للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثل الذباب الناموس، أو أراد به ما يشمل الناموس. والعامة تقلب الباء الأخيرة نونا ويشددون الأولى، وكذلك يعفى عن أثر الحجامة إذا مسح بخرقة ونحوها إلى أن يبرأ المحال لمشقة غسله قبل برء الجرح. فإذا برأ غسل كما قال الشيخ، أي وجوباً أو استناناً على ما قدمه من الخلاف.

(وطين كمطر ومائه مختلطاً بنجاسة ما دام طرياً في الطرق ولو بعد انقطاع نزوله، إلا أن تغلب عليه أو تصيب عينها): يعفى عن طين المطر ونحوه كطين الرش ومستنقع الطرق. وكذا يعفى عن ماء المطر وما ذكر معه حال كون ما ذكر من الطين أو الماء مختلطاً بنجاسة، وإلا فلا محل للعفو وسواء كانت النجاسة عذرة أو غيرها ما دام الطين طرياً في الطرق يخشى منه الإصابة ثانياً، ولو بعد انقطاع نزول المطر. ومحل العفو ما لم تغلب النجاسة على الطين بأن تكون أكثر منه يقيناً أو ظناً كنزول المطر على مطرح النجاسات، أو ما لم تصب الإنسان عين النجاسة الغير المختلطة بغيرها، وإلا فلا عفو ويجب الغسل. كما لا عفو بعد جفاف الطرق، فيجب غسل ما أصاب أيام النزول، وطراوة الطين لزوال المشقة. ولا يخفى عليك أن عبارتنا أوضح وأشمل من عبارته وقولنا: عينها فاعل تصيب، ومفعوله محذوف أي تصيبه عينها.

(وأثر دمل سال بنفسه أو احتاج لعصره أو كثرت): يعفى عن أثر الدمل من المدة السائلة بنفسها من غير عصره، فإن عصره لم يعف عما زاد على الدرهم إلا أن يضطر لعصره. فإن اضطر عفي عما زاد على الدرهم لأنه بمنزلة ما سال بنفسه. وكذا إن كثرت الدمامل فإنه يعفى عن أثرها، ولو عصرها لأن كثرتها مظنة الاضطرار كالحكة والجرب.

(وذيل امرأة أطيل لستر، ورجل بلت مراً بنجس يابس): يعفى عن ذيل ثوب المرأة يجر على الأرض المتنجسة فيتعلق به الغبار بشرط أن تكون إطالته للستر لا للخيلاء ويعفى عما تعلق برجل مبلولة مر بها صاحبها بنجاسة يابسة فيجوز للمرأة وذي الرجل الصلاة بذلك ولا يجب عليهما الغسل ولا حاجة لقوله: " يطهران بما بعده ".

(وخف ونعل من روث دواب وبولها إن دلكا وألحقت بهما رجل الفقير):

ــ

أصابه من بولها وأرواثها، كان في الحضر أو في السفر بأرض حرب أو غيرها. غاية ما هناك أنه إذا وجدت القيود الأربعة فلا يعتبر اجتهاده، بل العفو مطلق لتحقق الضرورة بخلاف ما إذا اختل قيد من الأربعة فلا بد من اجتهاده كما ذكره في الأصل. قوله: [ومثل الذباب] إلخ: أي فهو مستعمل في حقيقته ويقاس عليه الناموس.

قوله: [أو أراد به ما يشمل] إلخ: أي ففيه مجاز من إطلاق الخاص وإرادة العام، ويقاس عليه النمل الصغير. وأما الكبير فلا يعفى عنه لأن وقوعه على الإنسان نادر.

قوله: [إلى أن يبرأ]: فيه إشارة إلى أن "حتى" في المتن بمعنى إلى.

قوله: [أي وجوباً] إلخ: محل ذلك إذا كان أثر الدم أكثر من درهم، وإلا فلا محل لوجوب الغسل ولا لاستنانه. ومثل أثر الحجامة أثر الفصد فإذا برأ أمر بالغسل على ما تقدم وصلى متعمداً ولم يغسل، أعاد في الوقت على الراجح مما في خليل ليسارة الدم، لكونه أثراً لا عيناً. ومراعاة لمن لا يأمره بغسله. قوله: [ونحوه] وقوله فيما يأتي [وكذا] إلخ إشارة لما أدخلته الكاف.

قوله: [سواء كانت النجاسة] إلخ: أي وكان الطين أكثر منها تحقيقاً أو ظناً أو تساوياً بدليل ما يأتي.

قوله: [بأن تكون] إلخ: أي فلا عفو على غير ظاهر المدونة، وهو معفو عنه على ظاهرها.

قوله: [كنزول المطر] إلخ: مثال لما اختلفت فيه المدونة مع غيرها.

قوله: [أو ما لم تصب الإنسان] إلخ: أي فلا يعفى عنه اتفاقاً.

والحاصل أن الأحوال أربعة: الأولى والثانية: كون الطين أكثر من النجاسة أو مساوياً لها تحقيقاً أو ظناً ولا إشكال في العفو فيهما، والثالثة: غلبة النجاسة على الطين تحقيقاً أو ظناً وهو معفو عنه على ظاهر المدونة ويجب غسله على ما مشى عليه شارحنا تبعاً لابن أبي زيد. والرابعة: أن تكون عينها قائمة وهي لا عفو فيها اتفاقاً.

تنبيه: قيد بعضهم العفو عن طين المطر بما إذا لم يدخله على نفسه، وإلا فلا عفو؛ وذلك كأن يعدل عن الطريق السالمة للتي فيها طين بلا عذر.

قوله: [أو احتاج لعصره]: أشار بهذا إلى ما في أبي الحسن على المدونة من أن الدمل الواحدة إن اضطر إلى إنكائها وشق عليه تركها فإنه يعفى عما سال منها. قال شيخنا في مجموعه: والظاهر أن من الاضطرار إلى إنكائها وضع الدواء عليها فتسيل.

قوله: [فإن عصره] إلخ: محله ما لم يسل منه شيء بنفسه بعد العصر الأول، خرج منه شيء عند العصر أو لا؛ لأنه صدق عليه أنه سال بنفسه ومحل العفو إن دام سيلانه أو لم ينضبط، أو يأتي كل يوم ولو مرة. فإن انضبط وفارق يوماً وأتى آخر فلا عفو عما زاد على الدرهم، ولو مصل بنفسه. كذا يؤخذ من الأصل.

قوله: [وكذا إن كثرت]: أي بأن زادت على الواحدة.

قوله: [وذيل المرأة]: أي غير مبتل كما قيده في الأصل، وظاهره عدم الفرق بين الحرة والأمة. وهو كذلك خلافاً لابن عبد السلام حيث خصه بالحرة لكون الساق في حقها عورة وغيره راعى جواز الستر فعمم.

قوله: [أطيل لستر]: من المعلوم أنها لا تطيله للستر إلا إذا كانت غير لابسة الخف. فعلى هذا لو كانت لابسة الخف فلا عفو، سواء كان من زيها أم لا كما نقله (ح) عن الباجي اهـ ما في حاشية الأصل.

قوله: [يابس]: اسم فاعل وهو معنى قول خليل: يبس بفتح الباء فإنه مصدر بمعنى اسم الفاعل وبكسرها على أنه صفة مشبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>