للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وندب) النذر (المطلق) وهو ما لم يعلق على شيء ولم يكرر؛ لأنه من فعل الخير، وسواء قال: لله علي أو: علي كذا، تلفظ بنذر فيهما أو لا.

(وكره المكرر) كنذر صوم كل خميس لما فيه من الثقل على النفس، فيكون إلى غير الطاعة أقرب.

(و) كره (المعلق على غير معصية) نحو إن شفى الله مريضي أو قدم زيد من سفره فعلي صدقة كذا لأنه كالمجازاة والمعاوضة [١] لا القربة المحضة، وظاهره ولو كان المعلق عليه طاعة نحو: إن حججت فلله علي كذا وهو ظاهر التعليل أيضاً لأنه في قوة إن أقدرني الله على الحج لأجازينه بكذا، ولا شك في كراهة ذلك ولا عبرة بمخالفة المخالف.

(وإلا) بأن علق القربة على معصية (حرم) ووجب تركها، (فإن فعلها أثم ولزم ما سماه) من القربة في المعلق وغيره نحو: إن شفى الله مريضي فعلي صدقة مائة دينار أو عشرين بدنة أو نصف مالي، (ولو) كان المسمى (معيناً) كحائطي الفلاني وعبدي فلان وهذه الفرس (أتى على جميع ماله، كصوم أو صلاة) نذر فعلهما (بثغر) من الإسلام كإسكندرية، فإنه يلزمه الذهاب إليه والأولى نذر الرباط، بخلاف غير الثغر فلا يلزمه الذهاب إليه لما ذكر، بل يفعله في محله.

(و) إن نذر شيئاً ولم يقدر عليه (سقط ما عجز عنه) وأتى بمقدوره، (إلا البدنة): وهي الواحدة من الإبل ذكراً أو أنثى، فتاؤها للوحدة لا للتأنيث إذا نذرها وعجز عنها، (فبقرة) تلزمه بدلها، (ثم) إن عجز عن البقرة [٢] لزمه (سبع شياه) بدل البقرة كل شاة تجزئ تضحية.

(و) لزمه (ثلث ماله) الموجود (حين النذر) أو اليمين لا ما زاد بعده (إلا أن ينقص)

ــ

يوم، قال في الشامل: إن من نذر صوم بعض يوم لزمه يوم. قال في المجموع: وكأنه لعلم كل أحد بأن الصوم إنما يصح يوماً، فكأن هذا متلاعب فشدد عليه، قالوا: ولو نذر ركعة لزمه ركعتان، أو صدقة فأقل ما يتصدق به، وسبق في الاعتكاف ولزم يوم إن نذر ليلة لا بعض يوم، وإطعام مسكين وأطلق، فإن عليه شرعا مداً أو بدله ا. هـ.

قوله: [وندب النذر المطلق]: أي ندب القدوم عليه.

قوله: [لأنه من فعل الخير]: فيه إشارة لقول تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [الحج: ٧٧] وهو تعليل لقوله: (وندب المطلق).

قوله: [وكره المعلق]: أي على ما للباجي وابن شاس، وقال ابن رشد، بالإباحة وفي (ح) عن ابن عرفة ظاهر الروايات عدم إجزاء المعلق على شيء بعد حصول بعضه وقبل تمامه، فليس كاليمين يحصل الحنث فيها بالبعض، كما إذا قال: إن رزقت ثلاثة دنانير فعلي صوم ثلاثة أيام، فرزق دينارين فصام الثلاثة. وفي سماع ابن أبي زيد لابن القاسم الإجزاء إن بقي يسير جدّاً ويقوم من سماع ابن القاسم في كتاب الصدقة اللزوم بحسب ما حصل فالأقوال ثلاثة. اهـ. من المجموع.

تنبيه: يلزم الناذر ما التزمه ولا ينفع فيه إنشاء ولا تعليق كما قال خليل. ولو قال: إلا أن يبدو لي أو أرى خيراً منه، ما لم يرجع قوله إلا أن يبدو لي " للمعلق عليه فقط، كما يأتي في الطلاق لا للمعلق ولا لهما أو أطلق. ولو قال: أنت طالق إن شئت بضم التاء نفعه لأن التعليق معهود في الطلاق كثيراً بخلاف النذر. وقاس القاضي إسماعيل النذر عليه وهو خلاف المشهور، وأما لو علق على مشيئة فلان فالعبرة بمشيئة المعلق عليه في النذر والطلاق.

قوله: [لأنه كالمجازاة] إلخ: أي فلم يجعله خالصاً لوجه الله الكريم.

وأما لو نذر شيئاً على نعمة حصلت بالفعل كما إذا شفى الله مريضه بالفعل فنذر صوم شهر فلا بأس بذلك، لأنه من شكر النعمة التي حصلت، وشكر النعمة مأمور به وللمذموم التعليق على أمر مترقب.

قوله: [ولا عبرة بمخالفة المخالف]: أي الذي هو ابن رشد.

قوله: [ولزم ما سماه] إلخ: كلام مستأنف راجع لجميع ما تقدم. قوله: [أتى على جميع ماله] أي على المشهور خلافاً لما روي عن مالك، من أنه إذا سمى معيناً وأتى على جميع ماله لا يلزمه إلا ثلث ماله. ولما حكاه اللخمي عن سحنون من أنه لا يلزمه إلا ما لا يجحف به.

قوله: [أو صلاة]: أي يمكن معها الرباط.

قوله: [فإنه يلزمه الذهاب إليه]: أي وإن كان الناذر قاطناً بمكة أو المدينة ويأتي ولو راكباً ولا يلزمه المشي.

قوله: [بخلاف غير الثغر] أي وغير المساجد الثلاثة، وإلا فالمساجد الثلاثة يلزم لها كل ما نذره من صوم أو صلاة أو اعتكاف.

والحاصل: أنه إذا نذر الرباط أو الصوم بثغر لزمه، وكذا إذا نذر صلاة يمكن معها الحراسة. وإن نذر صلاة فقط ثم يعود من غير رباط فلا يلزمه إتيانه، بل يصلي بموضعه ولذلك لو نذر بالثغور اعتكافاً لا يلزمه لأن الاعتكاف ينافي الرباط، بخلاف المساجد الثلاثة فيلزمه الإتيان لها سواء نذر صوماً أو صلاة أو اعتكافاً كما يأتي.

قوله: [لزمه سبع شياه]: فإن عجز عن الغنم فلا يلزمه شيء لا صيام ولا غيره، بل يصير لوجود الأصل أو بدله أو بدل بدله، فلو قدر على دون السبعة من الغنم فلا يلزمه إخراج شيء من ذلك، وقال بعضهم: يلزمه ثم يكمل متى أيسر، قال الخرشي: وهو ظاهر لأنه ليس عليه أن يأتي بها كلها في وقت واحد. ومفهوم قول المصنف: (بدنة) لو نذر بقرة ثم عجز عنها هل يلزمه سبع شياه كما هنا؟ وهو الظاهر، أو يجزئه دون ذلك؟ لأن البقرة التي تقوم مقامها الشياه السبع هي التي وقعت عوضاً عن البدنة، بخلاف ما إذا وقع النذر على البقرة كذا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (والمعارضة).
[٢] في ط المعارف: (البقر).

<<  <  ج: ص:  >  >>