(أو) في (حقنة من إحليل) أي ثقب الذكر ولو بمائع لأنه لا يصل عادة للمعدة (أو) في (دهن جائفة) وهي الجرح في البطن أو الجنب الواصل للجوف يوضع عليه الدهن للدواء، وهو لا يصل لمحل الأكل والشرب وإلا لمات من ساعته.
(أو) في (نزع مأكول)، أو مشروب، (أو) نزع (فرج طلوع الفجر) أي مبدأ طلوعه فلا قضاء بناء على أن نزع الذكر لا يعد وطئاً، وإلا كان واطئاً نهاراً.
(فإن ظن) هذا النازع (الإباحة) أي إباحة الفطر (فأفطر): أي فأصبح مفطراً (فتأويل قريب) لأنه استند فيه لأمر محقق فلا كفارة عليه.
ثم شرع في بيان أمور تجوز للصائم وأراد بالجواز: الإذن المقابل للمنع، فيشمل ما استوى طرفاه، وما هو خلاف الأولى، وما هو مكروه فقال:
(وجاز) للصائم (سواك كل النهار) خلافاً لمن قال يكره بعد الزوال والمراد أنه مستحب عند المقتضى الشرعي كالوضوء.
(ومضمضة لعطش) أو حر. (وإصباح بجنابة): بمعنى خلاف الأولى.
(و) جاز (فطر بسفر قصر) بمعنى يكره (أبيح) مراده بالمباح: ما قابل الممنوع؛ كالسفر لقطع طريق، أو لسرقة ونحو ذلك من سفر المعصية.
ومحل الجواز: (إن بيته) أي الفطر (فيه) أي في السفر أي في أثناء المسافة في غير اليوم الأول منه بل (وإن بأول يوم)، أي وإن كان تبييت الفطر في أول يوم من سفره، بأن وصل لمحل بدء قصر الصلاة قبل الفجر كأن يعدي البساتين المسكونة قبله، فينوي الفطر حينئذ فقوله:
(إن شرع) في سفره (قبل الفجر) تصريح بما علم التزاماً مما قبله زيادة في الإيضاح، لأنه إذا بيت الفطر في السفر لزم أنه شرع في سفره الذي أوله محل قصر الصلاة قبل الفجر. فعلم أن لجواز الفطر برمضان أربعة شروط: أن يكون السفر سفر قصر، وأن يكون مباحاً، وأن يشرع قبل الفجر إذا كان أول يوم، وأن يبيت الفطر. فإن توفرت هذه الشروط جاز الفطر (وإلا) بأن انخرم شرط منها (فلا) يجوز. ويبقى الكلام بعد ذلك في الكفارة وعدمها إذا أفطر فيه؛ فبين أن عليه الكفارة في ثلاث مسائل بقوله:
(وكفر إن بيته) أي الفطر (بحضر) بأن نواه قبل الشروع فيه. (ولم يشرع) في السفر (قبل الفجر)، بل بعده وأولى إذا لم يسافر أصلاً، ولا يعذر بتأويل لأنه حاضر بيت الفطر، فإن سافر قبل الفجر بأن عدى البساتين المسكونة قبله فظاهر أنه لا كفارة عليه.
ــ
قوله: [من إحليل]: أي وأما من الدبر أو فرج المرأة فتوجب القضاء إذا كانت بمائع هكذا قال شراح خليل، واعترضه أبو علي المسناوي: بأن فرج المرأة ليس متصلاً بالجوف فلا يصل منه شيء إليه، وفي المدونة كره مالك الحقنة للصائم، فإن احتقن في فرج بشيء يصل إلى جوفه، فالقضاء ولا يكفر، وفي (ح) عن النهاية: أن الإحليل يقع على ذكر الرجل وفرج المرأة اهـ. (بن) نقله محشي الأصل) فإذا علمت ذلك فقول شارحنا: "أي ثقبة الذكر" لا مفهوم له بل مثله فرج المرأة.
قوله: [بناء على أن نزع الذكر] إلخ: ونص ابن شاس: ولو طلع الفجر وهو يجامع فعليه القضاء إن استدام. فإن نزع أي في حال الطلوع - ففي إثبات القضاء ونفيه خلاف بين ابن الماجشون وابن القاسم، سببه أن النزع هل يعد جماعاً أم لا.
قوله: [فيشمل ما استوى طرفاه]: أي لأن ما يأتي متنوع إلى مستوي الطرفين، ومندوب ومكروه وخلاف الأولى وسيظهر بالوقوف عليه.
قوله: [خلافاً لمن قال يكره] إلخ: وهو الشافعي وأحمد مستدلين بحديث: «لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك»، والخلوف بالضم: ما يحدث من خلو المعدة من الرائحة الكريهة في الفم، وشأن ذلك يكون بعد الزوال، فإذا استاك زال ذلك المستطاب عند الله، فلذا كان مكروهاً، وحجتنا أنه كناية عن مدح الصوم وإن لم تبق حقيقة الخلوف، كما يقال: فلان كثير الرماد أي كريم، وإن لم يوجد رماد، وهذا كما قال في المجموع: خير مما قيل إن السواك لا يزيل الخلوف، لأنه من المعدة، فإنه قد يقال: وإن لم يزله يضعفه والمقصود تقوية رائحته. لكن في الصحيح ما يقوي مذهب الشافعي وأحمد، من «أن موسى - عليه الصلاة والسلام - صام ثلاثين يوماً فوجد خلوفاً فاستاك منه، فأمر بالعشر كفارة» لذلك قال تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} [الأعراف: ١٤٢] قالوا: سبب العشر الاستياك. وأجاب في المجموع بقوله: ولعله لمعنى يخصه، أو أن العبرة في شريعتنا بعموم أحاديث السواك، فإنها مبنية على التيسير بخلاف الشرائع السابقة.
قوله: [ومضمضة لعطش]: أي فهو جائز مستوي الطرفين، أو مطلوب إن توقف زوال العطش عليه، وأما المضمضة لغير موجب فمكروهة.
قوله: [بمعنى خلاف الأولى]: أي إذا تقصدها من غير عذر.
قوله: [أربعة شروط]: منها ما يعم يوم السفر وما بعده وهو قوله "بسفر قصر أبيح"، وقوله "أن يبيته فيه"، ومنها ما يخص يوم السفر دون ما بعده، وهو قوله "إن شرع فيه قبل الفجر"، ويؤخذ من تلك الشروط أنه يجوز للصائم المسافر الفطر، ولو أقام يومين أو ثلاثاً بمحل، ما لم ينو إقامة أربعة أيام كقصر الصلاة كما صرح به في النوادر، ونقله ابن عرفة.
١ -
قوله: [في ثلاث مسائل]: أي إجمالاً وتحت كل صور.
قوله: [وأولى إذا لم يسافر أصلاً]: يشير إلى أن في هذه المسألة أربع صور وهي: سافر بعد الفجر، أو لم يسافر أصلاً، تأول، أم لا.