للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وجاز الاستجمار بيابس طاهر منق غير مؤذ ولا محترم لطعمه أو شرفه، أو حق الغير. وإلا فلا، وأجزأ إن أنقى كاليد ودون الثلاث): يجوز الاستجمار: وهو إزالة النجاسة عن أحد المخرجين بكل يابس من حجر - وهو الأصل - أو غيره من خشب أو مدر: وهو ما حرق من الطين - أو خرق أو قطن أو صوف أو نحو ذلك. فلا يجوز بمبتل كطين. ويشترط في الجواز أيضاً أن يكون طاهراً احترازاً من النجس؛ كأرواث الخيل والحمير وعظم الميتة والعذرة. وأن يكون منقياً للنجاسة؛ احترازاً من الأملس كالقصب الفارسي والزجاج. وأن يكون غير مؤذ؛ احترازاً مما يؤذي كالحجر المحدد والسكين. وأن لا يكون محترماً؛ إما لكونه مطعوماً لآدمي كخبز أو غيره ولو من الأدوية كحزنبل ومغاث وزنجبيل. أو لكونه ذا شرف؛ كالمكتوب لحرمة الحروف ولو بخط غير عربي. أو بما دل على باطل؛ كالسحر. أو لكون شرفه ذاتياً؛ كالذهب والفضة والجواهر. وإما لكون حرمته لحق الغير؛ ككون الشيء الذي يستجمر به مملوكاً للغير، ومنه جدار الغير ولو وقفاً. وكره بعظم وروث طاهرين وبجدار مملوك له. فإن وجدت هذه الشروط الخمسة جاز الاستجمار، فإن انتفى شرط منها لم يجز، ولكنه يجزي إن أنقى المحل؛ كالمحترم والنجس اليابس الذي لا يتحلل منه شيء. كما يجزي الإنقاء باليد بدون الثلاث من الأحجار ونحوها. وظاهره أن محل الإجزاء في غير المني وبول المرأة والدم والمنتشر كثيراً أخذاً مما تقدم فهو في الحقيقة مستثنى مما هنا.

ولما أنهى الكلام

ــ

تنبيه: يكره الاستنجاء من الريح وقد نص عليه خليل ولم ينص عليه مصنفنا لوضوحه لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من استنجى من ريح» أي ليس على سنتنا. وهو طاهر لا ينجس ثوباً ولا بدناً.

قوله: [وجاز الاستجمار]: أي يجوز إن اجتمعت فيه هذه الأوصاف الخمسة. والمراد باليابس: الجاف، سواء كان فيه صلابة كالحجر أو لا كالقطن.

قوله: (الاستجمار) وهو إلخ: هو خاص باستعمال الجمرات من الحجر ونحوه. والاستنجاء أعم من أن يكون بالماء وغيره. فكما أن الاستجمار مأخوذ من الجمرات بمعنى الأحجار ونحوها، كذلك الاستنجاء مأخوذ من النجوة وهو المكان المرتفع، كما سموا الفضلة غائطاً باسم المكان المنخفض؛ كانوا إذا أرادوا التبرز عمدوا للمنخفض، فإذا قضوا إربهم انتقلوا للمرتفع وأزالوا فيه الأثر. اهـ والمعنى من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [فلا يجوز بمبتل]: هذا شروع في محترز الأوصاف الخمسة المشترطة في جواز ما يستجمر به على سبيل اللف والنشر المرتب، أي فيحرم الاستجمار بالمبتل لنشره النجاسة، فإن وقع واستجمر به فلا يجزيه. ولا بد من غسل المحل بعد ذلك بالماء، فإن صلى قبل غسله جرى على حكم من صلى بالنجاسة. وما قيل في المبتل يقال في النجس إن كان يتحلل منه شيء.

قوله: [في الجواز]: أي في متعلقه لأن الشروط في الشيء الذي يتعلق به الجواز

قوله: [كالقصب الفارسي] إلخ: حيث كان كل سالماً من الكسر وإلا كان من المؤذي.

قوله: [لحرمة الحروف]: أي لشرفها. قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي، وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله وقال الأجهوري: الحروف لها حرمة سواء كتبت بالعربي أو بغيره وهو ما يفيده (ح) وفتوى (ح). قال شيخنا وهو المعتمد اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [ولو وقفاً]: أي سواء كان ذلك الوقف مسجداً أو غيره، وكان الواقف له هو أو غيره، كان الاستجمار بجدار الوقف من داخل أو خارج. وأما ملك الغير فمحل الحرمة إذا استجمر بغير إذن مالكه، فإن استجمر بإذنه كره فقط.

قوله: [طاهرين]: أي لأن العظم طعام الجن فإنه يكسى لحماً. والروث طعام دوابهم يرجع علفاً كما كان عليه، وهل الذي يصير كذلك كل روث أو خصوص روث المباح؟ ينظر في ذلك، وإذا كان العظم طعام الجن والروث طعام دوابهم صار النهي عنهما لحق الغير. إن قلت إذا كان الروث علف دوابهم منهياً عنه يكون علف دواب الإنس من الحشيش ونحوه من كل ما ليس مطعوماً للآدمي كذلك، والجواب أن النهي في الروث ورد بدليل خاص وبقي ما عداه على الأصل اهـ. من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [مملوك له]: أي واستجمر به من داخل، وأما من خارج فقولان: بالكراهة والحرمة. وإنما قيل بالحرمة لأنه قد ينزل مطر عليه مثلاً ويلتصق هو أو غيره عليه فتصيبه النجاسة.

قوله: [لم يجز]: أي إذا أراد الاقتصار على تلك الأشياء، وأما إن قصد أن يتبعها الماء فإنه يجوز. إلا المحترم والمحدد والنجس. فالحرمة مطلقاً. لا يقال الجزم بحرمة النجس مطلقاً مشكل مع ما مر من كراهة التلطخ بالنجاسة على الراجح؛ لأنا نقول الاستجمار بالنجاسة فيه قصد لاستعمال النجس، وهذا ممنوع والتلطيخ المكروه ليس فيه قصد الاستعمال. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [وبدون الثلاث] إلخ: خلافاً لأبي الفرج فإنه أوجب الثلاثة، فإن أنقى من الثلاثة فلا بد منها.

قوله: [والدم]: أي دم الحيض والنفاس والاستحاضة.

قوله: [ولما أنهى الكلام] إلخ: أي لما انقضى الكلام على وسائل الطهارة الثلاث التي هي بيان الماء الذي تحصل به الطهارة، وبيان الأشياء الطاهرة

<<  <  ج: ص:  >  >>