للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مقدمات الوطء فقط فتؤبد التحريم إن وقعت في العدة والاستبراء، لا بعدهما، فأما إذا لم يحصل عقد فلا أثر لمقدمات الوطء مطلقاً بشبهة أو لا، وأما الوطء فيؤبد إن كان بشبهة نكاح في العدة والاستبراء أو الملك، أو شبهته في العدة فقط دون الاستبراء، وهذا: (إن كانت العدة أو الاستبراء من غيره، وإلا) بأن كانت العدة منه ولو من طلاق ثلاث -أو كان الاستبراء منه بسبب زنا أو غصب أو غلط (فلا) يتأبد تحريمها عليه، وإن وطئها مستنداً لعقد أو شبهة.

(كالعقد) مجرداً عن وطء: لا يؤبد تحريمها.

(أو الزنا) المحض وهو ما لم يستند لعقد ولا شبهة: لا يؤبد.

(أو وطء بملك أو شبهته في استبراء): بأن وطئ السيد أمته المستبرأة من زنا أو من بائعها له أو من غصب أو شبهة ملك أو وطئها أجنبي يظنها أمته لم يتأبد التحريم، بخلاف وطء مالكها أو غيره يظنها أمته وهي معتدة من طلاق أو موت فيتأبد كما قدمناه. واعلم أن تأبيد [١] التحريم في المسائل المتقدمة لم يقل به الحنفية ولا الشافعية، لأنه خلاف الأصل، ولم يقم عليه دليل عندهم.

(وجاز التعريض) للمعتدة وهو المراد بقوله تعالى: {إلا أن تقولوا قولا معروفا} [البقرة: ٢٣٥] كأن يقول لها: إني اليوم فيك راغب أو محب أو معجب أو إن شاء الله يكون خيراً وهو ضد التصريح، وهو أن يظهر في كلامه ما يصلح للدلالة على مقصوده، ويسمى تلويحاً لأنه ذكر الكلام في معناه ولوح به إلى إرادة لازمة.

(و) جاز (الإهداء فيها): أي في العدة كالخضر والفواكه وغيرهما لا النفقة.

فلو تزوجت بغيره فلا رجوع له عليها بشيء وكذا لو أهدى أو أنفق لمخطوبة غير معتدة، ثم رجعت عنه، ولو كان الرجوع من جهتها إلا لعرف أو شرط وقيل: إن كان الرجوع من جهتها فله الرجوع عليها، لأنه في نظير شيء لم يتم واستظهر.

(و) جاز (ذكر المساوئ): أي العيوب في أحد الزوجين ليحذر عمن هي فيه.

(وكره عدة من أحدهما): أي الزوجين لصاحبه في العدة كأن يقول لها: أتزوجك بعد العدة أو عكسه، فيسكت المخاطب منهما، وأما المواعدة من الجانبين فحرام كما تقدم، وإنما تظهر الكراهة إذا كان المتكلم يعلم أن المخاطب لا يجيبه بشيء وإلا فلا وجه لها.

(و) كره (تزوج) امرأة (زانية): أي مشهورة بذلك ولو بقرائن الأحوال.

ــ

قوله: [وأما مقدمات الوطء] إلخ: أي فيكون تأبيد التحريم في ست صور فقط، بخلاف الوطء ففي اثنتي عشرة، فصور المقدمات والست التي زادت بالتعميم خارجة عن أصل الست والثلاثين.

قوله: [وأما الوطء فيؤبد] إلخ: تحته ست، وقوله [أو بملك أو شبهته] أي طرو ملك أو شبهته على نكاح أو شبهته فهذه أربعة تأبد فيها التحريم تضم لما قبلها، فقول الشارح: "في العدة فقط" أي من نكاح أو شبهته، ولو حذف قوله: "فقط" وصرح بهما ما ضر، فصارت صور التأبيد ثمانياً وعشرين فتأمل.

قوله: [دون الاستبراء]: أي من غير شبهة النكاح لما علمت أن شبهة النكاح ملحقة بالعدة.

قوله: [ولو من طلاق ثلاث]: أي فلا يؤبد التحريم عليه، وإن كان العقد عليها في تلك الحالة حراماً، ويحد إن كان قد تزوجها عالماً بالتحريم، ولا يلحق به الولد إن كان ثابتاً بالبينة، فإن تزوجها غير عالم بالتحريم كما إذا استند لقول مفت يعتقد صدقه، فلا حد عليه ويلحق به الولد، وإن كان يجب التفرقة بينهما متى اطلع عليهما، وأما لو أقر بعد النكاح أنه كان قبله عالماً بالتحريم ولم يثبت ذلك بالبينة فإنه يحد لإقراره، ويلحق به الولد لعدم ثبوت ذلك، وهذه إحدى المسائل التي يجتمع فيها الحد مع لحوق الولد.

قوله: [أو الزنا المحض]: مراده ما يشمل الغصب فيدخل فيه اثنتا عشرة صورة، وهو طرو زنا أو غصب على نكاح أو شبهته، أو ملك أو شبهته، أو زنا أو غصب.

قوله: [أو وطء بملك أو شبهته]: تحته ثمان وهي: أن يقال طرأ ملك أو شبهته على استبراء من ملك أو شبهته، أو زنا أو غصب، فإن قوله في استبراء بيان للمطرو عليه، ومراده الاستبراء من خصوص الملك أو شبهته، أو الزنا أو الغصب لا من شبهة النكاح، فإن حكمها حكم عدة النكاح كما تقدم، فهذه هي العشرون التي لا تأبيد فيها، ويزاد عليها العقد المجرد وتحته ست صور فجملة الصور أربع وخمسون تؤخذ من المصنف والشارح.

قوله: [وهي معتدة من طلاق أو موت]: ومثله شبهته كما تقدم.

قوله: [لم يقل به الحنفية ولا الشافعية]: أي فلو رفعت المسألة لشافعي أو حنفي، وحكم بعدم تأبيد التحريم لرفع الخلاف كما هو معلوم.

قوله: [وجاز التعريض]: هو لفظ استعمل في معناه ليلوح به لغيره فهو حقيقة أبداً وهذه الألفاظ كذلك، بخلاف الكتابة فإنها التعبير عن الملزوم باسم اللازم كقولنا في وصف شخص بالكرم إنه كثير الرماد.

قوله: [وهو ضد التصريح]: جملة معترضة بين التعريض وتفسيره.

قوله: [لا النفقة]: أي فلا يجوز إجراء النفقة عليها في العدة بل يحرم.

قوله: [واستظهر]: أي استظهر هذا التفصيل الشمس اللقاني.

قوله: [وجاز ذكر المساوئ]: أي أنه يجوز لمن استشاره الزوج في التزوج بفلانة أن يذكر له ما يعلمه فيها من العيوب ليحذره منها، ويجوز لمن استشارته المرأة في التزوج بفلان أن يذكر لها ما يعلمه فيه من العيوب لتتحذر منه. واعلم أن محل جواز ذكر المساوئ للمستشار إذا كان هناك من يعرف حال المسئول


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (تأبد).

<<  <  ج: ص:  >  >>