للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فله جبرها.

وأشار للثالثة بقوله: (و) لأب جبر (مجنونة) بالغاً ثيباً لعدم تمييزها، ولا كلام لولدها معه إن كان لها ولد رشيد، (إلا من تفيق) من جنونها أحياناً (فتنتظر) إفاقتها لتستأذن ولا تجبر.

ومحل جبر الأب في الثلاثة إذ لم يلزم على تزويجها ضرر عادة، كتزويجها من خصيّ أو ذي عاهة كجنون وبرص وجذام مما يرد الزوج به شرعاً وإلا فلا جبر له.

الثالث من الولي المجبر: وصي الأب عند عدم الأب وإليه أشار بقوله: (فوصيه): أي الأب له الجبر فيما للأب فيه جبر. ومحله (إن عين له) الأب (الزوج) بأن قال له: زوجها من فلان، فله جبرها عليه فقط دون غيره إن بذل مهر المثل، بخلاف الأب له جبرها مطلقاً.

(أو أمره) الأب (به): أي بالجبر بأن قال: اجبرها، وما في معناه ولو ضمناً، كما لو قال له: زوجها قبل البلوغ وبعده أو على أي حالة شئت.

(أو) أمره (بالنكاح) ولم يعين له الزوج ولا الإجبار بأن قال له: زوجها أو أنكحها أو زوجها ممن أحببت أو لمن ترضاه فله الجبر، ومقابله لا يعول عليه ثم شبه في الجبر قوله: (كأنت وصيي عليها): أي على بنتي أو بناتي أو على بضعها أو بضعهن [١] فله الجبر (على الأرجح) عند بعضهم، وقال بعضهم: النقل يفيد أرجحية عدم الجبر لقول أبي الحسن: بخلاف وصيي فقط أو وصيي على بضع بناتي أو على تزويجهن فلا جبر، والقياس أنه لا يزوجها إلا بعد البلوغ، وقال غيره له الجبر. (وهو): أي الوصي (في الثيب) البالغة إذا أمره الأب بتزويجها، أو قال له: أنت وصيي على إنكاحها (كأب) مرتبته بعد الابن ولا جبر؛ فإن زوجها مع وجود الابن جاز على الابن، وإن زوجها الأخ برضاها جاز على الوصي لصحة عقد الأبعد مع وجود الأقرب.

(ثم) بعد السيد والأب ووصيه في البكر والصغيرة والمجنونة (لا جبر) لأحد من الأولياء على أنثى صغيرة أو كبيرة وإذا لم يكن لأحد منهم جبر (فإنما تزوج بالغ) لا صغيرة (بإذنها) ورضاها، سواء كانت البالغ بكراً أو ثيباً وسيأتي أن إذن البكر صماتها، وأن الثيب تعرب عن نفسها. ومصب الحصر كلا الأمرين: أي لا تزوج إلا بالغ، ولا تزوج إلا بإذنها؛ فمتى فقد أحد الأمرين فسد النكاح وفسد أبداً على ما شهره أبو الحسن في الصغيرة، وشهر المتيطي فيها أنه يفسخ ما لم يطل. ثم استثنى من مفهوم: "بالغ" قوله: (إلا) صغيرة (يتيمة) والتصريح بـ "يتيمة" من التصريح بما علم التزاماً؛ لأن غير المجبرة متى كانت صغيرة كانت يتيمة إذ لو كان لها أب لكان مجبراً لها. فمحط الاستثناء قوله: (خيف عليها) إما لفسادها في الدين بأن يتردد عليها أهل الفسوق، أو تتردد هي عليهم، أو تكون بجوارهم حتى تتطبع بطباعهم وتميل إلى الهوى، وإما لضياعها في الدنيا لفقرها وقلة الإنفاق عليها أو لخوف ضياع مالها. فقولنا "خيف عليها" ظاهر في شمول المسألتين بخلاف قوله "خيف فسادها". (وبلغت عشراً) من السنين لأنها صارت في سن من توطأ. (وشوور القاضي) بسكون الواو الأولى وكسر الثانية: من المشاورة ليثبت عنده ما ذكر، وأنها خلية من زوج وعدة وغيرهما

ــ

قوله: [وإلا فله جبرها]: أي لأنه زنا.

قوله: [بالغاً ثيباً]: أي وأما الصغيرة أو البكر فله جبرها على كل حال مجنونة أو عاقلة.

قوله: [وإلا فلا جبر له]: أي لما في الحديث الشريف: «لا ضرر، ولا ضرار» قوله: [بخلاف الأب له جبرها مطلقاً]: أي ولو على دون مهر المثل ما لم يكن ذا عاهة كما تقدم، وما ذكره من أن الوصي لا يزوج إلا بمهر المثل فأكثر، لا يعارضه ما يأتي في نكاح التفويض من أنه يجوز الرضا بدونه للوصي، قيل لأن ما هنا قبل العقد وما يأتي بعده لمصلحة عدم الفراق.

قوله: [كأنت وصيي عليها]: حاصل المسألة أن الأب إذا قال للوصي: أنت وصيي على بضع بناتي، أو على نكاح بناتي أو على تزويجهن، أو وصيي على بنتي تزوجها ممن أحببت، له الجبر على الراجح، وإن لم يذكر شيئاً من النكاح أو التزويج أو البضع فالراجح عدم الجبر، كما إذا قال: أنت وصيي على بناتي أو على بعض بناتي أو على بنتي فلانة، وأما لو قال: أنت وصيي فقط أو على مالي أو بيع تركتي أو قبض ديني، فلا جبر اتفاقاً، فلو زوج جبراً في هذه الصورة فاستظهر الأجهوري الإمضاء وتوقف فيه النفراوي، وأما إن زوج بلا جبر صح بلا خلاف، هذا هو تحرير المسألة فليحفظ، وكلام الشارح في هذا المقام غير واضح.

قوله: [جاز على الابن]: أي مضى بعد الوقوع وإلا فالابن مقدم كما أن الوصي مقدم على الأخ بدليل ما بعده.

تنبيه: استثنى العلماء من وجوب الفور بين الإيجاب والقبول مسألة نص عليها أصبغ، وهي: أن يقول الرجل في مرضه إن مت فقد زوجت ابنتي فلانة من فلان، فهذا يصح طال الأمر أو لا، قبل الزوج النكاح بقرب الموت أو بعد الطول كما هو مذهب المدونة. وقيد سحنون الصحة بما إذا قبل الزوج النكاح بقرب موت الأب، لأن العقود يجب أن يكون القبول بقربها ولا سيما عقد النكاح، فإن الفروج يحتاط فيها، وإنما استثنيت هذه المسألة لأنها من وصايا المسلمين، فيجب إنفاذها حيث وقع منه ذلك في المرض كان المرض مخوفاً أم لا فتدبر.

قوله: [وسيأتي أن إذن البكر صماتها]: أي إلا ما استثنى من الأبكار الستة فلا بد من إذنهن بالقول.

قوله: [كانت يتيمة]: أي ولا سيد لها ولا وصي.

قوله: [إذ لو كان لها أب) أي أو سيد أو وصي.

قوله: [والحق خلافه) أي كما قال شيخ مشايخنا العدوي:


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (بضعها أو بضعهن) في ط المعارف: (بعضها أو بعضهن).

<<  <  ج: ص:  >  >>