للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لا إن ضاع أصلها) بعد الوجوب وبقيت هي فلا تسقط، ووجب عليه إخراجها فرط أم لا، ولا إن عزلها قبل الوجوب فضاعت أو تلفت فيضمن أو يعتبر الباقي. ولا إن عزلها بعده وفرط بأن أمكن الأداء فلم يؤد، أو وضعها في غير حرزها فيضمن.

(وزكى مسافر) في البلد التي هو بها [١] (ما معه) من المال وإن دون نصاب، (وما غاب) عنه (إن لم يكن) هناك (مخرج) عنه بتوكيل؛ لأن العبرة بالمالك. فإن كان هناك مخرج زكى ما معه فقط (ولا ضرورة) عليه من نحو إنفاق فيما يخرجه عن الغائب، وإلا أخر حتى يصل لبلده، فالمراد بالضرورة: الحاجة.

(وأخذت) الزكاة ممن تجب عليه حيث امتنع من أدائها (كرها) بضم الكاف وفتحها (وإن بقتال)، وتجزئ نية الإمام أو من يقوم مقامه عن نيته، بخلاف ما لو سرق مستحق بقدرها فلا تكفي لعدم النية.

فصل: في زكاة الفطر

ــ

وقيل: خمسة، وقيل: عشرة. وهذا التقديم المجزئ مع الكراهة سواء كان لأربابها أو لوكيل يوصلها له.

قوله: [لا إن ضاع أصلها]: أي دونها؛ وذلك بأن عزل الزكاة من ماله بعد الحول، ثم ضاع المال الذي هو أصلها وبقيت هي كما قال الشارح.

قوله: [فرط]: حاصله: أنه إذا حل الحول وأخر تفرقتها عن الحول - مع تمكنه من التفرقة - فتلفت، سواء تلف أصلها أم لا، فإنه يضمن الزكاة لتفريطه.

قوله: [أو وضعها في غير حرزها]: أي إذا لم يجد فقراء يأخذونها فوضعها في غير حرزها، فيضمن إن ضاعت وأما لو وجد مستحقيها وأخرها عنهم فإنه يضمن إن ضاعت ولو في حرزها. ومن ذلك الذين يكنزون الأموال السنين العديدة ثم تأتيها جائحة فإن زكاة السنين الماضية متعلقة بذممهم لا يخلصون منها إلا بأدائها.

قوله: [وزكى مسافر]: مفهومه أن الحاضر يزكي ما حضر وما غاب من غير تأخير مطلقاً، ولو دعت الضرورة لصرف ما حضر بخلاف المسافر، فإنه لا يزكيهما إلا بالشرطين.

قوله: [وما غاب عنه]: هذا شامل للماشية إذا لم يكن لها ساع، وأما إن كان لها ساع فإنها تزكى في محلها فلا يشملها كلامه، وما ذكره المصنف من أن المسافر يزكي ما غاب عنه بالشرطين ولا يؤخر زكاته حتى يرجع له، أحد قولي مالك. وقال أيضاً: إنه يؤخر زكاته اعتباراً بموضع المال. ويتفرع على الخلاف في اعتبار موضع المال أو المالك: ما لو مات شخص ولا وارث له إلا بيت المال ببلد سلطان وماله ببلد سلطان آخر. والذي في أجوبة ابن رشد: أن ماله لمن مات ببلده.

قوله: [ولا ضرورة عليه]: وينفي الضرورة وجود مسلف يمهله لبلده.

قوله: [وإلا أخر]: أي وإلا فإن اضطر أخر الإخراج عن الحاضر معه والغائب حتى: يرجع لبلده.

قوله: [وأخذت الزكاة]: أي إن كان له مال ظاهر، فإن كان ليس له مال ظاهر - وكان معروفاً بالمال - فإنه يحبس حتى يظهر ماله. فإن ظهر بعض المال واتهم في إخفاء غيره فقال مالك: يصدق ولا يحلف إنه ما أخفى وإن اتهم، وأخطأ من يحلف الناس.

قوله: [وإن بقتال]: أي ولا يقصد قتله، فإن اتفق أنه قتل أحداً قتل به وإن قتله أحد كان هدراً. ويؤدب الممتنع من أدائها بعد أخذها منه كرهاً إن لم يقاتل حالة الأخذ وإلا كفى في الأدب.

قوله: [وتجزئ نية الإمام]: أي ويجب دفعها له إن كان عدلاً في صرفها. وأخذها. وإن كان جائراً في غيرها - إن كانت ماشية أو حرثاً، بل وإن كانت عيناً. فإن طلبها العدل وادعى إخراجها لم يصدق. وتقدم أنها لا تدفع للجائر في صرفها، بل الواجب جحدها والهروب بها، فإن أخذها كرهاً أجزأت.

قوله: [بخلاف ما لو سرق مستحق] إلخ: يؤخذ منه أن الفقراء ليس لهم المقاتلة عليها إلا بإذن السلطان أو نائبه لتوقف الزكاة على نيته أو نية المالك، ولو جاز لهم المقاتلة عليها بغير إذن السلطان أو نائبه لأدى إلى الفساد في الأرض.

تتمة: إن غر عبد بحرية فدفعت له الزكاة فظهر رقه فجناية في رقبته إن لم توجد معه على الأرجح؛ فيخير سيده بين فدائه وإسلامه فيباع فيها. واختلف في جواز دفعها لمدين عديم ثم أخذها منه في دينه حيث لم يتواطأ عن ذلك؟ قولان على حد سواء. وإن دفعت لغريب محتاج لما يوصله أو لغاز، ثم ترك كل السفر لما دفعت الزكاة لأجله نزعت منهما إلا بوصف الفقر كالغريم إذا استغنى، بأن ظهر لنا قدرته على وفاء الدين من غيرها فيجب نزعها على ما اختاره اللخمي.

[فصل في زكاة الفطر [٢]]

لما أنهى الكلام على زكاة الأموال أتبعه بالكلام على زكاة الأبدان وهي زكاة الفطر. واختلف في وجه إضافتها للفطر، فقيل: من الفطرة وهي الخلقة لتعلقها بالأبدان، وقيل لوجوبها بالفطر. وحكمة مشروعيتها الرفق بالفقراء في إغنائهم عن السؤال ذلك اليوم. وأركانها أربعة: المخرج بكسر الراء،


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (التي هو بها) في ط المعارف: (الذي هو به).
[٢] قوله: (في زكاة الفطر) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>