للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي أن النية ركن. ودخل المكره في العاجز (بكمال شعبان): أي يجب ويتحقق بكماله ثلاثين يوماً.

(أو برؤية عدلين): وأولى أكثر؛ فيجب على كل من أخبراه بها الصوم، وإن لم يرفعا لحاكم، ويجب عليهما الرفع إذا لم يره غيرهما كما يأتي.

(فإن) ثبت برؤيتهما و (لم يُر) الهلال: أي هلال شوال (بعد ثلاثين) يوماً لغيرهما - حال كون السماء (صحواً) لا غيم بها ليلة الإحدى والثلاثين (كذبا) في شهادتهما برؤية رمضان، فيجب تبييت الصوم. وقولنا: "لغيرهما": احتراز مما إذا شهدا برؤية شوال فإنه لا يقبل منهما لاتهامهما على ترويج شهادتهما الأولى.

(أو) برؤية (جماعة مستفيضة) وإن لم يكونوا عدولاً وهي التي يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب؛ أي كل واحد يدعيها، لا أنه يدعي السماع من غيره كما يقع لكثير من العوام، ولا يشترط فيهم العدالة ولا الذكورة والحرية.

(أو) برؤية (عدل) بالنسبة (لمن لا اعتناء لهم به): أي بالهلال كانوا أهله أم لا.

(ولا يحكم به): أي برؤية العدل؛ أي لا يجوز للحاكم أن يحكم بثبوت الهلال برؤية عدل فقط عندنا، ولا يلزم الصوم إن حكم به إلا لمن لا اعتناء لهم بشأن الهلال (فإن حكم به مخالف) لنا يرى ذلك (لزم) الصوم، وعم (على الأظهر) من أحد الترددين.

(وعم) الصوم سائر البلاد والأقطار ولو بعدت (إن نقل عن المستفيضة أو) عن (العدلين بهما) أي بالمستفيضة أو العدلين.

ــ

أي ومثله الزمان القابل للصوم.

قوله: [وسيأتي أن النية ركن]: ومثلها الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، ولكن جعلها الأجهوري في نظمه من شروط الصحة حيث قال:

شرائط لأداء الصوم نيته ... إسلامنا وزمان للأدا قبلا

كالكف عن مفطر شرط الوجوب له ... إطاقة وبلوغ هكذا نقلا

أما النقاء وعقل فهو شرطهما ... دخول شهر صيام مثل ذا جعلا

قوله: [ويتحقق]: أي في الخارج سواء حكم بثبوته حاكم أم لا. ومثل كماله؛ كمال ما قبله وهو رجب وكذا [١] ما قبل رجب وهذا إن غم بأن كانت السماء ليلة ثلاثين مغيمة، وأما إذا كانت مصحية فلا يتوقف ثبوته على الإكمال ثلاثين، بل تارة يثبت بذلك إن لم ير الهلال وتارة يثبت برؤية الهلال.

قوله: [أو برؤية عدلين]: هذا إذا انفردا بالرؤية في غيم ولو بصحو في بلد صغير أو كبير هو قول مالك وأصحابه، بل ولو ادعيا الرؤية في الجهة التي وقع الطلب فيها من غيرهما.

قوله: [كما يأتي]: أي من وجوب الرفع على العدل والمرجو.

قوله: [لا غيم بها]: حاصله أن تكذيبهما مشروط بأمرين: عدم رؤيته لغيرهما ليلة إحدى وثلاثين، وكون السماء صحواً في تلك الليلة. فلو رآه غيرهما ليلة إحدى وثلاثين أو لم يره أحد وكانت السماء غيماً لم يكذبا. ومثل العدلين في كونهما يكذبان بالشرطين المذكورين، ما زاد عليهما ولم يبلغ المستفيضة. وأما المستفيضة فلا يتأتى فيهم ذلك لإفادة خبرهم القطع، قال أشياخنا والظاهر أنه إن فرض عدم الرؤية بعد الثلاثين من إخبارهم دل على أن الاستفاضة لم تتحقق فيهم، وحينئذ فيكذبون، وحيث كذب العدلان ومن في حكمهما فالنية الحاصلة في أول الشهر صحيحة للعذر ولخلاف الأئمة، لأن الشافعي لا يقول بتكذيب العدلين ويعتمد في الفطر على رؤيتهما أولاً. وظاهر كلام المصنف: أنهما يكذبان ولو حكم بشهادتهما حاكم حيث كان مالكياً، أما لو كان الحاكم بها شافعياً لا يرى تكذيبهما فإنه يجب عليه الفطر اعتماداً على رؤيتهما الأولى بناء على قول ابن راشد الآتي.

قوله: [مستفيضة]: أي منتشرة.

قوله: [وهي التي يستحيل] إلخ: اعلم أن المستفيضة وقع فيها خلاف؛ فالذي ذكره ابن عبد السلام والتوضيح: أنه المحصل خبره العلم أو الظن، وأن لم [٢] يبلغوا عدد التواتر. والذي لابن عبد الحكم: أن الخبر المستفيض هو المحصل للعلم لصدوره ممن لا يمكن تواطؤهم على باطل لبلوغهم عدد التواتر، واقتصر على هذا ابن عرفة والأبي والمواق وكذا شارحنا، فقول الشارح: يستحيل عادة تواطؤهم: أي لبلوغهم عدد التواطؤ [٣]، وهذا هو الحق؛ وإلا فخبر العدلين يفيد الظن.

قوله: [كانوا أهله أم لا]: هذا هو المعتمد.

والحاصل أن رؤية الواحد كافية في محل لا اعتناء فيه بأمر الهلال ولو امرأة أو عبداً، لكن يشترط أن يكون ممن تثق النفس بخبره وتسكن به لعدالة المرأة وحسن سيرة العبد كذا في الحاشية.

قوله: [على الأظهر] إلخ: حاصله أن المخالف إذا حكم بثبوت شهر رمضان بشهادة شاهد فهل يلزم المالكي الصوم بهذا الحكم؟ لأنه حكم وقع في حكم يجوز فيه الاجتهاد وهو العبادات - وهذا قول ابن راشد القفصي. أو لا يلزم المالكي صومه؟ لأنه إفتاء لا حكم، لأن حكم الحاكم لا يدخل العبادات، وحكمه فيها يعد إفتاء فليس للحاكم أن يحاكم بصحة صلاة أو بطلانها وإنما يدخل حكمه حقوق العباد من معاملات وغيرها، وهذا قول القرافي وهو الراجح عند الأصوليين، وللناصر اللقاني قول ثالث: وهو أن حكم الحاكم يدخل العبادات تبعاً لا استقلالاً؛ فعلى هذا إذا حكم الحاكم


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كذا).
[٢] ليست في ط المعارف.
[٣] في ط المعارف: (التواتر).

<<  <  ج: ص:  >  >>