للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا زجر انزجر ولو كان من جنس ما لا يقبل التعليم عادة كالنمر (من طير) كباز (أو غيره) ككلب (فمات) أو نفذ مقتله (قبل إدراكه) حياً فيباح أكله بشروط أربعة إذا جعلنا موته قبل إدراكه من الموضوع، كما هو ظاهر سياقه، وإلا كانت خمسة؛ إذ لو أدرك حياً غير منفوذ المقتل لم يؤكل إلا بالذبح.

أشار للأول بقوله: (إن أرسله) الصائد المسلم (من يده) بنية وتسمية، (أو) من (يد غلامه) وكفت نية الآمر وتسميته، نظراً إلى أن يد غلامه كيده، واحترز بذلك مما لو كان الجارح سائباً فذهب للصيد بنفسه، أو بإغراء ربه فلا يؤكل إلا بذكاة.

وأشار للثاني بقوله: (ولم يشتغل) الجارح حال إرساله (بغيره) أي الصيد (قبله) أي قبل اصطياده، فإن اشتغل بشيء كأكل جيفة أو صيد آخر، ثم انطلق فقتل الصيد لم يؤكل.

وذكر الثالث بقوله: (وأدماه): أي إن شرط أكله بصيد الجارح أن يدميه الجارح بنابه أو ظفره في عضو (ولو بأذن)، فلو صدمه فمات الصيد لم يؤكل، ولو شق جلده حيث لم ينزل منه دم.

وأشار للرابع بقوله: (وعلمه) الصائد حين إرسال الجارح عليه (من المباح): كالغزال وحمار الوحش وبقره، (وإن لم يعلم نوعه منه) أي من المباح؟ بأن اعتقد أنه من المباح وتردد: هل هو حمار وحش أو بقر أو ظبي؟ فإنه يؤكل.

(وإن تعدد مصيده): أي الجارح (إن) أرسله على جماعة من الوحش، و (نوى الجميع؛ وإلا) ينوي الجميع بأن نوى واحداً أو اثنين (فما نواه) يؤكل بقتل الجارح له حيث أدماه (إن صاده) الجارح أي صاد المنوي (أولاً) قبل غيره، فإن صاد غير المنوي قبل المنوي لم يؤكل واحد منهما إلا بذكاة؛ لتشاغله ابتداء بغير المنوي في المنوي وبعدم النية في غيره.

(لا) يحل أكله (إن تردد) بأن شك أو ظن أو توهم (في حرمته) كخنزير، فإذا هو حلال لعدم الجزم بالنية.

(أو) تردد (في المبيح) لأكله (إن شاركه) أي الجارح (غيره) في قتله (ككلب كافر) أرسله ربه الكافر على الصيد، فشارك كلب المسلم في قتله فلم يعلم هل الذي قتله كلب المسلم أو الكافر، وكذا لو رمى المسلم سهمه ورمى الكافر سهمه فأصاباه ومات من ذلك فلا يؤكل للتردد في المبيح.

(أو) كلب (غير معلم) بالجر عطف [١] على كلب كافر،

ــ

حيث أدرك حياً وذكي، وإنما الخلاف فيما أدرك حياً منفوذ المقتل وذكي، فعندهم يؤكل وعندنا لا.

قوله: [وإذا زجر انزجر] قال في حاشية الأصل هذا الشرط غير معتبر في الباز؛ لأنه لا ينزجر بل رجح بعضهم عدم اعتبار الانزجار في جميع الحيوانات، لأن الجارح لا يرجع بعد إشلائه.

واعلم أن عصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلماً كما لا يكون معلماً بطاعته مرة، بل المرجع في ذلك العرف.

قوله: [الصائد المسلم] أي المميز.

قوله: [من يده] المراد باليد حقيقتها ومثلها إرسالها من حزامه أو من تحت قدمه لا القدرة عليه أو الملك فقط، ثم ما مشى عليه المصنف من اشتراط الإرسال من يده ونحوها، فإن كان مفلوتاً فأرسله لم يؤكل هو قول مالك الذي رجع إليه، وكان يقول: أو لا يؤكل ولو أرسله من غير يده وما في حكمها، وبه أخذ ابن القاسم، والقولان في المدونة، واختار غير واحد كاللخمي ما أخذه به ابن القاسم وأيده (بن).

قوله: [أو من يد غلامه]: ولا يشترط أن يكون الغلام مسلماً حينئذ؛ لأن الناوي والمسمي هو سيده، فالإرسال منه حكماً.

قوله: [أو بإغراء ربه] إلخ: قد علمت أن هذا خلاف قول ابن القاسم الذي كان مالك يقول أولاً به.

قوله: [فإن اشتغل بشيء]: لا فرق بين كثير التشاغل وقليله، ورأى اللخمي أن قليل التشاغل لا يضر.

قوله: [فإنه يؤكل]: أي حيث ظهر أنه من أنواع المباح التي تؤكل بالعقر، فإن جزم بأنه مباح وتردد هل هو من نعم الإنس أو حمار وحش مثلاً لم يؤكل لأن الأول لا يباح بالعقر، ولو ظهر له بعد نفوذ مقتله أنه حمار وحش.

قوله: [إن أرسله على جماعة من الوحش]: أي معينة والقول بأكل الجميع إن تعدد مصيده هو قول ابن القاسم، وقال ابن المواز: لا يؤكل إلا الأول فذلك رد بالمبالغة عليه.

قوله: [فما نراه يؤكل] قال الأجهوري: فإن لم يكن له نية في واحد ولا في الجميع لم يؤكل شيء، وقال جد الأجهوري: يؤكل جميع ما جاء به في هذا أيضاً حيث كانت الصيود معينة حين الإرسال، فلو نوى واحداً بعينه لم يؤكل إلا هو إن عرف، وإن نوى واحداً لا بعينه لم يؤكل إلا الأول، ولو شك في أوليته لم يؤكل شيء كذا يؤخذ من حاشية الأصل تبعا لـ (بن).

قوله: [فإن صاد غير المنوي]: أي تحقيقاً أو ظناً أو شكاً.

قوله: [في المنوي]: في بمعنى عن.

قوله: [وبعدم النية في غيره]: أي الذي اشتغل به عن المنوي.

قوله: [بأن شك] إلخ: تفسير للتردد فليس المراد بالتردد استواء الطرفين، بل ما طرقه الاحتمال فلذلك فسره بالشك والظن والوهم.

قوله: [فإذا هو حلال]: أي كغزال.

قوله: [ككلب كافر]: المراد كلب أرسله كافر كان ربه أم لا فلا مفهوم لقوله ربه، وكذا يقال في كلب المسلم؛ لأن الإضافة تأتي لأدنى ملابسة.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (والعطف).

<<  <  ج: ص:  >  >>