للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نحو الجراد) والدود وخشاش الأرض، إذا عجل ذلك الفعل موته بل (ولو لم يعجل) موته (كقطع جناح) أو رجل (أو إلقاء بماء) حار فأولى قطع رأس. لا بد [١] من نية، وتسمية كما قال: (ووجب) وجوب شرط في كل نوع من أنواع الذكاة: (نيتها): أي قصدها ولو لم يستحضر حل الأكل، فمن لم يكن عنده نية كالمجنون لم تؤكل ذبيحته، وكذا من قصد بذلك الفعل إزهاق روحها وموتها دون الذكاة أو لم يقصد شيئاً، كمن ضرب الحيوان لدفع شره مثلاً بسيف فقطع حلقومه وأوداجه

(و) وجب عند التذكية [٢] (ذكر اسم الله) بأي صيغة من تسمية أو تهليل أو تسبيح أو تكبير. لكن (لمسلم) لا كتابي؛ فلا يجب عند ذبحه ذكر الله بل الشرط أن لا يذكر اسم غيره مما يعتقد ألوهيته. (إن ذكر) المسلم عند الذبح لا إن نسي فتؤكل ذبيحته. (وقدر): لا إن عجز كالأخرس فلا تجب عليه، وهذه القيود في ذكر اسم الله خاصة، وأما النية فواجبة مطلقاً ولو من كافر بدون قيد ذكر أو قدرة. (والأفضل) في ذكر الله أن يقول الذابح: (باسم الله والله أكبر).

(وهما) أي النية وذكر اسم الله (في الصيد) يكونان (حال الإرسال) للكلب ونحوه أو السهم لا حال الإصابة.

ثم شرع في بيان ما يذبح من الحيوان وما ينحر فقال: (و) وجب (نحر إبل وزرافة): وهي حيوان طويلة العنق كالإبل يداها أطول من رجليها، فإذا ذبحت لم تؤكل. (و) وجب (ذبح غيرهما): من الأنعام والوحوش والطيور، فإن نحرت لم تؤكل. (إلا لضرورة كعدم آلة) صالحة للذبح وكوقوع في حفرة بحيث لا يمكن ما يجب (فيجوز العكس) في الأمرين؛ فيجوز حينئذ ذبح الإبل ونحر غيرها. واستثنى من قوله. "وذبح غيرها" قوله: (إلا البقر فالأفضل فيها الذبح)، ويجوز نحرها. وشبه في الأفضلية قوله: (كالحديد) فإنه أفضل من غيره في الذبح والنحر كزجاج مسنون وحجر كذلك وقصب وعظم كذلك. (وسنه) بفتح السين المهملة وتشديد النون: أي كسن الحديد عند الذبح، فإنه أفضل أي مندوب للتسهيل على الحيوان (وقيام إبل) فإنه أفضل من تبريكها حال النحر حال كونها (مقيدة أو معقولة) الرجل (اليسرى) مستقبلة يقف الناحر بجنب الرجل اليمنى الغير [٣] المعقولة ماسكاً مشفرها الأعلى بيده اليسرى، ويطعنها في لبتها بيده اليمنى، مسمياً هكذا صفة النحر. (وضجع ذبح) بكسر المعجمة أي مذبوح (برفق) أفضل من رميه بقوة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله (وتوجيهه) أي المذبوح أو المنحور (للقبلة) لأنها أفضل الجهات. (وإيضاح المحل) أي محل الذبح من صوف أو شعر أو ريش فإنه أفضل لما فيه من الرفق والسهولة. (وكره ذبح بدون حفرة): كما يقع للجزارين بالمذابح السلطانية لما فيه من رؤية الذبائح بعضها بعضاً وهو من تعذيبها لأن لها تمييزاً وإشعاراً ولما فيه من عدم الاستقبال لأكثرها (و) كره (سلخ) لجلدها (أو قطع) لعضو منها (قبل الموت) أي قبل تمام خروج روحها، وبعد تمام الذبح أو النحر، وأما قبل التمام فميتة كما يقع كثيراً لبعض الفقراء في طريق الحج؛ يقع الجمل [٤] فيشرع إنسان في نحره فيأتي آخر ويقطع منه قطعة لحم قبل تمام النحر فلا يؤكل ما قطع. (و) كره (تعمد إبانة الرأس) ابتداء بأن نوى أنه يقطع لحلقوم والودجين، ويستمر حتى يبين الرأس من الجثة، وتؤكل إن أبانها وهذا هو المعول عليه.

ــ

إن وجد مع المضطر ونحوه، وإلا لم يلزمه ولو كان غنياً ببلده، أو تيسر بعد ذلك ولا يتعلق بذمته شيء. والمراد بالثمن: ما يشمل الأجرة في العمد والخشب، هذا حاصل ما في الأصل وشراحه وهذه المسألة بتفاصيلها ذكرت هنا استطراداً لمناسبة قوله: وضمن مار إلخ.

قوله: [والدود]: أي غير دود نحو الفاكهة من كل ما تخلق في الطعام كدود المش وسوس نحو الفول، فإن هذا لا يفتقر لذكاة وسيأتي إيضاحه في باب المباح.

قوله: [بل ولو لم يعجل موته] أي شأنه ذلك ولكن لا بد من تعجيل الموت به، وإنما كان ذكاة ما لا نفس له سائلة بما يموت به لما في الحديث الشريف: «أحلت لنا ميتتان السمك والجراد» فمراده بحل الميتة بالنسبة للجراد عدم ضبط ذكاته كغيره مما له نفس سائلة، وإن كان ظاهر الحديث استواءه مع السمك.

قوله: [ووجب وجوب شرط]: أي مطلقاً كما يأتي.

قوله: [لا إن نسي]: أي وحينئذ فيفيد قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: ١٢١] بما إذا تركت عمداً مع القدرة عليها لا نسياناً أو عجزاً والجاهل بالحكم كالعامد كما هو ظاهر المدونة، وقال ابن رشد: ليست التسمية بشرط في صحة الذكاة، ومعنى قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: ١٢١] لا تأكلوا الميتة التي لم يقصد ذكاتها لأنها فسق ومعنى قوله تعالى: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} [الأنعام: ١١٨] كلوا مما قصدت ذكاته فكنى عز وجل عن التذكية بذكر اسمه، فالآية لا تدل على وجوب التسمية في الذكاة، ولذلك قال غيرنا بسنيتها.

قوله: [حال الإرسال للكلب] من ذلك طلق بندق الرصاص، فالعبرة بحال رفع الزناد.

قوله: [فيجوز حينئذ ذبح الإبل]: أي في محل الذبح وهو الودجان والحلقوم ونحر غيرها في محل النحر وهو اللبة.

قوله: [إلا البقر]: ومنه الجاموس وبقر الوحش إذا قدر عليه، ومثل البقر في جواز الأمرين وندب الذبح ما أشبهه من حمار الوحش والخيل والبغال الوحشية.

قوله: [كزجاج مسنون]: أي محدد.

قوله: [فإن الله يحب الرفق في الأمر]: أي ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة».

قوله: [وكره سلخ لجلدها أو قطع]: أي وكذا حرق بالنار.

قوله: [قبل الموت]: أي لما في ذلك


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ولا بد).
[٢] في ط المعارف: (التزكية).
[٣] في ط المعارف: (غير).
[٤] في ط المعارف: (الحمل).

<<  <  ج: ص:  >  >>