث ذكرا مع بعضهما. وهو معنى قول بعضهم إذا اجتمعا افترقا، بخلاف ما لو اقتصر على أحدهما كما في قوله تعالى: {فإطعام ستين مسكينا} [المجادلة: ٤]، فالمراد به ما يشمل الفقير وهو معنى قول بعضهم وإذا افترقا اجتمعا تأمل.

قوله: [فهو أحوج] إلخ: أفهم كلامه أن الفقير والمسكين صنفان متغايران كما علمت، خلافاً لمن قال إنهما صنف واحد. وتظهر ثمرة الخلاف فيما إذا أوصى بشيء للفقراء دون المساكين أو العكس: فهي صحيحة على الأول دون الثاني. وإذا ادعى شخص الفقر أو المسكنة ليأخذ من الزكاة فإنه يصدق بلا يمين إلا لريبة بأن يكون ظاهره يخالف ما يدعيه، فإنه لا يصدق إلا ببينة وهل يكفي الشاهد واليمين أو لا بد من الشاهدين؟ كما ذكروه في دعوى المدين العدم ودعوى الولد العدم، لأجل نفقة والديه. وعلى أنه لا بد من شاهدين فهل يحلف معهما؟ كما في المسألتين المذكورتين أو لا يحلف؟ كما في مسألة دعوى الوالد العدم لأجل أن ينفق عليه ولده. كذا في الحاشية.

تنبيه: من لزمت نفقته ملياً أو كان له مرتب في بيت المال يكفيه، لا يعطي منها. وظاهر كلامهم: ولو كان ذلك المليء لم يجر النفقة بالفعل، وهو كذلك؛ لأنه قادر على أخذها منه بالحكم.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (مصرف الزكاة).
[٢] في ط المعارف: (عن).
[٣] في ط المعارف: (بالمرة).
[٤] قوله: (في بيان مصرفها) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>