للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تحل أختها إلا إذا بتها أو علم بموتها (أو بيع) لمن تلذذ بها، (ولو دلس فيه) فتحل أختها لاحتمال أن لا يطلع المشتري على العيب الذي كتمه لبائع أو يرضى به (لا بفاسد)، أي لا تحل الثانية ببيع من تلذذ بها بيعاً فاسداً (لم يفت): أي قبل فواته بحوالة سوق فأعلى، فإن فات ولزم المشتري القيمة أو الثمن حلت الثانية، وكذا إذا زوجها بعد استبرائها نكاحاً فاسداً ولم يفت بالدخول فإن فات حلت. (ولا) تحل الثانية بطروّ (حيض أو نفاس) لمن تلذذ بها (و) لا (استبراء من غيره) بوطء شبهة أو غصب أو زنا، (و) لا (مواضعة و) لا (خيار) ولو كان لغير بائعها لأن ضمانها في مدة المواضعة والخيار من البائع، (و) لا (إحرام) بحج أو عمرة، (و) لا (هبة لمن يعتصرها منه) مجاناً كولده قبل حصول مفوت وعيده [١]، بل (وإن) كان الاعتصار (بشراء) كيتيمه الذي تحت حجره فلا تحل الثانية (كصدقة عليه) أي: على من يعتصرها منه فلا تحل بها الثانية، وهذا ظاهر إذا لم تحز الصدقة للصغير أو لم يحزها الكبير.

وأما إن حيزت فقال الشيخ تبعاً لابن عبد السلام: بخلاف صدقة عليه إن حيزت، وقال ابن فرحون، الظاهر أنه لا يكفي وله انتزاعها بالبيع كما في حق اليتيم انتهى، فإطلاقنا في المتن تبعاً لما لابن فرحون. (وإن تلذذ بهما) بوطء أو مقدماته (وقف) عنهما معاً وجوباً (ليحرم) واحدة منهما بوجه من الوجوه السابقة (فإن أبقى) لنفسه (الثانية استبرأها) بحيضة من مائه الفاسد قبل الإيقاف، وإن أبقى الأولى فلا استبراء إلا أن يطأها بعد وطء الثانية أو زمن الإيقاف.

(وإن عقد) على امرأة (أو تلذذ) بوطء أو مقدماته (بملك): أي بسبب ملكه لها (فاشترى من) يحرم جمعه معها بعد العقد، أو التلذذ بالملك بالأولى، (فالأولى) التي عقد عليها أو تلذذ بها هي التي تحل له دون المشتراة، فإن قرب المشتراة وقف ليحرم.

(و) حرمت (المبتوتة) وهي المطلقة ثلاثاً في مرات أو مرة كما لو قال لها: أنت طالق بالثلاث، أو نوى به [٢] الثلاث، أو قال لها: أنت طالق ألبتة -أو نحو ذلك مما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى

ــ

تستبرأ بحيضة لينظر هل هي حامل فيرث حملها أو لا؟ ولا يقال إنه قد يجتنبها في غير هذا كالاستبراء من فاسد، لأن المراد التجنب لغير معنى طرأ على البضع.

قوله: [فلا تحل أختها]: الأولى كأختها والمعنى فلا يحل من يحرم الجمع معها بأسرها أو إباقها، فإن طلقها في حال أسرها طلاقاً بائناً حل من يحرم جمعه معها، وأما من طلقها طلاقاً رجعياً لم يحل من يحرم جمعه معها إلا بمضي خمس سنين من أسرها لاحتمال حملها وتأخرها أقصى أمد الحمل، وثلاث سنين من يوم طلاقها لاحتمال ريبتها وحيضها في كل سنة مرة، هذا إذا كان يحتمل حملها منه وإلا حلت بمضي ثلاث سنين من طلاقها، كذا يؤخذ من حاشية الأصل.

قوله: [ولو دلس فيه]: إنما بالغ على ذلك للرد على المخالف.

قوله: [بوطء شبهة]: أي لأنه لو كان حبسها من عدة نكاح لكان النكاح وحده محرماً والعدة من توابعه.

قوله: [ولا مواضعة] إلخ: أي ولا عهدة ثلاث.

قوله: [في مدة المواضعة] إلخ: أي والعهدة.

قوله: [ولا هبة لمن يعتصرها] إلخ: المراد بالهبة هنا هبة غير الثواب بدليل الاعتصار، لأن هبة الثواب بيع ولا اعتصار فيه.

قوله: [كولده]: أي سواء كان صغيراً أو كبيراً.

قوله: [وله انتزاعها بالبيع]: لا يقال إن شراء الولي مال محجوره لا يجوز فكيف يكون له نزعها بالبيع. وأجيب بأن الممتنع شراء مال المحجور الذي لم يهبه له، وأما ما وهبه له فيكره له شراؤه ولا يكون ممنوعاً منع تحريم كذا في الحاشية.

تنبيه: مما يحل كالأخت إخدام الموطوءة سنين كثيرة أربعة فأكثر، ومثل الكثيرة حياة المخدم، وإنما حل وطء كأختها بالإخدام لأن من أخدم أمة حرم عليه وطؤها قل زمن الخدمة أو كثر، إلا أنه لا تحل كالأخت إلا إذا كثر زمن الخدمة لا إن قل فلا يوجب حل كأختها، لأنه كالإحرام.

قوله: [فإن أبقى لنفسه الثانية استبرأها]: أي لفساد مائه الحاصل قبل التحريم، وإن لحق به الولد.

قوله: [فإن قرب المشتراة] إلخ: أي لأنه صار بمنزلة وطء كالأختين.

قوله: [وهي المطلقة ثلاثاً] إلخ: أي ولو علقه على فعلها فأحنثته قصداً أو في نكاح مختلف فيه، وهو فاسد عندنا خلافاً لأشهب في الأول ولابن القاسم في الثاني. فالحاصل أنه لو قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار مثلاً فأنت طالق ثلاثاً فدخلتها قاصدة حنثه فتحرم عليه عند ابن القاسم وغيره، ولا تحل له إلا بعد زوج، خلافاً لأشهب القائل بعدم وقوع الطلاق معاملة لها بنقيض مقصودها، قال أبو الحسن على المدونة: وهذا القول شاذ والمشهور قول ابن القاسم، وذكر ابن رشد في المقدمات مثله، وقولنا أو في نكاح مختلف فيه وهو فاسد عندنا أي كنكاح المحرم والشغار، وإنكاح العبد والمرأة فإن هذه الأنكحة مختلف في صحتها وفسادها، ومذهبنا فسادها فإذا طلق الزوج في هذه الأنكحة ثلاثاً حرمت عليه ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، خلافاً لابن القاسم القائل إنه يقع عليه الطلاق نظراً لصحة النكاح على مذهب الغير، ولا يتزوجها إلا بعد زوج فلو تزوجها قبل زوج لم يفسخ نكاحه نظراً لمذهبه من فساد النكاح وعدم لزوم الطلاق، فيكون، هذا النكاح الثاني صحيحاً.

قوله: [أو مرة]: خلافاً لمن يزعم أنه لو أوقع الثلاث


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبي وط المعارف، ولعل الصواب: (وعبده)، كما في الشرح الكبير.
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>