للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الموانع الشرعية، ورضاها بالزوج وأنه كفؤها في الدين والحرية والحال وأن المهر مهر مثلها، (فيأذن لوليها) في العقد، ولا يتولى العقد بنفسه مع وجود غيره من الأولياء. وظاهره: أن مشاورة القاضي شرط صحة، وهو ظاهر ما نقله الشيخ عن ابن عبد السلام، وأثبته في مختصره وتبعناه فيه، والحق خلافه إذ لم يذكره أحد غير ابن عبد السلام من الأئمة. وعليه فإذا زوجها وليها بالشروط المذكورة من غير مشاورة كان النكاح صحيحاً قطعاً، نعم تستحسن المشاورة لثبوت الواجبات ورفع المنازعات. والحق أن إذنها صمتها كغيرها، خلافاً لمن قال لا بد أن تأذن بالقول.

(وإلا) بأن لم يخف عليها فساداً ولا ضيعة أو لم تبلغ عشراً وزوجت (فسخ) نكاحها.

(إلا إذا دخل) الزوج بها (وطال) الزمن بعد الدخول والبلوغ فلا يفسخ. وفسر الطول (بالسنين) كالثلاثة بعد دخولها وبلوغها، (أو) ولادة (الأولاد) كاثنين في بطنين، وشهر هذا المتيطي وقال أبو الحسن: المشهور الفسخ أبداً ففي المسألة خلاف في التشهير كما أشرنا لذلك في صدر العبارة.

ثم شرع في بيان الولي الغير المجبر، ومن هو أحق بالتقديم عند وجود متعدد من الأولياء فقال: (والأولى) عند وجود متعدد من الأولياء (تقديم ابن) للمرأة في العقد عليها برضاها، (فابنه) على الأب، فلو عقد الأب مع وجود الابن أو ابنه جاز على الابن، ولا ضرر كما سينص عليه.

(فأب) للمرأة فمرتبته بعد الابن وابنه، (فأخ) للأب (فابنه) وإن سفل، (فجدّ) لأب فمرتبته بعد الأخ وابنه، كالولاء والصلاة على الجنازة، بخلاف الفرائض (فعم) لأب (فابنه، فجد أب فعمه): أي عم الأب (فابنه و) الأولى (تقديم الشقيق) من كل صنف على الذي للأب، (و) الأولى تقديم (الأفضل) عند التساوي في الرتبة.

(وإن تنازع متساوون) في الرتبة والفضل كإخوة كلهم علماء (نظر الحاكم) فيمن يقدمه (إن كان) حاكم، (وإلا) يكن (أقرع) بينهم.

(فمولى أعلى) وهو من أعتق المرأة يلي مرتبة عصبة النسب (فعصبته، فمولاه) وهو من أعتق معتقها وإن علا.

(فمولى أبيها) كذلك (فمولى جدها كذلك) وإن علا، وهذا معنى قوله: "فمولاه" ولا حق للمولى الأسفل، قال المصنف: لأنها إنما تستحق بالتعصيب. (فكافل) لها غير عاصب: أي قائم بتربيتها حتى بلغت عنده،

ــ

المعتمد في هذه المسألة ما ارتضاه المتأخرون من أن المدار على خيفة الفساد متى خيف عليها الفساد في مآلها، أو في حالها زوجت بلغت عشراً أو لا، رضيت بالنكاح أم لا، فيجبرها وليها على التزويج، ووجب مشاورة القاضي في تزويجها، فإن زوجت من غير مشاورته صح النكاح إن دخل، وإن لم يطل، وأما إن لم يخف عليها الفساد وزوجت صح إن دخل وطال اهـ. فإذا علمت ذلك فالمدار على خلوها من الموانع الشرعية، أما رضاهما بالزوج وأنه كفؤها في الدين والحرية والحال، وأن المهر مهر مثلها، وأن الجهاز الذي جهزت به مناسب فليس بلازم على التحقيق ارتكاباً لأخف الضررين، فإن لم يوجد قاض يشاور لعدمه أو لكونه ظالماً كفى جماعة المسلمين.

قوله: [بالشروط المذكورة]: قد علمت أن المدار على خلاف الفساد والخلو من الموانع الشرعية فقط.

قوله: [أو لم تبلغ عشراً]: ظاهره أنها إذا لم تبلغ عشراً وزوجت مع خوف الفساد يفسخ قبل الدخول والطول، وليس كذلك، بل هو صحيح ابتداء على المعتمد كما تقدم ارتكاباً لأخف الضررين، ولا يفسخ قبل الدخول والطول إلا إذا زوجت من غير خوف فساد.

قوله: [ففي المسألة خلاف في التشهير]: وروي عن ابن القاسم قول ثالث بعد الفسخ أصلاً.

قوله: [والأولى عند وجود متعدد] إلخ: الراجح أن هذا التقديم واجب غير شرط، وقيل مندوب وهو الذي درج عليه الشارح.

قوله: [تقديم ابن]: أي ولو من زنا كما إذا ثيبت بنكاح ثم زنت وأتت بولد فيقدم على الأب، وأما إذا ثيبت بزنا وأتت منه بولد فإن الأب يقدم عليه لأنها في تلك الحالة مجبرة للأب كما يفهم مما مر.

قوله: [فأب]: أي شرعي، وأما أبو الزنا فلا عبرة به.

قوله: [فأخ للأب]: صادق بأن يكون شقيقاً أو لأب فقط وخرج الأخ للأم فإنه لا ولاية له خاصة، وإن كان له ولاية عامة.

قوله: [فابنه]: ما ذكره من تقديم الأخ وابنه على الجد هنا هو المشهور، ومقابله أن الجد وإن علا يقدم على الأخ وابنه.

قوله: [كالولاء والصلاة على الجنازة]: أي والغسل والإيصاء والعقل كما قال الأجهوري:

بغسل وإيصاء ولاء جنازة ... نكاح أخاً وابناً على الجد قدم

وعقل ووسطه بباب حضانة ... وسوه مع الآباء في الإرث والدم

قوله: [بخلاف الفرائض]: أي المواريث فإنه مقدم على ابن الأخ.

قوله: [فجد أب]: أي وهكذا يقدم الأصل على فرعه، وفرعه على أصل أصله، وقيل إن الجد وإن علا يقدم على العم.

قوله: [والأولى تقديم الشقيق]: أي على الأصح عند ابن بشير، والمختار عند اللخمي وهو قول مالك وابن القاسم وسحنون، ومقابله ما رواه ابن زياد عن مالك أن الشقيق وغيره في مرتبة واحدة فيقترعان عند التنازع.

قوله: [أقرع بينهم]: وقيل يعقدون معاً.

قوله: [فعصبته]: أي المتعصبون بأنفسهم وكذا يقال فيمن أعتق من أعتقها، أو أعتق أباها لأن الكل يصدق عليه أنه مولى أعلى، وترتيب عصبة كل المتعصبين بأنفسهم كترتيب عصبتها.

قوله: [لأنها إنما تستحق بالتعصيب] أي والعتيق ليس من عصبتها.

قوله: [فكافل لها]: حاصله أن

<<  <  ج: ص:  >  >>