للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) ندب (الإكثار من الطواف) بالبيت ليلاً ونهاراً ما استطاع، (و) إذا أراد الخروج من المسجد الحرام بعد الوداع أو غيره (لا يرجع القهقرى) بأن يرجع بظهره ووجهه للبيت، أي يكره لأنه من فعل الأعاجم لا من السنة.

ولما فرغ من بيان أركان الحج شرع في بيان أركان العمرة فقال:

(وأركان العمرة ثلاثة) بإسقاط الوقوف بعرفة: (إحرام) منه المواقيت أو من الحل

(وطواف) بالبيت سبعاً. (وسعي) بين الصفا والمروة سبعاً (على ما): أي على الوجه الذي (مر) بيانه في الحج، سواء بسواء. فإن أحرم من الحرم وجب عليه الخروج للحل لما تقدم من أن كل إحرام لا بد فيه من الجمع بين الحل والحرم، ولا يصح طوافه وسعيه إلا بعد خروجه للحل. (ثم) بعد سعيه (يحلق) رأسه وجوباً على ما مر أيضاً، فقد حذفه من الأخير لدلالة الأول عليه.

(وكره) للمكلف (تكرارها) أي العمرة (بالعام) الواحد. وإنما يطلب كثرة الطواف، وأول العام المحرم، فإن اعتمر آخر يوم من ذي الحجة وأول يوم من المحرم لم يكره.

فصل في بيان محرمات الإحرام

ــ

أي متأكدة على المسلم المستطيع له سبيلاً، وعن ابن عمر مرفوعاً: «من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي»، وأخرج ابن الجوزي: «من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي»، ولابن عدي والطبراني: «من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني»، وعن أنس مرفوعاً: «من زارني ميتاً فكأنما زارني حياً، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر»، وعن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً: «من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي، ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً» أو قال "شفيعاً" اهـ.

قال بعضهم السلام عليه عند قبره عليه الصلاة والسلام أفضل من الصلاة عليه عنده للأخبار الكثيرة الواردة في ذلك؛ منها: «ما من أحد يسلم علي عند قبري إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام».

ومعنى قوله في الحديث: "إلا رد الله علي روحي" أي من حضرة الشهود إلى رد جواب المسلم، ولأن شعار اللقاء التحية، ويدل لذلك قول العلماء: إن الزائر يبدأ بالسلام ويختم بالصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، والأفضل في الزيارة القرب من القبر الشريف، بحيث يكون النبي يسمع قوله على حسب العادة، ويلزم في تلك الحضرة الأدب الظاهري والباطني ليظفر بالمنى.

ومما يتأكد عند دخول المدينة المشرفة الغسل والتطيب وتجديد التوبة، وحين يدخل المسجد الشريف يأتي الروضة فيصلي بها ركعتين تحية المسجد، ثم يأتي قبالة القبر الشريف ويقول: " السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، السلام عليك يا سيدي يا حبيب الله، السلام عليك يا سيدي يا أشرف رسل الله، السلام عليك يا إمام المتقين، السلام عليك يا رحمة للعالمين، أشهد أنك رسول الله بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجليت الظلمة، ونطقت بالحكمة، صلى الله عليك، وعلى آلك وأصحابك أجمعين ". ثم يتوسل به في جميع مطلوباته. ثم ينتقل قبالة قبر أبي بكر ويقول: " السلام عليك يا خليفة رسول الله، السلام عليك يا صديق رسول الله، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، جزاك الله عن أمة محمد خيراً رضي الله عنك وأرضاك، وجعل الجنة متقلبك ومثواك، ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين، ثم يتوسل به إلى رسول الله. ثم ينتقل قبالة قبر عمر ويقول: " السلام عليك يا صاحب رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين عمر الفاروق، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، جزاك الله عن أمة محمد خيراً، رضي الله عنك وأرضاك، وجعل الجنة متقلبك ومثواك، ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين ". ثم يتوسل به إلى رسول الله. ثم يخرج إلى البقيع فيسلم على أهله هكذا، ويتوسل بهم إلى رسول الله فلتحفظ تلك الآداب فإن من فعلها مع الشوق وفراغ القلب من الأغيار بلغ كل ما يتمنى إن شاء الله تعالى.

قوله: [وندب الإكثار من الطواف] إلخ: أي لأنه عبادة مفقودة له في غيره

قوله: [وكره للمكلف تكرارها]: أي وما ورد عن السلف من تكرارها، فلم يؤخذ به مالك ولا مفهوم للمكلف، بل الصبي المميز تتعلق به الكراهة أيضاً.

تتمة: لو طاف حامل شخص وقصد بطوافه نفسه وعن محموله لم يجز عن واحد منهما، لأن الطواف صلاة وهي لا تكون عن اثنين، وأجزأ السعي عنهما لخفة أمر السعي، إذ لا يشترط فيه طهارة فليس كالصلاة، وكذلك يجزئ الطواف والسعي عن محمولين له، حيث لم يدخل نفسه معهم كان المحمول معذوراً أم لا. لكن على غير المعذور الدم إن لم يعده - كذا في الأصل

فصل في بيان محرمات الإحرام

لما فرغ المؤلف من الكلام على أركان الحج والعمرة، وما انضاف إلى كل ركن مندوب ومسنون. تكلم على محظورات الإحرام، وأخرها لأنها طارئة على الماهية بعد كمالها.

وهي على قسمين: مفسد

<<  <  ج: ص:  >  >>