للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الفاسد يوم الوطء) لأنه الذي يتقرر به صداق المثل في الفاسد (كالشبهة) أي كوطء الشبهة، فإنه يعتبر صداق المثل فيه باعتبار الأوصاف يوم الوطء. (واتحد) صداق المثل في وطء الشبهة مراراً (إن اتحدت الشبهة) ولو بالنوع وذلك (كالغالط بغير عالمة) مراراً وظنها في الأولى زوجته هنداً وفي الثانية دعد فلها مهر واحد وأولى لو ظنها في كل مرة أنها هند وكذا إن ظنها في المرة الأولى أمته فلانة، وفي الثانية أمته الأخرى، وأولى إن ظنها الأولى، والموضوع أن الموطوءة غير عالمة لنوم أو إغماء أو جنون أو لظنها أنه زوجها أو سيدها. وأما العالمة بأنه أجنبي فزانية لا مهر لها وتحد.

(وإلا) تتحد الشبهة بأن تعددت -كأن يطأ غير العالمة يظنها زوجته ثم وطئها يظنها أمته- (تعدد) المهر بتعدد الوطء والظنون (كالزنا بها): أي بغير العالمة يتعدد المهر عليه بتعدد الوطء لعذرها بعدم العلم وسماه زنا بالنسبة له لا لها، (أو) الزنا (بالمكرهة) يتعدد لها المهر بتعدد الوطء على الواطئ ولو كان المكره لها غيره. والحاصل أن العالمة المختارة لا مهر لها وعليها الحد لأنها زانية، بخلاف المكرهة وغير العالمة فلها المهر، وعلم منه أربعة أقسام: علمهما معاً وهو زنا من الطرفين، علمها دونه، وهو زنا منها لا شيء لها وتحد، جهلهما معاً وفيه المهر ويتعدد إن تعددت الشبهة لا إن اتحدت، علمه دونها فهو زان وعليه المهر، ويتعدد بتعدد الوطء والمراد بالوطء: إيلاج الحشفة وإن لم ينزل كما هو ظاهر، ثم شرع يتكلم على تشطر الصداق وما ألحق به بالطلاق في النكاح الصحيح قبل الدخول فقال: (وتشطر هو): أي الصداق في نكاح التسمية أو التفويض إذا فرض صداق المثل أو ما رضيت به قبل الدخول. ومعنى تشطر: تنصف (و) تشطر (مزيد) لها على الصداق، وأبرز الضمير بقوله: "هو" لأجل عطف مزيد على الضمير المتصل في "تشطر". قال في الألفية: وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل

إلى آخره (له): أي لأجل الصداق (بعد العقد) متعلق بـ "مزيد"، أي أن ما يزيد على الصداق بعد العقد على أنه من الصداق، فإنه يتشطر كالصداق.

ومعنى زيادته على أنه من الصداق بأن يقال له: ما جعلته من الصداق ووقع عليه التراضي هو قليل بالنسبة للزوجة، أو تقوم قرينة على ذلك فيزيدها شيئاً عليه، سواء كان من جنسه أو غير جنسه كان مؤجلاً بأجله أم لا، وإذا كان المزيد بعد العقد يتشطر فأولى المزيد في العقد أو قبله لأنه لا يتوهم فيه أنه ليس بصداق وأشعر لفظ "مزيد" أنه من الصداق لأن المزيد على الشيء من ذلك الشيء، فقوله له: "أي لأجل الصداق" زيادة توكيد في البيان فالمزيد غير الهدية، وأما الهدية من نحو فواكه وحلوى وسكر وبن وخمار وعمامة، فإن وقعت حال العقد أو قبله تشطرت، سواء كانت لها أو لوليها أو لغيرهما كأمها وأختها وخالها، ومن ذلك الخاتم الذي يرسله لها قبل العقد وبعد الخطبة، وسواء اشترطت أو لم تشترط خلافاً لظاهر كلام الشيخ، وإن وقعت بعد العقد فإن كانت لغيرها اختص بها ذلك الغير ولا تشطير لأنها صارت صلة محضة، وإن كانت لها اختصت بها وإلى ذلك كله أشار بقوله: (و) تشطرت (هدية لها) أي للزوجة (أو لكوليها قبله) أي قبل العقد أو حال العقد، ولو لم تشترط (ولها) أي وللزوجة إذا تشطر ما أهدي لوليها ونحوه (أخذها) أي الهدية (منه)

ــ

ويوم الحكم إن لم يدخل، إذ لو شاء لطلق قبل ذلك ونقل ذلك ابن عرفة عن عياض.

قوله: [الفاسد يوم الوطء]: أي سواء كان متفقاً على فساده أو مختلفاً فيه.

قوله: [ولو بالنوع]: الباء للسببية أي إن اتحدت الشبهة بسبب اتحاد النوع أو الشخص، وذلك لأن الشبهة لا تكون متحدة إلا إذا اتحد النوع أو الشخص فما كان بالتزويج نوع وما كان بالملك نوع.

قوله: [وهو زنا من الطرفين]: أي حيث كانت مختارة وإلا لزمه المهر ولا حرمة عليها.

قوله: [علمها دونه]: هذا وما قبله يفهمان من قوله: "كالغالط بغير عالمة".

قوله: [جهلهما معاً]: هو منطوق قوله: "كالغالط بغير عالمة".

قوله: [علمه دونها]: مأخوذ من قوله: "كالزنا بها" فالأربعة مأخوذة من كلامه منطوقاً ومفهوماً. واعلم أن اتحاد الشبهة وتعددها إنما يعلم من قوله، فيقبل قوله فيهما بغير يمين.

قوله: [إيلاج الحشفة] إلخ: أي خلافاً لـ (عب) حيث قال والظاهر تبعاً لهم أن المراد بالوطء ما فيه إنزال فإنه غير صواب كما في (بن).

قوله: [وتشطر هو] إلخ: أي بالطلاق قبل البناء كما يأتي لقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} [البقرة: ٢٣٧] ثم إن تشطر الصداق بالطلاق ظاهر على القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق، وكذا على القول بأنها لا تملك بالعقد شيئاً لأن التشطير إما من ملكها أو من ملكه، وأما على القول بأنها تملك بالعقد النصف فالتشطير في الطلاق مشكل لأنه متشطر من حين العقد، إلا أن يقال المعنى تحتم تشطيره بعد أن كان معرضاً لتكميله.

قوله: [المتصل في تشطر]: أي المستتر فيه لأنه متصل وزيادة.

قوله: [في العقد]: أي في مجلسه، وقوله: [أو قبله] أي كوقت الخطبة.

قوله: [وأما الهدية] إلخ: حاصل ما ذكره أن الهدية متى كانت قبل العقد أو حينه فإنها تتشطر، سواء اشترطت أو لا كانت لها أو لغيرها، وإن كانت بعد العقد ولا يتأتى اشتراطها، فإن كانت لغيرها فلا تتشطر، وإن كانت لها اختصت بها ولا تتشطر على الراجح.

قوله: [أخذها أي الهدية منه]: حاصله أن المرأة إذا طلقت قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>