للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بلغت عشراً بشروطها (إن كانت) المكفولة (دنيئة) لا شريفة كما هو ظاهر المدونة وإلا فوليها الحاكم، (وكفل ما): أي زمناً (يشفق فيه): أي تحصل فيه الشفقة والحنان عليها عادة، ولا يحد بأربعة أعوام ولا بعشرة على الأظهر، ولا بد من ظهور الشفقة عليها منه بالفعل، وإلا فالحاكم هو الذي يتولى عقد نكاحها. (فالحاكم) يلي من ذكر. (فعامة مسلم): أي فإن لم يوجد أحد ممن ذكر تولى عقد نكاحها أي رجل من عامة المسلمين، ومن ذلك الخال والجد من جهة الأم والأخ لأم، فهم من أهل الولاية العامة بإذنها ورضاها.

(وصح) النكاح (بالعامة) أي بالولاية العامة (في) امرأة (دنيئة مع وجود) ولي (خاص) كأب وابن وعم، (لم يجبر) لكونها بالغاً ثيباً أو بكراً لا أب لها ولا وصي لها، ولا يفسخ بحال طال زمن العقد أو لا دخل بها الزوج أو لم يدخل، لكونها -لدناءتها وعدم الالتفات إليها- لا يلحقها بذلك معرة. والدنيئة: هي الخالية من الجمال والمال والحسب والنسب؛ فالخالية من النسب: بنت الزنا أو الشبهة أو المعتوقة من الجواري، والحسب: هو الأخلاق الكريمة كالعلم والحلم والتدبير والكرم ونحوها من محاسن الأخلاق، فالغنية ذات الجمال ليست بدنيئة، وإن لم يكن لها حسب ولا نسب، والنسيبة -وإن كانت فقيرة أو قبيحة- ليست بدنيئة بل كل من اتصفت بصفتين من هذه الصفات الأربع فشريفة، بل وبصفة فقط على ما قاله بعضهم. نعم الوقفة في قوم فقراء شأنهم أن يكونوا خدمة للناس ولا ديانة عندهم ولا صيانة، فهم -وإن عرف نسبهم- إلا أنهم لعدم ديانتهم وصيانتهم وكونهم مسخرين تحت أيدي الناس لا يلتفت إليهم، والظاهر دناءتهم وبقي الكلام في الجواز: هل لا يجوز لمطلق مسلم أن يتولى عقد نكاح الدنيئة مع وجود كأبيها؟ ونص عليه بعض الشراح ورجح قول الشيخ ولم يجز لهذه المسألة أيضاً، أو يجوز؟ قال بعضهم: وهو نص المدونة وابن عرفة وابن فتوح وغيرهم، وجعله المذهب. ثم شبه في الصحة قوله: (كشريفة): أي كما يصح نكاح شريفة بالولاية العامة مع وجود خاص غير مجبر، (إن دخل) الزوج بها (وطال) طولاً (كالمتقدم): أي كالطول المتقدم في الصغيرة التي لا أب لها إذا زوجت مع فقد الشروط أو بعضها، وهو أن يمضي زمن تلد فيه الأولاد كثلاث سنين.

(ولم يجز) لمن له الولاية العامة أن يتولى عقد نكاح امرأة شريفة مع وجود خاص فقوله: "ولم يجز" راجع لما بعد الكاف. وأما الدنيئة فتقدم أن المذهب الجواز، ولذا لم يفسخ بحال فيها كما تقدم وكان الأولى للشيخ رحمه الله ذكره هنا.

(وإلا) بأن دخل ولم يطل أو لم يدخل طال أم لا (فللأقرب) من الأولياء عند وجود أقرب وأبعد وللبعيد [١] عند عدم القريب (أو الحاكم إن غاب) الأقرب غيبة بعيدة على ثلاثة أيام فأكثر (الرد) للنكاح، وله الإمضاء فهو مخير في الثلاث صور بين الفسخ والإمضاء. فإن أجازه ثبت. وقيل: يتعين الفسخ إذا لم يدخل، وطال الزمن وهو أحد التأويلين في كلامه.

وعليه فحاصل المسألة أنه يفسخ قبل البناء إن طال ويثبت بعده إن طال، فإن قرب فيهما خير الولي الخاص في فسخه وإمضائه،

ــ

البنت إذا مات أبوها أو غاب وكفلها رجل - أي قام بأمورها حتى بلغت عنده - أو خيف عليها الفساد سواء كان مستحقا لحضانتها شرعاً، أو كان أجنبياً، فإنه يثبت له الولاية عليها ويزوجها بإذنها إن لم يكن لها عصبة، وهل ذاك خاص بالدنيئة؟ وهو ظاهر المدونة، فلذا اقتصر عليه الشارح، أو حتى في الشريفة؟ خلاف. فإن زوجها أولاً ثم مات الزوج فهل تعود الولاية له أو لا؟ ثالثها: تعود إن كان فاضلا، رابعها: تعود إن عادت المرأة لكفالته، وأشعر إتيان المصنف بالوصف مذكراً أن المرأة الكافلة لا ولاية لها وهو المذهب، وقيل: لها ولاية ولكنها لا تباشر العقد بل توكل كالمعتقة.

قوله: [أو بلغت عشراً بشروطها]: قد علمت الشروط المتقدمة في اليتيمة وتحقيقها فلا حاجة للإعادة.

قوله: [أي فإن لم يوجد أحد ممن ذكر]: أي لم يوجد لها عاصب ولا مولى أعلى ولا كافل ولا حاكم شرعي قوله: [وصح النكاح) إلخ أي وأما الجواز ابتداء فسيأتي أن فيه خلافاً والحق الجواز، لأنه نص المدونة.

قوله: [لم يجبر]: أي وأما لو عقد النكاح بالولاية العامة مع وجود المجبر كان النكاح فاسداً، ويفسخ أبداً ولو أجازه المجبر.

قوله: [وإن لم يكن لها حسب ولا نسب]: أي كالمعتوقة البيضاء الجميلة.

قوله: [والنسيبة] أي ذات النسب العالي وهي التي اتصفت بالحسب والنسب لا ذات النسب فقط، بدليل ما بعده.

قوله: [بل وبصفة فقط] إلخ: الظاهر أن الصفة الواحدة لا تكفي بدليل استظهاره الآتي.

قوله: [فهم وإن عرف نسبهم]: أي عرف أصولها وأنها ليست من زنا ولا مجهولة النسب، وليس المراد بالنسب علوه لأن النسب يرجع لمعنى الحسب.

قوله: [والظاهر دناءتهم]: وحيث كان انفراد النسب لا يكفي في الشرف فأولى انفراد غيره من الصفات.

قوله: [كشريفة] إلخ: حاصله أنه إذا عقد للشريفة بالولاية العامة مع وجود الولي الخاص غير المجبر، وطال الزمان بعد الدخول - والطول الذي ذكره الشارح - فإنه يمضي اتفاقاً، وإن كان لا يجوز ابتداء، وأما إن طال بعد العقد وقبل الدخول يتحتم الفسخ أو لا يتحتم، ويخير الولي بين الإجازة والرد، وعلى القول بتحتم الفسخ هل بطلاق وهو القياس أو بغيره خلاف، وأما إن لم يحصل طول فيخير الولي بين الإجازة والرد اتفاقاً حصل دخول أم لا.

قوله: [وطال الزمن]: أي بعد العقد وقبل الدخول


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (للبعيد).

<<  <  ج: ص:  >  >>