للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تنعقد ولو بنفل لم يتناول فيه قبلها مفطراً وهو كذلك.

(وكفت نية) واحدة (لما): أي لكل صوم (يجب تتابعه) كرمضان وكفارته وكفارة قتل أو ظهار، وكالنذر المتتابع؛ كمن نذر صوم شهر بعينه أو عشرة أيام متتابعة (إذا لم ينقطع) تتابع الصوم (بكسفر) ومرض مما يقطع وجوب التتابع دون صحة الصوم. فإن انقطع به لم تكف النية الواحدة بل لا بد من تبييتها [١] كلما أراده، (ولو تمادى على الصوم) في سفره أو مرضه.

(أو كحيض) ونفاس وجنون مما يوجب عدم صحته فلا تكفي النية، بل لا بد من إعادتها ولو حصل المانع بعد الغروب وزال قبل الفجر.

(وندبت كل ليلة) فيما تكفي فيه النية الواحدة.

(و) الركن الثاني: (كف من طلوع الفجر للغروب عن جماع مطيق) من إضافة المصدر لمفعوله؛ أي الكف عن إدخال حشفته أو قدرها من مقطوعها في فرج شخص مطيق للجماع، (وإن) كان المطيق له (ميتاً أو بهيمة)، واحترز بذلك عما لو أدخل ذكره بين الأليتين أوالفخذين أو في فرج صغير لا يطيق فلا يبطل الصوم إذا لم يخرج منه مني أو مذي.

(و) كف (عن إخراج مني أو مذي): بمقدمات جماع ولو نظراً أو تفكراً واحترز "بإخراج" عن خروج أحدهما بنفسه أو لذة غير معتادة فلا يبطله.

(أو) عن إخراج (قيء) فلا يضر خروجه بنفسه إذا لم يزدرد منه شيئاً، وإلا فالقضاء.

(و) كف (عن وصول مائع) من شراب أو دهن أو نحوهما (لحلق) وإن لم يصل للمعدة ولو وصل سهواً أو غلبة فإنه مفسد للصوم، ولذا عبر "بوصول" لا بإيصال. واحترز بالمائع عن غيره كحصاة ودرهم فوصوله للحلق لا يفسد بل للمعدة.

(وإن) كان وصول المائع للحلق (من غير فم كعين) وأنف وأذن.

فمن اكتحل نهاراً أو استنشق بشيء فوصل أثره للحلق أفسد وعليه القضاء، فإن لم يصل شيء من ذلك للحلق فلا شيء عليه كما لو اكتحل ليلاً أو وضع شيئاً في أذنه أو أنفه،

ــ

النية المصاحبة لطلوع الفجر لأن الأصل في النية المقارنة للمنوي، ولكن في الصوم جوزوا تقدمها عليه حيث قالوا: يدخل وقتها بالغروب لمشقة المقارنة، بخلاف سائر العبادات كالصلاة والطهارة فلا بد من المقارنة أو التقدم اليسير على ما مر. وما ذكره المصنف من كفاية المقارنة للفجر هو قول عبد الوهاب، وصوبه اللخمي وابن رشد، فإذا علمت ذلك فتقديمها على الفجر أولى للاحتياط والضبط.

قوله: [لم تنعقد]: أي كما ذكره ابن عرفة، وأصله لابن بشير. ونصه: لا خلاف عندنا أن الصوم لا يجزئ إلا إذا تقدمت النية على سائر أجزائه. فإن طلع الفجر ولم ينوه لم يجزه في سائر أنواع الصيام، إلا يوم عاشوراء ففيه قولان: المشهور من المذهب أنه كالأول والشاذ: اختصاص يوم عاشوراء بصحة الصوم، كذا في (بن) نقله محشي الأصل، وعن الشافعي: تصح نية النافلة قبل الزوال، وعن أحمد: تصح نية النافلة في النهار مطلقاً لحديث: «إني إذا صائم بعد قوله عليه الصلاة والسلام: هل عندكم من غداء»، وللشافعي: الغداء ما يؤكل قبل الزوال. وأجاب ابن عبد البر بأنه مضطرب ولنا عموم حديث أصحاب السنن الأربع: «من لم يبيت الصيام فلا صيام له» والأصل تساوي الفرض والنفل في النية كالصلاة.

قوله: [لم يتناول [٢] فيه قبلها]: فيه رد على الشافعي وأحمد كما تقدم.

قوله: [يجب تتابعه]: خرج بذلك ما يجوز تفريقه؛ كقضاء رمضان وصيامه في السفر وكفارة اليمين وفدية [٣] الأذى ونقص الحج فلا تكفي فيه النية الواحدة، بل من التبييت في كل ليلة كما يعلم من المصنف. وما مشي عليه المصنف من كفاية النية الواحدة في واجب التتابع هو مشهور المذهب، وقال ابن عبد الحكم: لا بد من نية لكل يوم نظراً إلى أنه كالعبادات المتعددة من حيث عدم فساد بعض الأيام بفساد بعضها، والقول المشهور نظر إلى أنه كالعبادة الواحدة من حيث ارتباط بعضها ببعض وعدم جواز التفريق.

قوله: [ولو تمادى على الصوم]: هذا هو المعتمد كما في العتبية خلافاً لما في المبسوط: من أن المريض أو المسافر إذا استمر صائماً فإنه لا يحتاج لتجديد نية.

ومن أفسد صومه عامداً فاستظهر (ح) تجديد النية أيضاً؛ كمن بيت الفطر ولو نسياناً لا إن أفطر ناسياً وهو مبيت للصوم فلا ينقطع تتابعه، ومثله من أفطر مكرهاً عند اللخمي وعند ابن يونس حكم من أفطر لمرض - كذا في الحاشية.

قوله: [لا بد من إعادتها]: أي وتكفي النية الواحدة في جميع ما بقي.

قوله: [وندبت كل ليلة]: أي مراعاة للقول بوجوب التبييت ومن الورع مراعاة الخلاف.

قوله: [عن جماع مطيق]: أي سواء كان الفرج قبلاً أو دبراً، وسواء كان المغيب فيه مستيقظاً أو نائماً.

قوله: [فلا يبطله]: ومثله لو حصلت لذة معتادة من غير خروج شيء.

قوله: [وإلا فالقضاء]: أي ولا كفارة إن كان ازدرده غلبة أو نسياناً هذا في الفرض، وأما في النفل فلا شيء عليه مع الغلبة والنسيان.

قوله: [عن وصول مائع]: فإن وصل المائع للمعدة من منفذ عال أو سافل فسد الصوم ووجب القضاء. وهذا في غير ما بين الأسنان من أثر طعام الليل، وأما هو فلا يضر. ولو ابتلعه عمداً وإن لم يصل للمعدة فلا شيء فيه ما لم يصل للحلق من العالي كما يؤخذ من الشارح.

قوله: [ولذا عبر بوصول]: أي لأن لفظة وصول لا تستلزم القصد بخلاف إيصال.

قوله: [كعين وأنف وأذن]: أي ومسام رأس


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (تلبيتها).
[٢] في ط المعارف: (نتناول).
[٣] في ط المعارف: (ولا بد).

<<  <  ج: ص:  >  >>