للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا يجزئه) صومه عن رمضان إن ثبت أنه منه وقيل يحرم صومه لذلك.

(وصيم) أي جاز صومه (عادة) أي لأجل العادة التي اعتادها بأن كان عادته سرد الصوم تطوعاً أو كان عادته صوم يوم كخميس فصادف يوم الشك (وتطوعاً) بلا اعتياد (وقضاء) عن رمضان قبله (وكفارة) عن يمين أو غيره

(ولنذر صادف) كما لو نذر يوماً معيناً أو يوم قدوم زيد فصادف يوم الشك.

(فإن تبين) بعد صومه لما ذكر (أنه من رمضان لم يجزه) عن رمضان الحاضر ولا غيره من القضاء وما بعده. (وقضاهما): أي رمضان الحاضر والقضاء أو الكفارة (إلا الأخير) أي النذر المصادف. (فرمضان) يقضيه (فقط) دون النذر لتعين وقته وقد فات. (وندب إمساكه): أي يوم الشك أي الكف فيه عن المفطر (ليتحقق) الحال.

(فإن ثبت) رمضان (وجب) الإمساك لحرمة الشهر ولو لم يكن أمسك أولاً (وكفر): أي يجب عليه الكفارة مع القضاء (إن انتهك) حرمته بأن أفطر عالماً بالحرمة. ووجوب الإمساك ومفهوم "انتهك" أنه إذا تناول المفطر [١] متأولاً فلا كفارة عليه.

(و) ندب (إمساك بقية اليوم لمن أسلم) فيه.

(و) ندب له (قضاؤه) ولم يكن [٢] ترغيباً له في الإسلام.

(بخلاف من زال عذره المبيح): أي الذي يبيح (له الفطر مع العلم برمضان؛ كصبي بلغ) بعد الفجر (ومريض صح ومسافر قدم) نهاراً وحائض أو نفساء طهرتا نهاراً، ومجنون أفاق ومضطر لفطر عن عطش أو جوع؛ فلا يندب له الإمساك بقية اليوم وحينئذ (فيطأ) الواحد منهم (امرأة) له من زوجة أو أمة (كذلك): أي زال عذرها المبيح لها الفطر مع العلم برمضان بأن قدمت معه من السفر أو طهرت من حيض أو نفاس أو بلغت نهاراً أو أفاقت من جنون. واحترز بقوله: "مع العلم برمضان" عن الناسي، ومن أفطر يوم الشك؛ فإنه يجب عليهما الإمساك بعد زوال العذر، لكن يرد المكره؛ فإنه يعلم برمضان، ويجب عليه الإمساك بعد زوال الإكراه؟ ويجاب بأن المراد بالمبيح اختياراً ولا اختيار للمكره. ويرد على مفهومه المجنون؛ فإنه لا علم عنده كالناسي، ولا يندب له الإمساك إذا أفاق.

(و) ندب لمن عليه شيء من رمضان (تعجيل القضاء و) ندب (تتابعه) أي القضاء (ككل صوم لا يجب تتابعه): ككفارة اليمين والتمتع وصيام جزاء الصيد، فيندب تتابعه

(و) ندب للصائم (كف لسان وجوارح) عطف عام على خاص (عن فضول) من الأقوال والأفعال التي لا إثم فيها.

(و) ندب (تعجيل فطر) قبل الصلاة بعد تحقق [٣] الغروب، وندب كونه على رطبات

ــ

فصبيحته يوم الشك لاحتمال وجود الهلال وأن الشهر تسعة وعشرون، وإن كنا مأمورين بإكمال العدد. وقال الشافعي: الشك أن يشيع على ألسنة من لا تقبل شهادته رؤية الهلال ولم يثبت، ورد بأن كلامهم لغو وإن استقر به ابن عبد السلام والإنصاف أن في كل منهما شكاً اهـ.

قوله: [ولا يجزئه صومه عن رمضان]: أي لعدم جزم النية.

قوله: [وقيل يحرم صومه لذلك]: أي أخذاً من ظاهر الحديث: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم»، وأجيب بأن المقصود الزجر لا التحريم.

قوله: [وتطوعاً]: أي على المشهور خلافاً لابن مسلمة القائل بكراهة صومه تطوعاً. ويؤخذ من قوله "تطوعاً" جواز التطوع بالصوم في النصف الثاني من شعبان خلافاً للشافعية القائلين بالكراهة، واستدلوا بحديث: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه» أي فيستمر فيه على ما كان. وأجاب القاضي عياض بأن النهي في الحديث محمول على التقديم بقصد تعظيم الشهر.

قوله: [ولنذر صادف]: أي وأما لو نذر صومه تعييناً بأن نذر صوم يوم الشك من حيث هو يوم شك فإنه لا يصومه لأنه نذر معصية - انظر (ح). وقال شيخ المشايخ العدوي: الحق أنه يلزمه صومه ألا ترى أنه يجوز صومه تطوعاً وإن لم يكن عادة له؟

قوله: [ليتحقق الحال]: أي لا لتزكية شاهدين كما لو شهد اثنان برؤية الهلال واحتاج الأمر إلى تزكيتهما، فإنه لا يستحب الإمساك لأجل التزكية إذا كان في الانتظار طول، وأما إن كان ذلك قريباً فاستحباب الإمساك متعين بل هو آكد من الإمساك في الشك.

قوله: [فلا كفارة عليه]: أي لأنه من التأويل القريب.

قوله: [ويرد على مفهومه المجنون]: وأجيب بجواب آخر عن كل من المكره والمجنون: بأن فعلهما قبل زوال العذر لا يتصف بإباحة ولا غيرها، فلا يدخلان في منطوق ولا مفهوم.

قوله: [كف لسان وجوارح]: أي يتأكد أكثر من المفطر، ومما ينسب لابن عطية كما في المجموع:

لا تجعلن رمضان شهر فكاهة ... كيما تقضي بالقبيح فنونه

واعلم بأنك لن تفوز بأجره ... وتصومه حتى تكون تصونه

قوله: [وندب تعجيل فطر]: أي ويندب أن يقول: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت»، وفي حديث: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله»، وفي رواية يقول قبل وضع اللقمة في الفم: «يا عظيم ثلاثاً أنت إلهي لا إله غيرك اغفر لي الذنب العظيم فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم».

قوله: [قبل الصلاة]: أي المغرب كما قال مالك لأن تعلق القلب به


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الفطر).
[٢] في ط المعارف: (يجب)، ولعلها الصواب.
[٣] في ط المعارف: (تحقيق).

<<  <  ج: ص:  >  >>