للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يثبت عليها بالوجه الشرعي.

(و) كره تزوج امرأة (مصرح لها بالخطبة فيها): أي في العدة، أي يكره له تزوجها بعد العدة إن صرح لها بالخطبة فيها.

(وندب فراقها) أي من ذكر من الزانية والمصرح لها بالخطبة إن وقع التزوج بها.

ثم شرع يتكلم على الأركان وشروطها، وما يتعلق بها، وبدأ بالكلام على الصيغة لقلة الكلام عليها فيتفرغ منها لغيرها فقال: (والصيغة) التي هي أحد الأركان الثلاثة أو الخمسة هي (اللفظ الدال عليه) أي على النكاح، أي على حصوله وتحققه إيجاباً وقبولاً ومثل للإيجاب الصريح بقوله: (كأنكحت وزوّجت) أي كقول الولي: أنكحتك بنتي فلانة أو موكلتي فلانة [١]، أو زوجتك بنتي أو موكلتي فلانة، ولو لم يسم صداقاً كما يأتي في نكاح التفويض، وأما لو قال: وهبتك، فلا بد من تسمية صداق وإلا لم ينعقد النكاح والمضارع نحو: أزوجك، إن قامت القرينة على الإنشاء لا الوعد كالماضي ومثل للقبول بقوله: (وكقبلت) ورضيت من الزوج أو وكيله، ولا يضر الفصل اليسير بين الإيجاب والقبول.

وصح تقديم القبول من الزوج كأن يقول: زوجني ابنتك، فيقول الولي: زوجتك إياها فينعقد ولا تكفي الإشارة ولا الكتابة إلا لضرورة خرس.

(ولزم) النكاح بمجرد الصيغة لأنه من العقود اللازمة بلا خيار (ولو بالهزل) ضد الجد كالطلاق والعتق والرجعة.

ثم شرع في الكلام على الركن الثاني وهو الولي، مقسماً له إلى مجبر وغيره فقال: (والولي) قسمان: (مجبر وغيره فالمجبر) أحد ثلاثة: الأول: (المالك) لأمة أو عبد له جبره على النكاح (ولو) كان المالك (أنثى)؛ فلها جبر أمتها أو عبدها على النكاح، ولكن توكل في العقد وجوباً (إلا لضرر) يلحق المملوك في النكاح، كالتزويج من ذي عاهة فلا جبر للمالك ويفسخ ولو طال.

وللمالك الجبر (ولو) كان المملوك عبداً (مدبراً أو معتقاً لأجل، ما لم يمرض السيد) في المدبر (أو يقرب الأجل) في المعتق لأجل وأما الأنثى المدبرة أو المعتوقة لأجل فالأصح عند اللخمي وغيره عدم الجبر مطلقاً، (وإلا) بأن مرض سيد المدبر أو قرب أجل العتق كالثلاثة الأشهر فدون (فلا) جبر لمالكه (كمكاتب ومبعض) لا جبر لسيده عليه؛ لأن المكاتب أحرز نفسه وماله والمبعض [٢] تعلقت به الحرية.

(وكره) لسيد (جبر أم ولده) بعد أن يستبرئها على النكاح، فإن جبرها صح (على الأصح) وقيل: لا جبر له عليها،

ــ

عنه غير ذلك المستشار، وإلا وجب عليه البيان لأنه من باب النصيحة لأخيه المسلم، وهذه طريقة الجزولي، وهناك طريقة أخرى توجب عليه ذكر المساوئ مطلقاً كان هناك من يعرف تلك المساوئ غيره أم لا.

قوله: [وإن لم يثبت عليها]: أي هذا إذا ثبت عليها بالبينة، بل وإن لم يثبت، وأما من يتكلم فيها وليست مشهورة بذلك فلا كراهة في زواجها، قال بعضهم: ومحل كراهة تزوج المرأة التي اشتهرت بالزنا إذا لم تحد، أما إذا حدت فلا كراهة في زواجها بناء على أن الحدود جوابر، هكذا قيل وفي هذا التعليل نظر ولا يقال إن قوله تعالى: {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} [النور: ٣] يفيد حرمة نكاحها لأنه يقال المراد لا ينكحها في حال زناها، أو أنه بيان للائق بها أو أن الآية منسوخة.

قوله: [أي من ذكر من الزانية] إلخ: أي وإذا فارق الزانية المبيحة فرجها للغير فلا صداق لها حيث تزوج بها غير عالم بذلك.

قوله: [فلا بد من تسمية صداق]: أي حقيقة بأن يقول: وهبتها لك بصداق قدره كذا، أو حكماً كأن يقول: وهبتها لك تفويضاً.

قوله: [والمضارع] إلخ: قال في التوضيح ومضارعهما كماضيهما واعترضه الناصر اللقاني قائلاً: فيه نظر، إذ العقود إنما تتعلق بالماضي دون المضارع، لأن الأصل فيه الوعد وفي الماضي اللزوم اهـ فمن أجل هذه المناقشة في كلام التوضيح قيد شارحنا المضارع بقوله: " إن قامت القرينة " إلخ.

قوله: [كالماضي]: ومن باب أولى صيغة الأمر لأنها موضوعة للإنشاء.

قوله: [ولا يضر الفصل اليسير]: تقدم أنه الخطبة أو قدرها.

قوله: [كالطلاق والعتق] إلخ: أي فقد ورد: «ثلاثة هزلهن جد النكاح والطلاق والعتق»، وفي رواية: " والرجعة " بدل العتق.

تنبيهان:

الأول: اختلف في كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة، كبعت أو ملكت أو أحللت أو أعطيت أو منحت، وهل هي كوهبت ينعقد بها النكاح إن سمى صداقاً حقيقة أو حكماً؟ وهو قول ابن القصار وعبد الوهاب والباجي وابن العربي، أو لا ينعقد بها ولو سمى صداقاً؟ وهو قول ابن رشد في المقدمات ككل لفظ لا يقتضي البقاء فلا ينعقد به اتفاقاً كالحبس والوقف والإجارة والعارية والعمرى، فتحصل من كلامهم أن الأقسام أربعة:

الأول: ينعقد به النكاح مطلقاً سواء سمى صداقاً أم لا، وهو أنكحت وزوجت.

والثاني: ينعقد إن سمى صداقاً حقيقة أو حكماً وهو وهبت فقط.

والثالث: ما فيه الخلاف وهو كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة.

والرابع: ما لا ينعقد به مطلقاً اتفاقاً وهو كل لفظ لا يقتضي البقاء مدة الحياة.

الثاني: يلزم النكاح بمجرد الإيجاب والقبول وإن لم يرض الآخر، ولو قامت قرينة على قصد الهزل، لأن النكاح عقد لازم لا يجوز فيه الخيار إلا خيار المجلس، فهو معمول به عندنا في خصوص النكاح إذا اشترط.

قوله: [الأول المالك]: قدمه لقوة تصرفه لأنه يزوج الأمة مع وجود أبيها وله جبر الثيب والبكر والكبيرة والصغيرة والذكر والأنثى، لأنهما مال من أمواله وله أن يصلح ماله بأي وجه.

قوله: [ولكن توكل في العقد]: أي على الأمة بخلاف العبد فلها العقد بنفسها


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: «أو موكلتي فلانة» ليس في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (والبعض).

<<  <  ج: ص:  >  >>