للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو لم يصل المحل بأن يقول: " بسم الله اللهم إلخ "، والخُبُث بضم الخاء المعجمة والباء الموحدة؛ جمع خبيث: ذكر الشياطين. وقد تسكن الباء. والخبائث؛ جمع خبيثة: أنثى الشياطين.

ومن الآداب المندوبة أن يقول بعد خروجه من الخلاء أو بعد تحوله من مكانه في الفضاء: " الحمد لله إلخ ". وليس بعد الخروج تسمية كما يفيده النقل خلافاً لبعضهم.

(وسكوت إلا لمهم): أي ويندب له السكوت ما دام في الخلاء - ولو بعد خروج الأذى - إلا لأمر مهم يقتضي كلامه؛ كطلب ما يزيل به الأذى. وقد يجب الكلام كإنقاذ أعمى من سقوط في حفرة أو تخليص مال ونحو ذلك.

(وبالفضاء: تستر، وبعد، واتقاء جحر، وريح، ومورد، وطريق، وظل، ومجلس، ومكان نجس): من الآداب المندوبة إذا أراد قضاء حاجته بالفضاء: أن يستتر عن أعين الناس بشجر أو صخرة أو نحو ذلك بحيث لا يرى جسمه. وأما ستر عورته عنهم فواجب. وأن يبعد عنهم بحيث لا يسمع له صوت ريح يخرج منه، وأن يتقي - أي يتجنب - قضاء حاجته في جحر؛ بضم الجيم وسكون الحاء المهملة: أي ثقب في الأرض مستدير أو مستطيل، لئلا يخرج منه ما يؤذيه من الهوام، ولأنه مسكن الجن، فربما حصل منهم له أذية. وأن يتقي مهب الريح لئلا يعود عليه البول فينجسه وأن يتقي مورد الناس: أي محل ورودهم للماء، لأنه يؤذي الناس فيلعنونه. وأن يتقي الطرق التي يمر فيها الناس، وأن يتقي الظل: أي المحل الذي الشأن أن يستظل فيه الناس. لا مطلق ظل، ومثله الشمس أيام الشتاء، والمكان المقمر الذي شأنهم الجلوس فيه. والمورد وما عطف عليه هي المسماة بالملاعن الثلاث، وعطف المجلس عليها من عطف ما هو أعم. وأن يتقي الأمكنة النجسة لئلا تصيبه نجاستها.

(وتنحية ذكر الله لفظاً وخطاً): من الآداب الأكيدة أن لا يذكر الله تعالى في الخلاء قبل خروج الأذى أو حال خروجه وبعده ما دام في المكان الذي يقضي فيه حاجته، سواء كان كنيفاً أو غيره. وأن لا يدخل الكنيف أو يقضي حاجته بفضاء ومعه مكتوب فيه ذكر الله، أو درهم أو خاتم مكتوب فيه ذلك، وكذا اسم نبي. ولينحه قبل دخوله ندباً أكيداً. إلا القرآن فيحرم قراءته والدخول بمصحف أو بعضه

ــ

يتحصن؟ قلت: تركه الذكر تعظيماً لله هو التحصن.

قوله: [ولو لم يصل المحل]: ومثل الكنيف المواضع القذرة التي بين يديه.

قوله: [بأن يقول] إلخ: هذه رواية من جملة روايات مشهورة أيها يكفي. وحكمته أنه عليه الصلاة والسلام قال: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله». وخص هذا الموضع بالاستعاذة لأن للشيطان فيه تسلطاً وقدرة على ابن آدم لم تكن في غيره بسبب غيبة الحفظة عنه.

قوله: [وقد تسكن الباء]: وقيل بالسكون: الكفر.

قوله: [الحمد لله] إلخ: ومنه أيضاً ما ورد أنه يقول: «غفرانك». والحكمة في طلب الغفران أنه لما كان خروج الأخبثين بسبب خطيئة آدم ومخالفة الأمر حيث جعل مكثه في الأرض، وما تنال ذريته فيها عظة للعباد وتذكرة لما تؤول إليه المعاصي، فقد روي «أنه لما وجد من نفسه ريح الغائط فقال: أي رب ما هذا؟ فقال تعالى: هذا ريح خطيئتك، فكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول عند خروجه من الخلاء: غفرانك»، التفاتاً إلى هذا الأصل وتذكيراً لأمته بهذه العظة اهـ من الحاشية. وفي رواية: «الحمد لله الذي سوغنيه طيباً وأخرجه عني خبيثاً»، وفي رواية: «الحمد لله الذي رزقني لذته وأذهب عني مشقته وأبقى في جسمي قوته».

قوله: [وسكوت] إلخ: أي لأن الكلام حين قضاء الحاجة يورث الصمم وحينئذ فلا يشمت عاطساً ولا يحمد إن عطس، ولا يجيب مؤذناً ولا يرد على مسلم ولو بعد الفراغ، كالمجامع. بخلاف الملبي والمؤذن فإنهما يردان بعد الفراغ، وأما المصلي فيرد بالإشارة.

قوله: [من الآداب المندوبة] إلخ: جعل هذه من المندوبات باعتبار الغالب، كما ستقف عليه في الحل.

قوله: [وأما ستر عورته] إلخ: حاصله أن ستر العورة عن أعين الناس واجب. ومصب الندب أن يبعد عنهم بحيث لا يرى له جسم ولا يسمع له صوت ولا يشم له ريح. وهذا بالفضاء كما صرح المصنف، وأما في الكنيف فلا يضر سماع صوته ولا شم ريحه للمشقة.

قوله: [أو مستطيل]: أشار بهذا إلى أنه ليس المراد بالجحر خصوص المستدير بالجحر، بل ما يشمل السرب بفتح السين والراء وهو المستطيل، وليس مقصوراً على معناه اللغوي وهو المستدير.

قوله [مهب الريح]: أي جهة هبوبه وإن كان ساكناً.

قوله: [الطرق]: هو أعم مما قبله. لأن الطريق إما موصلة للماء فتكون مورداً، وإما غير موصلة له فلا تكون مورداً. وقد يقال الطريق عرفاً: ما اعتيد للسلوك، والمورد محل الورود فهو مغاير، ولذا جمع بينهما في الحديث.

قوله: [الشأن] إلخ: أي كمقيل ومناخ، أي محل قيلولة الناس أو إناخة الإبل فيها.

قوله: [هي المسماة بالملاعن] إلخ: قال في الحاشية: والظاهر أن قضاء الحاجة في الموارد والطريق والظل وما ألحق به حرام كما يفيده عياض. وقاله الأجهوري وقد تبع شارحنا خليلاً. ولكن مقتضى تسميتها ملاعن تشهد للحرمة. فلذلك قلنا: جعلها مندوبات، باعتبار الغالب.

قوله: [الأمكنة النجسة] إلخ: فيتقي الصلب منها في البول والغائط قياماً وجلوساً، والرخو منها في الغائط قياماً وجلوساً وفي البول جلوساً.

قوله: [وكذا اسم نبي]: أي مقرون بما

<<  <  ج: ص:  >  >>