للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يحرم، لتخلق ولده على الحرية.

وإنما يحرم على الذكر تزويج أمة غير أصله (إن كان حراً يولد له منها) وأما العبد فيحل له تزويج الأمة مطلقاً، كانت لسيده أو لغيره، خشي على نفسه العنت أم لا، كانت مملوكة لأبيه أو أمه أم لا، فالخطاب في قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا} [النساء: ٢٥] إلخ للأحرار، ومفهوم: "يولد له": أن الحر الذي لا يولد له كخصي ومجبوب وعقيم لا يحرم عليه نكاح الأمة لانتفاء علة استرقاق ولده، وأما العبد فلما كان ناقصاً بالرق فلا عار عليه في استرقاق ولده، لأن ذلك ليس بأكثر من رق نفسه، فجاز له نكاح الأمة على كل حال، والحر لحرمته ليس له ذلك مع الاستغناء عنه، وقوله: "منها"، احتراز مما إذا كان لا يولد له منها لعقمها مثلاً فيجوز، وإن كان يولد له من غيرها (إلا إذا خشي) على نفسه (العنت) أي: الزنا فيها أو في غيرها (ولم يجد لحرة ولا كتابية طولاً) أي: ما ينكحها به من عين أو عرض.

والشرط الثاني هو الأول في قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً} [النساء: ٢٥] والأول هو الثاني في الآية في قوله تعالى: {ذلك لمن خشي العنت منكم} [النساء: ٢٥].

فقوله: "ولم يجد" تفسير لـ "من لم يستطع" وقوله: "لحرة" إلخ تفسير للمحصنات، وقوله: (وهي مسلمة) تفسير للمؤمنات احترازاً من الكافرة فلا يجوز نكاحها.

(وخيرت) زوجة (حرة) لا أمة (مع) زوج (حر) لا عبد (ألفت): أي وجدت الحرة مع زوجها الحر زوجة (أمة) تزوجها قبل الحرة بوجه جائز، ولم تعلم بها الحرة حين العقد عليها أو علمت (بواحدة) من الإماء، (فوجدت) معه (أكثر في نفسها) متعلق بخيرت: أي تخير في المسألتين في أن تختار نفسها (بطلقة بائنة)، فإن وقعت أكثر فليس لها ذلك ولم يلزمه إلا واحدة أو ترضى بالمقام معه فلا خيار لها بعد (كتزويج أمة عليها) أي على الحرة فهي عكس ما قبلها، أو على أمة رضيت بها الحرة أولاً فلها الخيار المذكور.

(ولا تبوأ أمة) منزلاً: أي ليس لها ولا لزوجها إفرادها عن سيدها بمنزل لما فيه من إبطال حق سيدها من الخدمة، أو غالبها، بل يأتيها زوجها ببيت سيدها لقضاء وطره (بلا شرط أو عرف)، وإلا فيقضى به ولا كلام لسيدها، (وللسيد السفر) والبيع لمن يسافر (بمن لم تبوأ)، وإن طال السفر، ويقال لزوجها: سافر معها إن شئت (إلا لشرط أو عرف)، كما أن المبوأة ليس لسيدها سفر بها إلا لشرط أو عرف فيعمل به (و) للسيد (أن يضع صداقها) عن الزوج قبل الدخول، (إلا ربع دينار) فلا يصح إسقاطه لأنه حق لله لا تحل الفروج إلا به، وأما بعد الدخول فله إسقاط الجميع (و) له (أخذه) أي صداق أمته (لنفسه) ولو قبل الدخول،

ــ

ووجد للحرائر طولاً.

قوله: [لم يحرم]: أي حيث كان أصله المالك لها حراً لأنه لو كان رقيقاً لكان الولد رقيقاً للسيد الأعلى.

قوله: [إلا إذا أخشي [١]]: ظاهره ولو توهماً لأن الخشية تصدق بالوهم، ولكن قال في حاشية الأصل: الظاهر أن المراد به الشك فما فوقه وهو الظن والجزم لما يلزمه على تزويج الأمة من رقية الولد فلا يقدم عليه بالأمر الوهمي.

قوله: [ولم يجد لحرة] إلخ: اعلم أن أصبغ قال: الطول هو المال الذي يقدر على نكاح الأحرار به، والنفقة عليهن منه، وهو خلاف رواية محمد من أن القدرة على النفقة لا تعتبر، والراجح كلام أصبغ ويتبادر من شارحنا رواية محمد.

قوله: [من عين أو عرض]: أي أو دين على مليء وكتابة وأجرة خدمة معتق لأجل، ويستثنى من العرض دار السكنى فليست طولاً ولو كان فيها فضل عن حاجته كما قاله الأجهوري، ودخل في العرض دابة الركوب وكتب الفقه المحتاج لها، والفرق بينهما وبين دار السكنى أن الحاجة لدار السكنى أشد من الحاجة للدابة والكتب.

قوله: [تفسير للمحصنات]: أي لأن الإحصان يطلق على معان؛ فالمراد منه هنا الحرية، وقد يطلق بمعنى العفة كما في قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات} [النور: ٤] ويطلق بمعنى التزوج بالشروط الذي هو الإحصان المشترط في رجم الزاني والزانية.

قوله: [فلا يجوز نكاحها]: أي لأن الأمة الكافرة لا توطأ إلا بالملك.

تنبيه: لو تزوج الأمة بشرطها ثم زال المبيح لم ينفسخ نكاحه، وكذا إذا طلقها ووجد مهر الحرة فله رجعتها هذا هو المشهور بناء على المعتمد، من أن تلك الشروط في الابتداء فقط، وقيل إنها شروط في الابتداء والدوام، وعليه إذا تزوج الأمة بشروطها ثم زال المبيح انفسخ النكاح ولا تصح الرجعة.

قوله: [لا عبد]: أي فإن الحرة معه لا خيار لها لأن الأمة من نساء العبد.

قوله: [فلها الخيار المذكور]: في نفسها وإن سبقتها الحرة خيرت في الأمة.

قوله: [وللسيد أن يضع صداقها]: أي إن لم يمنعه دينها المحيط بالصداق بأن يكون أذن لها في تداينه فتحصل أن له الوضع بشرطين الأول لحق الله وهو أن لا ينقص عن ربع دينار، والثاني أن لا يمنعه دينها الذي أذن لها في تداينه.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (خشي).

<<  <  ج: ص:  >  >>