للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) كره له (مقدمة جماع ولو فكراً أو نظراً) لأنه ربما أداه للفطر بالمذي أو المني وهذا (إن علمت السلامة) من ذلك وإلا حرم.

(و) كره له (تطوع) بصوم (قبل) صوم (واجب غير معين) كقضاء رمضان وكفارة، فإن كان معيناً بيوم كنذر معين حرم التطوع فيه

(و) كره (تطيب نهاراً و) كره (شمه) أي الطيب ولو مذكراً نهاراً.

(وركنه) أي الصوم أمران:

أولهما: (النية): اعلم أنهم عرفوا الصوم بأنه الكف عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر لغروب الشمس بنية؛ فالنية ركن والإمساك عما ذكر ركن ثان والشيخ رحمه الله تسمح فجعل كلاً منهما شرط صحة، والشرط ما كان خارج الماهية، والركن ما كان جزءاً منها، فإذا كانا شرطين كانا خارجين عن الماهية مع أنهما نفسها، فالنية ركن.

(وشرطها): أي شرط صحتها (الليل): أي إيقاعها فيه من الغروب إلى آخر جزء منه، (أو) إيقاعها (مع) طلوع (الفجر) ولا يضر ما حدث بعدها من أكل أو شرب أو جماع أو نوم؛ بخلاف رفعها في ليل أو نهار، وبخلاف الإغماء والجنون إن استمر للفجر، فإن رفعها ثم عاودها قبل الفجر أو أفاق قبله لم تبطل على ما سيأتي ومفهوم الليل أنه لو نوى نهاراً قبل الغروب لليوم المستقبل أو قبل الزوال لليوم الذي هو فيه

ــ

تنبيه: من جملة المكروه - كما قال بعضهم - صوم يوم المولد المحمدي إلحاقاً له بالأعياد، وكذا صوم الضيف بغير إذن رب المنزل، ومن جملة المكروه أيضاً مداواة الإنسان نهاراً ولا شيء عليه إن لم يبتلع منه شيئاً، فإن ابتلع منه شيئاً غلبة قضى، وإن تعمد كفر أيضاً، إلا لخوف ضرر في تأخير الدواء لليل لحدوث مرضه أو زيادته أو شدة تألم فلا يكره، بل يجب إن خاف هلاكاً أو شديد أذى. ومن المكروه غزل الكتان للنساء ما لم تضطر المرأة لذلك، وإلا فلا كراهة، وهذا إذا كان له طعم يتحلل كالذي يعطن في المبلات، وأما ما يعطن في البحر فيجوز مطلقاً كما في (ح) وغيره، ومن ذلك حصاد الزرع إذا كان يؤدي للفطر ما لم يضطر الحصاد لذلك، وأما رب الزرع فله الاشتغال به ولو أدى إلى الفطر، لأن رب المال مضطر لحفظه كما في المواق عن البرزلي (اهـ بن من حاشية الأصل).

قوله: [وكره له مقدمة جماع]: أي لأي شخص؛ شاب أو شيخ، رجل أو امرأة.

قوله: [وهذا إن علمت السلامة]: ظاهره كراهة الفكر والنظر إذا علمت السلامة، ولو كانا غير مستدامين. لكن قال أبو علي المسناوي: إذا علمت السلامة لا كراهة إلا إذا استدام فيهما، ثم إن محل كراهة ما ذكر إذا كان لقصد لذة لا إن كان بدون قصد كقبلة وداع أو رحمة، وإلا فلا كراهة. ثم إن ظاهر المصنف كراهة المقدمات المذكورة وأنه لا شيء عليه ولو حصل إنعاظ، وهو رواية أشهب عن مالك في المدونة وهو المعتمد. ومثل علم السلامة: ظنها.

قوله: [وإلا حرم]: أي بأن علم عدمها أو ظن أو شك. فإن أمذى بالمقدمات في حالة الكراهة أو الحرمة فالقضاء اتفاقاً. وإن أمنى، ففي حالة الحرمة تلزمه الكفارة اتفاقاً وفي حالة الكراهة ثلاثة أقوال: الأول: قول أشهب إنه لا كفارة عليه إلا إن تابع حتى أنزل. والثاني: قول مالك في المدونة عليه القضاء والكفارة مطلقاً، والثالث: الفرق بين اللمس والقبلة والمباشرة وبين النظر والفكر؛ فالإنزال بالثلاثة الأول: موجب للكفارة مطلقاً. وبالأخيرين: لا كفارة فيه إلا أن يتابع، وهذا قول ابن القاسم وهو المعتمد، فإن شك في الخارج منه في حالة العمد أمذى أم أمنى فالظاهر أنه لا يجري على الغسل؛ لأن الكفارة من قبيل الحدود فتدرأ بالشك، خصوصاً والشافعي لا يراها في غير مغيب الحشفة كما هو أصل نصها - كذا. في حاشية الأصل.

قوله: [وكره تطوع بصوم]: حاصله: أنه يكره التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب - كالمنذور والقضاء والكفارة - وذلك لما يلزم من تأخير الواجب وعدم فوريته. وهذا بخلاف الصلاة، فإنه يحرم كما تقدم. وظاهر المصنف الكراهة مطلقاً سواء كان صوم التطوع مؤكداً - كعاشوراء وتاسوعاء - أو لا، وهو كذلك.

ولذلك اختلف في صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء؛ فقيل إن صومه قضاء أفضل وصومه تطوعاً مكروه، وقيل بالعكس، وقيل: هما سواء. ولكن الأول هو الأرجح كما هو ظاهر المصنف، وتقدم أنه لو نوى الفرض والتطوع حصل ثوابهما كغسل الجمعة والجنابة وكصلاة الفرض والتحية.

قوله: [حرم التطوع فيه]: أي لتعيين الزمان المنذور، فإن فعل لزمه قضاؤه.

قال الشيخ سالم: وانظر هل تطوعه صحيح أم لا؟ لتعين الزمن لغيره، قال في الحاشية: والظاهر الأول؛ لصلاحية الزمن في ذاته للعبادة بخلاف التطوع في رمضان لأن ما عينه الشارع أقوى مما عينه الشخص.

قوله: [وكره تطيب] إلخ: إنما كره شم الطيب واستعماله نهاراً لأنه من جملة شهوة الأنف الذي يقوم مقام الفم، وأيضاً الطيب محرك لشهوة الفرج.

قوله: [مع أنهما نفسها]: ولكن أجيب عن الشيخ خليل: بأنه التفت إلى معناها وهو القصد إلى الشيء، ومعلوم أن القصد إلى الشيء خارج عن ماهية ذلك الشيء، ولكن هذا الجواب مخلص بالنسبة للنية، وأما الكف فلا وجه لعده شرطاً فالأحسن أن يراد بالشرط ما تتوقف صحة العبادة عليه.

قوله: [مع طلوع الفجر]: المراد وقوعها في الجزء الأخير من الليل الذي يعقبه طلوع الفجر، وإنما كفت

<<  <  ج: ص:  >  >>