للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما (إطعام ستين مسكيناً) المراد به ما يشمل الفقير، (لكل مد) بمده صلى الله عليه وسلم لا أكثر ولا أقل، وتقدم أن المد ملء اليدين المتوسطتين وهو الأفضل.

(أو صيام شهرين متتابعين) بالهلال إن ابتدأها أول شهر، فإن ابتدأها أثناء شهر صام الذي بعده بالهلال كاملاً أو ناقصاً، وكمل الأول من الثالث ثلاثين يوماً فإن أفطر في يوم عمداً بطل جميع ما صامه واستأنفه.

(أو عتق رقبة) ذكراً أو أنثى فيها شائبة حرية (مؤمنة) فلا تجزئ كافرة، (سالمة من العيب) كالظهار فلا تجزئ عوراء ولا بكماء ولا شلاء ولا نحو ذلك.

والتخيير [١] بين في الحر الرشيد، وأما العبد فإنما يكفر بالصوم إلا أن يأذن له سيده بالإطعام، وأما السفيه فيأمره وليه بالصوم، فإن لم يقدر كفر عنه وليه بأدنى النوعين.

(وكفر) السيد (عن أمته إن وطئها) ولو أطاعته.

(و) كفر الرجل (عن غيرها) أي غير أمته كزوجة أو امرأة زنى بها (إن أكرهها لنفسه)، لا إن أطاعته ولا إن أكرهها لغيره، فعليها إن طاوعت لا إن أكرهت

(نيابة) عنهما فيكون التكفير عنهما (بلا صوم)، إذ الصوم عمل بدني لا يقبل النيابة، (وبلا عتق في الأمة) الموطوءة إذ لا يصح منها العتق حتى ينوب عنها فيه، فيتعين الإطعام فيها، وجاز العتق عن الحرة كالإطعام.

ثم شرع في بيان ما لا قضاء فيه مما قد يتوهم فيه القضاء، فقال:

(ولا قضاء بخروج قيء غلبة) إذا لم يزدرد منه شيئاً ولو كثر، بخلاف خروجه باختياره فيقضي كما تقدم.

(أو غالب ذباب): عطف على خروج، (أو) غالب (غبار طريق، أو) غالب (كدقيق) نحو جبس لصانعه، (أو) غبار (كيل لصانعه) من طحان وناخل ومغربل وحامل - بخلاف غير الصانع فعليه القضاء - ومن الصانع من يتولى أمور نفسه من هذه الأشياء، أو من حفر أرض لحاجة كقبر أو نقل تراب لغرض.

ــ

لظاهر الآية والحديث كما تقدم.

قوله: [إما إطعام ستين مسكيناً]: مراده التمليك سواء أكله أو باعه.

قوله: [المراد به ما يشمل الفقير]: أي لما تقدم لنا من أنهما إذا افترقا اجتمعا.

قوله: [لكل مد]: أي ولا يجزئ غداء وعشاء خلافاً لأشهب، وتعددت بتعدد الأيام لا في اليوم الواحد، ولو حصل الموجب الثاني بعد الإخراج، أو كان الموجب الثاني من غير جنس الأول.

قوله: [وهو الأفضل]: أي ولو للخليفة خلافاً لما أفتى به يحيى بن يحيى أمير الأندلس عبد الرحمن من تكفيره بالصوم بحضرة العلماء، فقيل له في ذلك؟ فقال: لئلا يتساهل فيعود ثانياً، وإنما كان الإطعام أفضل لأنه أكثر نفعاً لتعديه لأفراد كثيرة، والظاهر أن العتق أفضل من الصوم لأن نفعه متعد للغير.

قوله: [فإن أفطر في يوم عمداً]: أي لا غلبة أو نسياناً فلا يبطل ما صامه بل يبني.

قوله: [كالظهار]: أحال عليه وإن لم يتقدم له ذكر لشهرته في المذهب.

قوله: [والتخيير بين]: أي في الأنواع الثلاثة فأو في كلام المصنف للتخيير، وقد جمع بعضهم أنواع الكفارات بقوله:

ظهاراً وقتلاً رتبوا وتمتعا ... كما خيروا في الصوم والصيد والأذى

وفي حلف بالله خير ورتبن ... فدونك سبعاً إن حفظت فحبذا

قوله: [إلا أن يأذن له سيده بالإطعام]: أي فيجزئه بخلاف العتق فلا يجزئه ولو أذن له سيده.

قوله: [بأدنى النوعين]: المراد كفر عنه بأقلهما قيمة، فإذا كانت قيمة الرقيق أقل كفر عنه بالعتق، وإن كانت قيمة الطعام أقل كفر عنه بالإطعام، وقال عبد الحق يحتمل بقاؤهما في ذمته إن أبى الصوم، قال في التوضيح: وهذا أبين وهو يفيد أنه لا يجبره على الصوم.

قوله: [ولو أطاعته]: أي لأن طوعها إكراه وهذا ما لم تطلبه ولو حكماً بأن تتزين له فتلزمها وتصوم ما لم يؤذن لها في الإطعام.

قوله: [إن أكرهها لنفسه]: والإكراه يكون بخوف مؤلم كضرب فأعلى كإكراه الطلاق فقد ذكر (ر) أن الإكراه في العبادات يكون بما ذكر، كذا في حاشية الأصل نقلاً عن (بن)، ومحل تكفيره عنها إن كانت بالغة مسلمة عاقلة وإلا فلا.

قوله: [فعليها إن طاوعت لا إن أكرهت]: لعل صوابه فعليه إن طاوع لا إن أكره أي فكفارة المرأة على الشخص الذي أكرهت له إن طاوع هو بالجماع، لا إن أكره أيضاً، فكفارة المرأة على المكره لها ولا كفارة على من أكره الرجل نظراً لانتشاره، ولا على المكره بالفتح نظراً للإكراه، وفي (بن) عن ابن عرفة: لا كفارة على مكره على أكل أو شرب أو امرأة على وطء. فانظره كذا في المجموع.

قوله: [إذ لا يصح منها العتق]: أي لأن الرقيق لا يحرر غيره.

تنبيه: إن أكره العبد زوجته فجناية وليس لها حينئذ أن تكفر بالصوم، وتأخذه وأيضاً إنما تكفر نيابة عن العبد في الكفارة وهو لا يكفر عنها بالصوم، فإن أكره الرجل زوجته على مقدمات الجماع حتى أنزلت ففي تكفيره عنها قولان.

قوله: [بخروج قيء]: وأولى القلس.

قوله: [فيقضي كما تقدم]: أي ولا كفارة عليه ما لم يزدرد منه شيئاً عمداً أو غلبة.

قوله: [لصانعه]: راجع لما بعد الكاف، واغتفر للصانع للضرورة وهو المعتمد، وقال بعضهم: لا يغتفر. وأما غير الصانع فلا يغتفر اتفاقاً إن تعرض له.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (التخيير).

<<  <  ج: ص:  >  >>