للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) أخذه (بالأول) من الأثمان (إن تعدد) البيع.

(فإن جهل) ربه -وإن علم أنه لمسلم كمصحف وكتاب فقه أو حديث- (قسم)، ولا يوقف حتى يعلم ربه ولا يتصدق به.

(وعلى الآخذ) لشيء من المغانم في سهمه (إن علم بربه ترك تصرف) فيه ببيع أو إهداء أو وطء إن كان جارية (ليخيره): أي ليخير ربه بين أن يأخذه بثمنه أو قيمته أو بتركه له، وهذا فيما علم بعد القسم، وأما ما علم به قبله فلا يمضي ويأخذه ربه مجاناً كما تقدم.

(فإن تصرف) ببيع أو هبة فلربه أخذه. وإن تصرف (بكاستيلاد) أو تدبير أو كتابة أو عتق لأجل - وأولى بعتق ناجز- (مضى)، وليس لربه أخذه.

(كالمشتري من حربي) بدار الحرب -وقدم به المشتري وعرف ربه- فعليه ترك التصرف حتى يخبر ربه بذلك. فإن تصرف بكاستيلاد مضى، وكذا إن تصرف ببيع فإنه يمضي بخلاف المأخوذ من الغنيمة كما تقدم، ومحل مضي الاستيلاد ونحوه في المأخوذ من الغنيمة (إن لم يأخذه على أن يرد له): أي لربه بأن أخذه ناوياً لتملكه، أو لا نية له. فإن أخذه على أن يرده لربه فلا يمضي تصرفه فيه، ولربه رد عتقه وأخذه على الراجح، وقيل بالمضي أيضاً.

(ولمسلم أو ذمي أخذ ما وهبوه): الحربيون لمسلم أو ذمي (بدارهم) فقدم به وعرفه [١] ربه (مجاناً) بلا عوض، معمول لـ" أخذ " أي يأخذه من الموهوب له مجاناً.

(وما عاوضوا عليه): بأن بذلوه لنا بدارهم في نظير شيء يأخذه ربه المسلم أو الذمي، (بالعوض) أي بمثل الذي أخذ به مقوماً أو مثلياً، (إن لم يبع) أي إن لم يبعه آخذه منهم في المسألتين. (وإلا) -بأن باعه- (لمضى [٢]) البيع وليس لربه كلام في أخذه، (و) لكن (لربه الثمن) الذي بيع به فيما إذا وهبوه مجاناً (أو الربح) في مسألة المعاوضة [٣]، فإذا اشتراه منهم بمائة وباعه بمائتين أخذ ربه من البائع المائة التي ربحها.

وما أخذه لصوص المسلمين من الحربيين فهو لهم حلال ولا يخمس على التحقيق، ولربه المسلم أو الذمي إن عرفه أخذه منهم بقيمته، وأما ما أخذه اللصوص من المسلمين أو من أهل الذمة فيجب رده على ربه ولو فداه إنسان منهم بمال، فهل يأخذه ربه من الفادي مجاناً -ويقال له: اتبع اللص- أو بما فداه به؟ الأرجح الثاني، وإليه أشار بقوله: (وما فُدي) بمال (من كلص) من كل ظالم لا قدرة على التلخيص منه إلا بمال يدفع له كغاصب وسارق ومكاس وجند أخذه ربه من الفادي (بالفداء) الذي بذله في تخليصه من الظالم بشرطين: أشار للأول بقوله: (إن لم يأخذه) الفادي من الظالم بالفداء،

ــ

بلا شيء وهو قول ابن القاسم وابن حبيب اهـ. فلذلك اختار شارحنا هذا الأخير.

قوله: [وأخذه بالأول] إلخ: والفرق على هذا بينه وبين الشفيع يأخذ بما شاء من الأثمان: أنه هنا إذا امتنع من أخذه بالثمن الأول، فقد سلم صحة ملك آخذه من الغنيمة فسقط حقه، والشفيع إذا سلم للأول صارا شريكين، وكل شريك باع حظه فلشريكه عليه الشفعة فلذلك يأخذ بما شاء.

قوله: [قسم]: أي بين المجاهدين لتعلق حقهم به، وهذا هو المشهور، ومقابله ما لابن المواز والقاضي عبد الوهاب من أنه يوقف كذا في الحاشية، فقوله: ولا يوقف رد به على ابن المواز والقاضي عبد الوهاب.

تنبيه: محل قسمة ما لم يتعين صاحبه إذا كان غير لقطة، وأما اللقطة توجد مكتوباً عليها فإنها لا تقسم بل توقف اتفاقاً، ثم إن عرف ربها حملت له إن كان خيراً ولو وجد في الغنيمة معتق لأجل ومدبر ومكاتب عرف أنه لمسلم غير معين، بيعت خدمة المعتق لأجل، وخدمة المدبر وكتابة المكاتب، ثم إن جاء السيد فله الفداء بالثمن، وله الترك فيصير حق المشتري في الخدمة وفي الكتابة، فإن عجز المكاتب رق له وإن أدى عتق وولاؤه لسيده إن علم، وإلا فولاؤه للمسلمين.

وأما لو وجد أم ولد لمسلم جهل ربها فلا تباع هي ولا خدمتها إذ ليس لسيدها فيها إلا الاستمتاع، ويسير الخدمة وهو لغو فينجز عتقها، ولا بد من ثبوت العتق لأجل، وما بعده بالبينة وكيفيتها مع عدم معرفة السيد أن تقول: أشهدنا قوم يسمونهم أن سيده أعتقه لأجل مثلاً، ولم نسألهم عن اسم سيده أو سموه ونسبناه اهـ. من الأصل.

قوله: [وهذا فيما علم بعد القسم]: أي علم أنه ملك شخص معين بعد القسم سواء كان حين القسم لم يعلم أنها سلعة مسلم أو ذمي، أو كان يعلم أنها سلعة واحد منهما لكن لم يعلم عنه إلا بعد القسم.

قوله: [بخلاف المأخوذ من الغنيمة] إلخ: والفرق بين المسألتين ما ذكره عبد الحق عن بعض القرويين: أن ما وقع في المقاسم قد أخذ من العدو على وجه القهر والغلبة، فكان أقوى في رده لربه، والمشتري من دار الحرب إنما دفعه الحربي الذي كان في يده طوعاً، ولو شاء ما دفعه فهو أقوى في إمضاء ما فعل به.

قوله: [بدارهم]: أي وكذا بدارنا قبل تأمينهم، وأما ما باعوه أو وهبوه بدارنا بعد تأمينهم فقد تقدم أنه يفوت على ربه.

قوله: [مقوماً أو مثلياً]: الذي في التوضيح و (ح) أن الواجب مثل العرض في محله ولو كان مقوماً كمن استلف عرضاً فلا يلزمه إلا مثله في موضع السلف، نعم من عجز عن المثل في محله اعتبرت القيمة في العوض ولو كان مثلياً.

قوله: [في المسألتين]: أي مسألة الهبة والمعاوضة.

قوله: [أخذه منهم بقيمته]: والفرق بينه وبين ما عرف من الغنيمة قبل القسم، أن المال في مسألة الغنيمة حاصل غير مقصود بخلاف ما هنا.

قوله: [الأرجح الثاني]: أي من قولين عند ابن عبد السلام قياساً على ما فدي


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (عرفه).
[٢] في ط المعارف: (مضى)، ولعله الصواب.
[٣] في ط المعارف: (المعارضة).

<<  <  ج: ص:  >  >>