للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الذكر والأنثى

(يحرم على الأنثى): حرة أو أمة كبيرة أو صغيرة؛ ويتعلق الخطاب بوليها. (بالإحرام): أي بسبب تلبسها بالإحرام بحج أو عمرة: (لبس محيط) بضم اللام (بكف) لا بدن ورجل؛ كقفاز وكيس تدخله في كفها، (أو أصبع) من أصابع يدها (إلا الخاتم) فيغتفر لها دون الرجل كما يأتي، بخلاف ما لو أدخلت يدها في كمها أو قناعها فلا شيء عليها.

(و) حرم عليها (ستر وجهها) أو بعضه ولو بخمار أو منديل، وهذا معنى قولهم: إحرام المرأة في وجهها وكفيها فقط، وحرمة ستر وجهها. (إلا لفتنة): أي تعلق قلوب الرجال بها، فلا يحرم بل يجب عليها ستره إن ظنت الفتنة بها (بلا غرز) للساتر بإبرة ونحوها، (و) بلا (ربط) له برأسها كالبرقع تربط أطرافه بعقدة، بل المطلوب سدله على رأسها ووجهها، أو تجعله كاللثام وتلقي طرفيه على رأسها بلا غرز ولا ربط.

(وإلا) بأن لبست محيطاً [١] بكفها أو بأصبع غير خاتم أو سترت وجهها بلا عذر، أو لعذر ولكن غرزته بنحو إبرة أو ربطته (ففدية) تلزمها.

(و) يحرم (على الذكر): ولو غير مكلف، ويتعلق الخطاب بوليه: (محيط) بضم الميم وبالمهملة (بأي عضو) من أعضائه؛ كيد ورجل وأصبع مطلقاً، ورأس وأولى جميع البدن إذا كان محيطاً بنسج أو خياطة ونحو ذلك، بل (وإن) كان محيطاً (بعقد أو زر) كأن يعقد طرفي إزاره، أو يجعل له أزراراً أو يربطه بحزام، (أو خلال) بعود ونحوه (كخاتم) وإن بأصبع رجل وحزام بحبل أو غيره.

(وقباء) بفتح القاف ممدوداً وقد يقصر: هو الفرجية من جوخ أو غيره، (وإن لم يدخل يده بكمه) بل ألقاه على كتفيه مخرجاً يديه من تحته وهذا إن جعل أعلاه على منكبيه على العادة، وأما لو نكسه بأن جعل ذيله على كتفيه، أو لف به وسطه، كالمئزر فلا شيء عليه كما لو ألقى قميصاً على كتفيه أو لف به وسطه أو تلفع ببردة مرقعة، أو ذات فلقتين بلا ربط، ولا غرز فلا شيء عليه في ذلك كله.

(و) حرم على الذكر (ستر وجهه ورأسه): بأي شيء يعد ساتراً (وإن بكطين) كعجين وصمغ، فالوجه والرأس يخالفان غيرهما من سائر البدن، لأنه يحرم سترهما بكل ما يعد في العرف ساتراً وغيرهما، وغيرهما إنما يحرم بنوع خاص وهو المحيط. ثم استثنى من حرمة المحيط أمرين: الأول مقيد بقيدين وثانيهما بواحد، فقال: (إلا الخف ونحوه) مما يلبس في الرجل كالجرموق والجورب، فإنه محيط ولا يحرم على الذكر لبسه (لفقد نعل أو غلوه فاحشاً): إن زاد ثمنه على قيمته عادة

ــ

وغير مفسد. ومتعلقهما: أفعال الرجل والمرأة، فبدأ بغير المفسد، وبالمرأة، كما صنع خليل عكس صنيع ابن الحاجب فيهما. قيل: ولعله إنما بدأ بالمرأة - وإن كان الأولى البداءة بالرجل كما ورد بذلك القرآن في آي كثيرة - والسنة لقلة الكلام على ما يختص بها.

قوله: [على الأنثى]: أي والخنثى ويحتاط فيه.

قوله: [حرة أو أمة] إلخ: قال (عب): ومثلها الخنثى، واعترض بأن مقتضى الاحتياط إلحاق الخنثى بالرجل لا بالمرأة، لأن كل ما يحرم على المرأة يحرم على الرجل دون العكس، إلا أن يقال احتمال الأنوثة يقتضي الاحتياط في ستر العورة، وحينئذ فالاحتياط ستره كالمرأة، ويلزمه الفدية لاحتمال ذكورته.

قوله: [أي بسبب تلبسها]: أشار بذلك إلى أن الباء للسببية ويصح جعلها للظرفية، وكل منهما يفيد أن مبدأ الحرمة بمجرد الإحرام، أما إفادة السببية ذلك فظاهر، وأما إفادة الظرفية ذلك فلأن المعنى حرم في حال الإحرام فيفيد أن مبدأها من الإحرام.

قوله: [أو بعضه]: أي على الأرجح من التأويلين ووجه الرجل كالمرأة.

قوله: [بل يجب] إلخ: حاصل المعتمد أنها متى أرادت الستر عن أعين الرجال جاز لها ذلك مطلقاً علمت أو ظنت الفتنة بها أم لا، نعم إذا علمت أو ظنت الفتنة بها وجب كما قال الشارح، قال (عب): وانظر إذا خشي الفتنة من وجه الذكر هل يجب ستره في الإحرام كالمرأة أم لا، قال البناني: ولا وجه لهذا التنظير لما ذكروا في ستر العورة عن ابن القطان وغيره أن الأمرد لا يلزمه ستر وجهه، وإن كان يحرم النظر إليه بقصد اللذة، وإذا لم يجب عليه ستر وجهه في غير الإحرام، ففي الإحرام أولى كما هو ظاهر اهـ.

قوله: [ففدية تلزمها]: أي إن فعلت شيئاً من ذلك، وحصل طول، وأما إن لم يحصل طول بأن أزالته بالقرب فلا فدية، لأن شرطها في اللبس انتفاع من حر أو برد.

قوله: أو (صياغة): أي كالأساور والخاتم.

قوله: [وإن بأصبع رجل]: أي هذا إذا كان الخاتم بأصبع يد، بل وإن كان بأصبع رجل بكسر الراء فلا يغتفر في حق الرجل على كل حال بخلافه في حق المرأة، فيجوز لها الخواتم والأساور كما علم مما تقدم.

قوله: [وأما لو نكسه] إلخ: ظاهره أنه لا شيء عليه ولو أدخل رجليه في كميه، وليس كذلك بل فيه الفدية حينئذ.

قوله: [بأي شيء يعد ساتراً]: إن أريد الساتر لغة كان قوله: "وإن بكطين" تمثيلاً، وإن أريد الساتر عرفاً كان تشبيهاً، ودخل تحت الكاف الدقيق أو الجير يجعله على وجهه أو رأسه، لأن ذلك جسم ينتفع به من الحر والبرد.

قوله: [لفقد نعل]: فلو لم يفقده ولكن احتاج إلى لبس الخفين لضرورة اقتضت ذلك كشقوق برجليه فقطعهما أسفل من الكعبين، ولبسهما فإنه تلزمه الفدية رواه ابن القاسم عن مالك، قال في الحاشية: وقد يقال وجود النعل حينئذ كعدمه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (مخيطاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>