للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن تزويج الفاسق غير صحيح ويتعين فسخه ورجحه جماعة، وقال المغيرة: ليس العبد كفؤاً ويفسخ النكاح.

وإذا علمت أن الكفاءة مجموع الثلاثة الأمور المذكورة [١] فقط، (فالمولى): أي العتيق ومجهول النسب، (وغير الشريف) وهو الدنيء في نفسه كالمسلماني أو في حرفته كالزبال والحمار والحلاق، (والأقل جاهاً) أي قدراً كالجاهل بالنسبة للعالم أو المأمور بالنسبة للأمير وكذا الفقير (كفء) للحرة أصالة الشريفة ذات الجاه، الغنية لعدم اشتراط النسب والحسب والمال كما تقدم.

(وليس للأم كلام) مع الأب، هذا مفرع على ما قبله ولو فرعه بالفاء لكان أبين (في تزويج الأب ابنته الموسرة المرغوب فيها من فقير) لا مال له متعلق بقوله تزويج، (إلا لضرر بين): كأن يزوجها من ذي عيب أو فاسق أو عبد لعدم الكفاءة، فليس له جبرها فيكون لها حينئذ كلام بأن ترفع للحاكم ليمنعه من تزويجها منهم، هذا قول ابن القاسم، وروي أن لها كلاماً مطلقاً وهو مبني على أن الكفاءة يعتبر فيها المال كالحال والدين.

ثم شرع في بيان من يحرم نكاحه أصالة فقال: (وحرم) على الشخص إجماعاً (الأصل): وهو كل من له عليه ولادة وإن علا، (والفرع وإن) كان (من زنا و) حرم (زوجهما): أي الأصل والفرع، فيحرم عليك زوجة أبيك وزوجة جدك وإن علا، وزوجة ابنك وإن سفل ويحرم على المرأة زوج أمها أو جدتها وإن علت، وزوج بنتها وإن سفلت.

(و) حرم (فصول أول أصل) وهم: الإخوة والأخوات من جهة الأب أو الأم وأولادهم وإن سفلوا، (وأول فصل) فقط (من كل أصل) من جهة الأب أو الأم كالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وعم الأب أو عمته وإن علا، وخال الأم أو خالتها وإن علت، دون بنيهم فتحل بنت العم أو العمة وبنت الخال أو الخالة.

(و) حرم (أصول زوجته): أمها وأم أمها وإن علت وإن لم يحصل تلذذ بالزوجة، لأن مجرد العقد على البنات يحرم الأمهات، (وفصولها): أي فصول الزوجة كبنتها وبنت بنتها، وهكذا (إن تلذذ بها): أي بزوجته التي هي الأم؛ فلا يحرم البنات إلا الدخول بالأمهات لقوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء: ٢٣] المراد بنت الزوجة {من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم} [النساء: ٢٣] والمراد بالدخول:

ــ

قوله: [وقيل إن تزويج الفاسق غير صحيح]: حاصل ما في المسألة أن ظاهر ما نقله (ح) وغيره واستظهره بعضهم منع تزويجها من الفاسق ابتداء، وإن كان يؤمن عليها منه وأنه ليس لها وللولي الرضا به وهو ظاهر، لأن مخالفة الفاسق ممنوعة وهجره واجب شرعاً، فكيف بخلطة النكاح، فإذا وقع وتزوجها ففي العقد ثلاثة أقوال: لزوم فسخه بفساده وهو ظاهر اللخمي وابن بشير، الثاني: أنه صحيح وشهره الفاكهاني، الثالث لأصبغ: إن كان لا يؤمن منه، رده الإمام، وإن رضيت به وظاهر ابن غازي أن القول الأول هو الراجح كذا في حاشية الأصل، والذي قرره في الحاشية أن المعتمد القول بالصحة الذي شهره الفاكهاني. قوله: [ليس العبد كفؤاً ويفسخ النكاح]: أي إن لم تتزوج به راضية عالمة هي ووليها، وإلا فلا فسخ.

قوله: [للحرة أصالة] إلخ: راجع لقوله: "فالمولى وغير الشريف" إلخ على سبيل اللف والنشر المرتب تأمل.

قوله: [من فقير]: أي سواء كان ابن أخ له أو غيره كانت الأم مطلقة أو في العصمة، وإن كان الواقع في الرواية ابن الأخ والأم مطلقة لأنه وصف طردي مخرج على سؤال سائل فلا مفهوم له. ومثل الفقير من يغربها عن أمها مسافة خمسة أيام، فالحق أن الأم لا تكلم لها إلا في الضرر البين كما في الحاشية، وأصل هذا قول المدونة: أتت امرأة مطلقة إلى مالك فقالت: إن لي ابنة في حجري موسرة مرغوباً فيها، فأراد أبوها أن يزوجها من ابن أخ له فقير، أفترى لي في ذلك متكلماً؟ قال: نعم إني لأرى لك متكلماً اهـ. روي قوله لأرى لك بالإثبات وبالنفي، قال ابن القاسم بعد ما تقدم" وأنا أراه ماضياً أي فلا تكلم لها إلا لضرر بين. واختلف في جواب ابن القاسم هل هو وفاق أو خلاف؟ فقيل وفاق بتقييد كلام الإمام بعدم الضرر على رواية النفي أو الضرر على رواية الإثبات، فوافق ابن القاسم وقيل خلاف بحمل كلام الإمام على إطلاقه، سواء كانت الرواية عنه بالإثبات أو النفي كان هناك ضرر أم لا، وابن القاسم يقول بالتفصيل بين الضرر البين وعدمه اهـ من الأصل.

قوله: [وإن كان من زنا]: رد بالمبالغة على ابن الماجشون حيث قال: لا تحرم البنت التي خلقت من الماء المجرد عن العقد وما يشبهه من الشبهة على صاحب الماء، لأنها لو كانت بنتاً لورثته وورثها وجاز له الخلوة بها وإجبارها على النكاح، وذلك كله منتف عندنا، ومثل من خلقت من ماء الزنا من شربت من لبن امرأة زنى بها إنسان فتحرم تلك البنت على ذلك الزاني الذي شربت من مائه وهذا ما رجع إليه مالك وهو الأصح.

قوله: [وحرم زوجهما]: أي وأما لو تزوج الرجل بأم زوجة أبيه وابنة زوجة أبيه من غيره إذا ولدتها أمها قبل التزوج بأبيه فتحل إجماعاً، وأما إذا ولدتها أمها بعد أن تزوجت بأبيه وفارقته فقيل بحلها وقيل بحرمتها وقيل يكره نكاحها.

قوله: [فيحرم عليك زوجة أبيك]: أي ولو من زنا وكذا يقال في زوجة الجد والابن.

قوله: [لأن مجرد العقد]: أي الصحيح ومثله المختلف فيه كان العقد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (الأمور المذكورة) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>