للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ذكر حر) لا أنثى ولا رقيق (مكلف) لا صبي ومجنون (قادر) على الأداء لا فقير (مخالط) لأهل دينه ولو منعزلاً بكنيسة، لا راهب منعزل بدير ونحوه فلا تضرب عليه.

(يصح سباؤه) خرج المرتد والمعاهد زمن عهده (لم يعتقه مسلم) بأن لم يعتقه أحد أبداً أو أعتقه كافر فإن أعتقه مسلم ببلاد الإسلام لم تضرب عليه لعدم صحة سبيه، فلو أعتقه ببلاد الحرب ضربت عليه لصحة سبيه فالعبرة بصحة السبي، فلو حذف قوله: "لم يعتقه" إلخ ما ضر (لاستقراره) علة لقوله: يضربه أي لأجل أن يستقر (آمناً) على نفسه وماله (بغير الحجاز واليمن) من بلاد الإسلام. وأما في جزيرة العرب من الحجاز واليمن، فلا يجوز لنا أن نؤمنه على السكنى فيها لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يبقين دينان بجزيرة العرب» (ولهم الاجتياز) فيها في سفرهم لتجارة ونحوها، (وإقامة الأيام) كالثلاثة (لمصالحهم) إن دخلوها لمصلحة كبيع طعام ونحوه (على العُنْوِيِّ)، متعلق بـ "يضربه" أي يجعل على العنوي: وهو من فتحت بلده قهراً (أربعة دنانير) شرعية إن كان من أهل الذهب، (أو أربعون درهماً) على كل واحد إن كان من أهل الورق، (كل سنة) من السنين القمرية (تؤخذ) منه (آخرها) لا أولها. (ولا يزاد) أي لا تجوز الزيادة على ذلك،

ــ

الراجح، قال المازري: إنه ظاهر المذهب، ومقابله ما لابن رشد لا تؤخذ منه إجماعاً، إما لمكانتهم من رسول الله أو لأن قريشاً أسلموا كلهم، فإن وجد منهم كافر فمرتد، وإذا ثبتت الردة فلا تؤخذ منه بل يجري عليه أحكامها.

قوله: [لا صبي ومجنون]: فإن بلغ الصبي، أو عتق العبد، أو أفاق المجنون، أخذت منهم ولا ينتظر حول بعد البلوغ أو العتق أو الإفاقة، ومحل أخذها منهم إن تقدم لضربها على كبارهم الأحرار الذكور العقلاء حول فأكثر، وتقدم له هو عندنا حول صبياً أو عبداً أو مجنوناً.

قوله: [قادر على الأداء]: أي ولو بعضاً فلا يؤخذ منه إلا ما قدر عليه، وهذا القيد لا يلتفت له إلا عند الأخذ لا عند الضرب، فالأولى حذفه من هنا وسيأتي التنبيه عليه.

قوله: [ونحوه]: أي كشيخ فان أو زمن أو أعمى. والمراد بالراهب: الذي لا رأي له، لأنه هو الذي يترك وإلا قتل ولا يبقى؛ فالراهب لا تضرب عليه جزية مطلقاً، بل إما أن يقتل إن كان له رأي معهم أو يبقى بغير جزية.

قوله: [يصح سباؤه]: بالمد أي أسره.

قوله: [لعدم صحة سبيه]: هذا التعليل فيه نظر، بل متى نقض العهد وقاتلنا صح سباؤه، فقول الشارح فلو حذف قوله لم يعتقه إلخ ما ضر لا يسلم، بل الحق مع المتن، والقيد لا بد منه كما أجمع عليه خليل وشراحه، فليس كل من يصح سباؤه تضرب عليه بل تنخرم القاعدة في عبد المسلم المعتوق ببلاد الإسلام فتأمل.

قوله: [وأما في جزيرة العرب] إلخ: مأخوذة من الجزر وهو القطع سميت به لانقطاع الماء من وسطها إلى أجنابها بحر القلزم من ناحية الغرب، وبحر فارس من ناحية الشرق، وبحر الهند من الجنوب. قال الأصمعي: هي ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق طولاً، ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضاً.

قوله: [وإقامة الأيام كالثلاثة]: أي فليست الثلاثة قيداً، بل المدار على الإقامة للمصالح، والممنوع الإقامة لغير مصلحة، وظاهره أن لهم المرور ولو لغير مصلحة وهو كذلك.

قوله: [متعلق بـ يضربه]: يلزم على هذا التقدير تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد؛ لأن قوله: "على كافر" متعلق بـ يضربه أيضاً، فالمناسب جعل الجار والمجرور خبراً مقدماً، و "أربعة دنانير" إلخ مبتدأ مؤخراً، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً عن سؤال مقدر: كأن قائلاً قال له: أنت ذكرت المال فما مقداره، فقال: على العنوي كذا إلخ، وعلى الصلحي ما شرطه: والعنوي منسوب للعنوة بفتح العين وهو القهر. واختلف في المال المضروب، قيل: شرط وقيل: ركن، ومقتضى المصنف الثاني لأنه أخبر عن الجزية بأنها مال. واعلم أن الإمام لو أقرهم بغير مال أخطأ، ويخيرون بين الجزية والرد لمأمنهم فعقد الذمة متوقف على المال على كل حال، سواء قيل إنه ركن أو شرط.

قوله: [أربعة دنانير شرعية]: أي وهي أكبر من دنانير مصر، لأن الدينار الشرعي إحدى وعشرون حبة خروب وسبع حبة ونصف سبع حبة، وأما الدينار المصري فثماني عشرة حبة فتكون الأربعة الدنانير الشرعية أربعة دنانير مصرية وثلثا دينار وستة أسباع حبة خروب، لكن الثمان عشرة خروبة الآن لم تعهد إلا في البندقي والفندقلي، وأما المسمى بالمحبوب فهو ثلاث عشرة خروبة ونصف.

قوله: [أو أربعون درهماً]: أي شرعية وهي أقل من دراهم مصر، لأن الدرهم الشرعي أربع عشرة خروبة وثمانية أعشار خروبة ونصف عشر خروبة، والمصري ست عشرة خروبة، فزيادة الأربعين المصرية على الأربعين الشرعية ست خروبات.

قوله: [من السنين القمرية]: أي لا الشمسية لئلا تضيع على المسلمين سنة في كل ثلاث وثلاثين سنة.

قوله: [لا تجوز الزيادة على ذلك]: أي لما رواه مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: " أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهما "، وما ورد من زيادة عمر على ذلك القدر منعه مالك لكثرة الظلم الآن سداً للذريعة

<<  <  ج: ص:  >  >>