للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينفعه فعله بعد [١] ويلزمه المعلق عليه من طلاق ونحوه، ولا ينفعه الفعل بعد العزم على الترك؛ وهذا في الحنث المطلق. وأما المقيد بزمن نحو: لأدخلن الدار في هذا الشهر، أو: إن لم أدخلها في شهر كذا فهي طالق فلا يحنث بالعزم على الضد.

(و) حنث في صيغة البر نحو: لا أفعل كذا (بالنسيان) أي بفعله ناسياً لحلفه، (والخطأ) كما لو فعله معتقداً أنه غير المحلوف عليه فيحنث.

وهذا (إن أطلق) في يمينه ولم يقيد بعمد ولا تذكار.

فإن قيد بأن قال: لا أفعله ما لم أنس أو عامداً مختاراً أو متذكراً فلا حنث بالنسيان أو الخطأ، وتقدم أنه لا حنث في الإكراه في البر.

(و) حنث في البر (بالبعض) أي بفعل بعض المحلوف على تركه، فمن حلف لا آكل الرغيف أو هذا الطعام فأكل بعضه ولو لقمة حنث. وأما صيغة الحنث نحو: والله لآكلن هذا الطعام أو الرغيف، أو إن لم آكله فهي طالق، فلا يبر بفعل البعض. وهو معنى قوله: (عكس البر)

أي لا يبر بالبعض أي في صيغة الحنث، (و) حنث (بالسويق أو اللبن) أي بشربهما (في) حلفه: (لا آكل) طعاماً لأن شربهما أكل شرعاً ولغة، والموضوع أنه لا نية ولا بساط،

ــ

إلا بفوات المحلوف عليه، فله أن يرجع لحلفه ويبطل العزم كما إذا قال: إن لم أتزوج فعلي كذا، ثم عزم على ترك الزواج فله الرجوع للزواج وإبطال عزمه ولا يلزمه شيء مما حلف به، واختار (ر) هذه الطريقة نقله محشي الأصل، لكن (بن) رد قول (ر) كما ذكره المؤلف في تقريره.

قوله: [ولا ينفعه فعله بعد]: أي خلافاً لما اختاره (ر) كما علمت.

قوله: [فلا يحنث بالعزم على الضد]: أي وإنما يحنث بعدم فعل المحلوف عليه إذا فات الأجل.

قوله: [بالنسيان]: أي على المعتمد خلافاً لابن العربي والسيوري وجمع من المتأخرين حيث قالوا بعدم الحنث بالنسيان وفاقاً للشافعي.

قوله: [والخطأ كما لو فعله] إلخ: حاصله أنه إذا حلف لا يدخل دار فلان فدخلها معتقداً أنها غيرها، فإنه يحنث عند الإطلاق، ومن أمثلة الخطأ أيضاً ما إذا حلف أنه لا يتناول منه دراهم فتناول منه ثوباً تبين أن فيه دراهم، فإنه يحنث وقيل بعدم الحنث وقيل بالحنث إن كان يظن أن فيه دراهم قياساً على السرقة وإلا فلا حنث، وأما الغلط اللساني فالصواب عدم الحنث به كحلفه: لا أذكر فلاناً فسبق لسانه به، وما وقع في كلامهم من الحنث بالغلط فالمراد به الغلط الجناني الذي هو الخطأ كذا في (بن).

قوله: [فلا حنث بالنسيان والخطأ] أي اتفاقاً وأما لو قال لا أفعله عمداً ولا نسياناً، فإنه يحنث اتفاقاً، فإذا حلف أنه لا يأكل في غد فأكل فيه نسياناً فإنه يحنث على المعتمد، ولو حلف بالطلاق ليصومن غداً فأصبح صائماً ثم أكل ناسياً فلا حنث عليه كما في سماع عيسى، لأنه حلف على الصوم وقد وجد والذي فعله نسياناً هو الأكل، وهذا الأكل غير مبطل لصومه؛ لأن الأكل في التطوع لا يبطله وهذا الصوم كتطوع بحسب الأصل، فلما لم يبطل صومه لم يحنث. اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [فأكل بعضه ولو لقمة حنث]: قال في الأصل ولو قيد بالكل. اهـ. أي بأن قال: لا آكل كل الرغيف وهذا هو المشهور قال محشيه: واستشكل هذا بأنه مخالف لما تقرر من أن إفادة كل للكلية محله ما لم تقع في حيز النفي، وإلا لم يستغرق غالباً بل يكون المقصود نفي الهيئة الاجتماعية الصادقة بالبعض كقوله:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وما هنا من هذا القبيل ومن غير الغالب استغراقها كقوله تعالى: {والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد: ٢٣] فتأمله إلا أن يقال: روعي في هذا القول المشهور الوجه القليل حيث لا نية ولا بساط؛ لأن الحنث يقع بأدنى وجه فتأمل ا. هـ، ومن أمثلة الحنث بالبعض من حلف أن لا يلبس هذا الثوب فإنه يحنث بإدخال طوقه في عنقه ومن حلف لا يصلي حنث بالإحرام، ومن حلف لا يصوم حنث بالإصباح ناوياً ولو أفسد بعد ذلك فيهما، بل في (ح) إن حلف لا يركب حنث بوضع رجله في الركاب ولو لم يستقر على الدابة حيث استقل عن الأرض، وإن علق يمينه على وضع ما في البطن فوضعت واحداً وبقي واحد حنث بوضع الأول، ولو حلف لا يطؤها حنث بمغيب الحشفة، وقيل بالإنزال، ولا يحنث ببعض الحشفة لتعويل. الشارع في أحكام الوطء على مغيب الحشفة، ولو حلف أن لا يدخل الدار لم يحنث بإدخال رأسه بخلاف رجله والأظهر إن اعتمد عليها انظر البدر. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [أي في صيغة الحنث]: أي إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على فعل شيء ذي أجزاء فلا يبر بفعل البعض؛ وذكر شيخ مشايخنا العدوي أن من حلف عليه بالأكل، فإن كان في آخر الأكل فلا يبر الحالف إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر، وإن لم يكن المحلوف عليه في آخر الأكل فلا يبر إلا بشبع مثله.

قوله: [أي بشربهما]: أي لا بشرب الماء ولو ماء زمزم فلا يحنث إذ هو ليس بطعام عرفاً، وإن كان ماء زمزم طعاماً شرعاً والعرف مقدم كما تقدم، ومحل حنثه بشرب اللبن والسويق إن قصد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>