للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن لا يسبقه الأول بالتلذذ بها، وقولنا: "عقد عليها في عدة الأول" قال ابن رشد: وكذا إن عقد عليها في حياة الأول ودخل بها غير عالم في عدته، وهو معنى قوله: "ولو تقدم العقد على الأظهر"، وقال ابن المواز: يقر الثاني على نكاحها، ثم إن حصل العقد في العدة وتلذذ الثاني بها فيها، أو حصل منه وطء ولو بعدها تأبد تحريمها عليه كما قدمه المصنف، وإن وقع العقد قبلها وتلذذ بها فيها فعلى ما استظهره ابن رشد يتأبد تحريمها دون ما قاله ابن المواز.

(وفسخ) نكاحهما معاً (بلا طلاق إن عقدا بزمن) واحد تحقيقاً أو شكاً دخلا أحدهما أو لا، (كنكاح الثاني) تشبيه في الفسخ بلا طلاق أي كما يفسخ نكاح الثاني بلا طلاق، (ببينة) شهدت (على إقراره قبل دخوله) بها (أنه ثان) أي إذا شهدت بينة على الثاني أنه قبل دخوله عليها أقر على نفسه أنه ثان؛ فإن نكاحه يفسخ بلا طلاق وتكون للأول كما تقدم لأنه ثبت أنه تلذذ بها عالماً.

(لا) إن أقر (بعده): أي بعد الدخول أنه دخل بها عالماً بأنه ثان، (فبطلاق): أي فيفسخ بطلاق (كجهل الزمن) مع العلم بوقوعهما في زمنين وجهل المتقدم منهما فيفسخ كل منهما بطلاق إن لم يدخلا، أو دخلا معاً ولم يعلم المتقدم منهما في الدخول أيضاً. فإن دخل أحدهما فهي له، كما لو دخلا وعلم المتقدم ولو أقام كل منهما بينة على أنه الأحق بها لسبقية نكاحه للآخر، تساقطاً لتعارضهما، ولو كانت إحداهما أعدل من الأخرى (وأعدلية) بينتين (متناقضتين) ملغاة هنا أي في النكاح (وإن صدقتها هي) أي المرأة لتنزيل الزيادة منزلة شاهد وهو ساقط في النكاح، بخلاف غيره كالبيع والولاء.

(وفسخ نكاح السر): أي الاستكتام قال ابن عرفة: نكاح السر باطل، والمشهور: أنه ما أمر الشهود حين العقد بكتمه. اهـ

(إن لم يدخل) الزوج (ويطل) [١] صادق بما إذا لم يدخل طال أم لا، وبما إذا دخل ولم يطل فإن طال بعد الدخول

ــ

أنها تزوجت قبل وفاة المفقود ودخل بها في العدة بعد وفاته، وقد جزموا بتأبيد حرمتها، ولا فرق بين المسألتين انتهى. والحاصل أنه إن وقع العقد عليها بعد الوفاة فتأبيد حرمتها باتفاق، وإن كان قبل وفاة الأول فتأبيد حرمتها عند ابن رشد نظراً لوقوع الوطء في العدة، لا عند ابن المواز لأن العقد وقع على ذات زوج كما يأتي في الشارح.

قوله: [كنكاح الثاني] إلخ: أي فإنه يفسخ بلا طلاق وبحث فيه بأنه من المختلف فيه، لأن بعضهم يقول: إنها للثاني ولو مع علمه بالأول فقضية ذلك أن يكون الفسخ بطلاق.

قوله: [لا إن أقر] إلخ: حاصله أن الإقرار بعد الدخول وتحته صورتان: الأولى أن يقر فيقول عقدت وأنا عالم بالأول ثم دخلت، الثانية أن يقول دخلت وأنا عالم بالأول، وحكمهما واحد.

قوله: [فيفسخ بطلاق]: أي لاحتمال كذبه في دعواه العلم بالأول ويلزمه المهر كاملاً. والحاصل أنه إذا ادعى كل من الزوج الثاني أو الزوجة أو الولي بعد التلذذ أنه كان عالماً عند العقد أو قبله بأنه ثان، فإنه يفسخ النكاح في المسائل الثلاث، وتكون للأول إن ثبت ذلك العلم بالبينة، وإن لم يثبت فإن كانت الدعوى من الزوجة أو الولي فلا أثر لها، وإن كانت من الزوج فيفسخ نكاح كل بطلاق، أما الأول فلاحتمال كذب الثاني، وأما الثاني فعملاً بإقراره.

قوله: [مع العلم] إلخ: أي وأما مع اتحاد زمنهما فهو داخل في قوله: " إن عقدا بزمن " فالفسخ للنكاحين بلا طلاق.

قوله: [إن لم يدخلا] إلخ: هذا التفصيل هو المعول عليه كما في الشيخ سالم و (شب) و (ح)، خلافاً لـ (عب) من فسخ النكاحين مطلقاً من غير تفصيل.

قوله: [ولو كانت إحداهما أعدل من الأخرى]: أي لأن زيادة العدالة كغيرها من المرجحات الآتية غير معتبرة هنا.

وقوله: [وإن صدقتها هي]: رد بالمبالغة قول أشهب من اعتبارها إذا صدقتها المرأة، وإنما ألغيت زيادة العدالة لقيامها مقام شاهد وهو ساقط في النكاح دون غيره، فلذلك تسقط البينتان لتناقضهما وعدم اعتبار المرجح، وحينئذ فيقيد ما يأتي في الشهادات من اعتبار المرجحات بغير النكاح.

تنبيه: إذا ماتت المرأة وجهل الأحق من الزوجين فالأكثر من أهل العلم لا إرث وعلى كل من الصداق ما زاد على إرثه، على فرض لو ورث، وقيل يشتركان في نصيب زوج واحد، فعلى كل الصداق كاملاً، وأما إن مات الزوجان فلا إرث ولا صداق لها على واحد، واعتدت عدة وفاة إن كان يفسخ بطلاق لا بغيره فتستبرئ بالدخول حصل موت أم لا كذا في المجموع.

قوله: [وفسخ نكاح السر] إلخ: محل ذلك ما لم يكن من خوف ظالم أو ساحر وإلا فلا حرمة ولا فسخ.

قوله: [والمشهور] إلخ: الحاصل أن في نكاح السر طريقتين: طريقة الباجي تقول: استكتام غير الشهود نكاح سر أيضاً، كما لو تواصى الزوجان والولي على كتمه ولم يوصوا الشهود بذلك ورجحها البدر القرافي و (بن)، وطريقة ابن عرفة، ورجحها المؤلف تبعاً للـ (ح): أن نكاح السر ما أوصي الشهود على كتمه، أوصي غيرهم أيضاً على كتمه أم لا، ولا بد أن يكون الموصي الزوج انضم له أيضاً غيره كالزوجة أو وليها أم لا.

قوله: [حين العقد] إلخ: أي وأما لو وقع الإيصاء بعده فلا يضر لأن العقد وقع بوجه صحيح.

قوله: [إن لم يدخل ويطل]: أي ففي هاتين الحالتين يفسخ بطلاق لأنه مختلف فيه، لأن الشافعي وأبا حنيفة يريان جوازه، وبه قال


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وبطل).

<<  <  ج: ص:  >  >>