للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا بد من مثل يجزئ ضحية، ولا يكفي في المعيب معيب. والصغير صغير، وإن كانت القيمة قد تختلف بالقلة والكثرة ولذا احتيج لحكم العدول العارفين، وإن ورد شيء من الشارع في ذلك الصيد.

(وله) أي للمحكوم عليه بشيء (الانتقال) إلى غيره (بعد الحكم، ولو التزمه) فله أن ينتقل بعد الحكم عليه بالمثل إلى اختيار الإطعام أو الصيام وعكسه، وقيل: إن التزم شيئاً ليس له الانتقال عنه.

(ونقض) الحكم وجوباً (إن ظهر الخطأ) فيه ظهوراً بيناً.

(وندب كونهما): أي العدلين (بمجلس) واحد لمزيد التثبت والضبط،

(وفي الجنين): كما إذا فعل شيئاً بصيد حامل فألقى جنيناً، (و) في (البيض) إذا كسره أو شواه المحرم أي في كل فرد من أفراده (عشر دية الأم)، فإذا كان جزاء الأم عشرة أمداد ففي جنينها أو بيضتها مد، (ولو تحرك) الجنين بعد سقوطه ولم يستهل.

(و) فيه (ديتها) أي دية أمه كاملاً (إذا استهل) صارخاً، فإن ماتت الأم أيضاً فديتان.

ولما كانت دماء الحج أو العمرة ثلاثة: الفدية، وجزاء الصيد، والهدي وقدم الكلام على الأولين أشار للثالث بقوله:

(وغير الفدية و) غير (جزاء الصيد: هدي) مرتب (وهو) أي الهدي (ما وجب لتمتع) قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} [البقرة: ١٩٦].

ــ

الحرم ويمامه وإما غيرهما. فإن كان الصيد حمام الحرم ويمامه تعين فيه شاة تجزئ، ضحية فإن عجز عنها صام عشرة أيام وإن كان الطير غير ما ذكر، خير بين القيمة طعاماً وعدله صياماً، وإن كان الصيد غير طير فإما أن يكون له مثل يجزي ضحية أو لا، فإن كان الأول خير بين المثل والإطعام والصيام كان فيه شيء مقرر أم لا، وإن كان ليس له مثل يجزي ضحية خير بين الإطعام والصوم فقط. هذا حاصل المعول عليه من المذهب.

قوله: [فلا بد من مثل يجزئ ضحية]: فالنعامة الصغيرة أو المعيبة أو المريضة إذا قتلها المحرم واختار مثلها من الأنعام يحكم عليه ببدنة كبيرة سليمة صحيحة، وكذا يقال في غيرها. فإن اختار قيمتها طعاماً فإنها تقوم على الوجه المتقدم أيضاً، ويقطع النظر عما فيها من وصف الصغر والعيب والمرض، بخلاف لو قومت لربها فتقوم على الحالة التي هي عليه.

قوله: [ولذا احتيج لحكم العدول العارفين] إلخ: الحاصل أن الصيد إن كان لم يرد فيه شيء عن النبي ولا عن السلف كالدب والقرد والخنزير، فإن الحكمين يجتهدان في الواجب فيه، وإن كان فيه شيء مقرر عن الشارع كالنعامة والفيل. فإنه ورد في الأولى بدنة ذات سنام، وفي الثاني بدنة ذات سنامين، فالاجتهاد في أحوال ذلك المقرر من سمن وسن وهزال بأن يريا أن هذه النعامة المقتولة بدنة سمينة أو هزيلة مثلاً لكون النعامة كذلك.

قوله: [الانتقال إلى غيره]: أي فله أن يختار غير ما حكما عليه ولا بد أنهما لا يحكمان عليه إلا بعد أن يخيراه بين الأمور الثلاثة، فإن اختار واحداً منهما وحكما عليه به فله أن يختار غيره ويحكمان به عليه، كما إذا انتقل من المثل للإطعام أو الصوم. وأما لو انتقل من الإطعام للصوم فلا يحتاج لحكم؛ لأن صومه عوض عن الإطعام لا عوض عن الصيد أو مثله.

قوله: [ولو التزمه]: أي على المعتمد من القولين ومحلهما إذا علم ما حكما به فالتزمه، لا إن التزمه من غير معرفة به فلا يلزمه قولاً واحداً والالتزام يكون باللفظ بأن يقول التزمت ذلك لا بالجزم القلبي وحده.

قوله: [ظهوراً بيناً]: أي وأما لو كان الخطأ غير بين فإنه لا ينقض؛ كما لو حكما في الضبع بعنز ابن أربعة أشهر فلا ينقض حكمهما، لأن بعض الأئمة يرى ذلك، وحكم الحاكم لا ينقض إذا وقع بمختلف فيه. لكن المعتمد أنه متى تبين الخطأ في الحكم فإنه ينقض، سواء كان واضحاً أو غير واضح خلافاً للشارح إذ لا بد في جزاء الصيد من كونه يجزئ ضحية كما يؤخذ من (ر) كذا في الحاشية.

تنبيه: إن اختلف الحكمان في قدر ما حكما به عليه أو نوعه ابتدئ الحكم منهما أو من غيرهما أو من أحدهما مع غير صاحبه.

قوله: [لمزيد التثبت والضبط]: أي لأن كلاً يطلع على حكم صاحبه ورأيه.

قوله: [إذا كسره أو شواه المحرم]: ومثله من في الحرم وهذا في غير البيض المذر لأنه لا يتولد منه فرخ، ولا يضر نقطة دم، والظاهر الرجوع فيما إذا اختلط بياضه وصفاره لأهل المعرفة، فإن قالوا يتولد منه فرخ كان فيه عشر الدية وإلا فلا.

قوله: [ففي جنينها أو بيضتها مد]: أي لأن المراد بديتها قيمتها طعاماً أو عدله صياماً فيما في جزائه طعام. والحاصل: أنه يخير في الجنين والبيض بين عشر قيمة أمه من الطعام، وبين عدل ذلك من الصيام، إلا بيض حمام مكة والحرم وجنينهما ففيه عشر قيمة الشاة طعاما، فإن تعذر صام يوماً كذا في (ح) نقله (بن). ومحل لزومه للجنين إذا لم يستهل ما لم تمت أمه معه وإلا فيندرج في دية أمه.

قوله: [إذا استهل]: الاستهلال هنا كناية عن تحقق الحياة.

قوله: [هدي مرتب]: خبر عن قوله (وغير الفدية). ومرتب صفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>