(ليتملكه) وإلا أخذه ربه منه مجاناً.
وإلى الثاني بقوله: (ولم يمكن خلاصه) أي: تخليصه من الظالم (إلا به) أي بالفداء، فإن أمكن خلاصه مجاناً أخذ منه مجاناً، وإن أمكن بأقل مما فداه أخذه ربه بالأقل.
(وعبد الحربي يسلم) دون سيده (حر إن فر إلينا أو بقي) بدار الحرب (حتى غنم قبل إسلام سيده).
(وإلا) بأن فر إلينا بعد إسلام سيده أو لم يفر وأسلم سيده (فرق له) أي لسيده.
(وهدم السبي) منا لزوجين حربيين (نكاحهم)، وجاز لمن سباها أو وقعت في سهمه أو اشتراها من المغنم وطؤها.
(وعليها الاستبراء بحيضة) لأنها أمة.
(إلا أن تُسبى وتُسلِمَ بعد إسلامه) الظرف متعلق بالفعلين أي: أنها إذا سبيت بعد إسلام زوجها وأسلمت لم ينهدم نكاحهما، وتبقى أمة مسلمة تحت حر مسلم.
فصل في الجزية وبعض أحكامها
(الجزية مال يضربه): أي يجعله (الإمام على كافر) كتابي أو مشرك أو غيرهما ولو قرشياً.
ــ
من دار الحرب، ولأنه لو أخذه ربه ممن فداه بغير شيء مع كثرة اللصوص لسد هذا الباب مع كثرة حاجة الناس إليه ابن ناجي وبه كان يفتي شيخنا الشبيبي.
قوله: [ليمتلكه]: هذا القيد لابن هارون، قال في التوضيح: ولا يجوز دفع الأجرة للفادي إن كان دفع الفداء من عنده لأنه سلف وإجارة، وأما إن كان الدافع للفداء غيره ففي جواز دفع الأجرة له نظر كذا في (بن). وانظر لو تنازع رب الشيء والفادي في نية التملك وعدمها، هل القول للفادي بيمينه - لأنه لا يعلم إلا منه - إن لم تكن له بينة؟ ولو تنازعا في قدر ما فدي به فهل القول للفادي إن أشبه؟ كما إذ تنازعا في أصل الفداء.
قوله: [وعبد الحربي يسلم] إلخ: الحاصل: أن عبد الحربي إذا فر إلينا قبل إسلام سيده كان حراً لأنه غنم نفسه، سواء أسلم أو لم يسلم، وسواء كان فراره قبل نزول الجيش في بلادهم أو بعده، ولا ولاء للسيد عليه ولا يرجع له إن أسلم، وكذا يكون حراً إن أسلم أو بقي حتى غنم قبل إسلام سيده. وأما إذا فر إلينا بعد إسلام سيده أو مصاحباً لإسلامه فإنه يحكم برقه لسيده، إذا علمت ذلك فلا مفهوم لقول الشارح يسلم، وإنما أتى به لأجل قوله أو بقي حتى غنم.
قوله: [وهدم السبي] إلخ: بالمعجمة بمعنى قطع وبالمهملة بمعنى أسقط، وسواء سبيا معاً أو مترتبين.
قوله: [إلا أن تسبى وتسلم]: أي قبل أن تحيض، وقوله [بعد إسلامه] أي غير مسبي بأن جاءنا مسلماً أو دخل بلادنا بأمان، ثم أسلم، وأما لو أسلم قبلها بعد سبيه ثم سبيت وأسلمت بعده فينهدم نكاحها أيضاً.
والحاصل أنهما إذا سبيا معاً أو مترتبين ينهدم نكاحهما سواء حصل إسلام من أحدهما بين سبيهما أو حصل بعدهما، فالأول: كما لو سبي هو وأسلم ثم سبيت هي بعد إسلامه وأسلمت، أو بالعكس، والثاني: كما لو سبي أولاً وبقي على كفره ثم سبيت وأسلم بعد ذلك أو بالعكس فينهدم النكاح على كل حال.
قوله: [الظرف متعلق بالفعلين]: أي لفظ بعد تنازع فيه الفعلان فهما طالبان له من حيث المعنى وإن كان العامل أحدهما.
قوله: [وتبقى أمة مسلمة تحت حر مسلم]: أي ولا يشترط في إقراره عليها ما اشترط في نكاح الأمة من عدم الطول وخوف العنت، لأن هذه الشروط في نكاح الأمة في الابتداء والدوام ليس كالابتداء على المعتمد.
خاتمة: الحربي الذي أسلم وفر إلينا أو بقي حتى غزا المسلمون بلده: ولده فيء إن حملت به أمه قبل إسلام أبيه وماله وزوجته التي أسرت بعد ذلك كذلك، وأقر عليها إن أسلمت قبل حيضة كما تقدم. وأما أولاد الكتابية والمسلمة إذا سباهما حربي وأولدهما ثم غنم المسلمون الكتابية والمسلمة: وأولادهما الصغار أحرار تبعاً لأمهم. وأما الكبار فرق إن كانوا من كتابية قاتلونا أم لا، وهل كبار أولاد المسلمة كأولاد الكتابية رق مطلقاً أو إن قاتلونا؟ قولان. وأما ولد الأمة التي سباها الحربيون منا فولدت عنده فهو لمالكها صغاراً أو كباراً من زوج أو غيره.
فصل في الجزية وبعض أحكامها
لما أنهى الكلام على قتال الكفار أتبعه بما ينشأ عنه جزية وغير ذلك من متعلقاته، وبدأ بالكلام على الجزية لأنها الأمر الثاني المانع من القتال كما مر في قوله ودعوا للإسلام فالجزية.
والجزية بكسر الجيم لغة مأخوذة من المجازاة لأنها جزاء لكفنا عنهم وتمكينهم من سكنى دارنا، وقيل: من جزى يجزي إذا قضى قال تعالى: {واتقوا يوماً لا تجزي} [البقرة: ٤٨] أي لا تقضي، وجمعها الجزى بكسر الجيم مثل لحية ولحى. وشرعت في السنة الثامنة وقيل التاسعة من الهجرة. واصطلاحاً: ما أشار إليه المصنف بقوله: [مال] إلخ.
قوله: [أي يجعله الإمام]: فلا يصح من غيره بغير إذنه، إلا أنه إن وقع يمنع القتل والأسر، وحينئذ فيرد لمأمنه حتى يعقدها معه الإمام أو نائبه.
قوله: [ولو قرشياً]: أي فتؤخذ الجزية منه على