للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَصُدِّقَا في ضياعه) بلا تفريط (بيمين) ومصيبته على الزوجة، فلا رجوع لها على ولي ولا زوج، فإن طلقها قبل البناء وهو مما يغلب [١] عليه ولم تقم على هلاكه بينة رجع عليها إن أيسرت يوم الدفع لوليها، وإلا فلا رجوع له ولو أيسرت بعد.

(وإنما يبريهما): أي المجبر وولي السفيهة من مقبوض الصداق أحد أمور ثلاثة: (شراء جهاز) يصلح لها (تشهد بينة بدفعه لها)، أي: للزوجة، ومعاينة قبضها له، (أو إحضاره بيت البناء) وتشهد البينة بحضوره فيه، (أو توجهه إليه): أي إلى بيت البناء وإن لم تشهد بوصوله إليه فلا تسمع حينئذ دعوى الزوج أنه لم يصل، فعلم أنه لا يبرئ من له قبضه دفعه عيناً للزوجة ولا مجرد دعوى أنه دفع لها الجهاز، أو أنه وصل لبيت البناء.

(وإلا) يكن مجبر ولا ولي سفيهة من حاكم أو مقدم عليها منه، (فالمرأة) الرشيدة هي التي تقبضه لا من يتولى عقدها إلا بتوكيل منها في قبضه، فإن ادعت ضياعه بلا تفريط صدقت بيمين ولا يلزمها تجهيز.

(فإن قبضه غيرهم) أي غير المجبر وولي السفيهة والمرأة الرشيدة (بلا توكيل) ممن له القبض، فضاع ولو ببينة من غير تفريط كان ضامناً له لتعديه بقبضه، و (اتبعته) الزوجة (أو) اتبعت (الزوج) لتعديه بدفعه لغير من له قبضه، فإن دفعه لها القابض فلا شيء على الزوج وإن دفعه لها الزوج رجع به على القابض فقرار الغرم عليه.

(وأجرة الحمل) أي حمل الجهاز من بيت الزوجة إلى بيت الزوج (عليها) أي على الزوجة، (إلا لشرط أو عرف) فيعمل به.

(ولو قال من له القبض) من مجبر أو امرأة (بعد الإقرار به) أي بالقبض في مجلس العقد أو غيره (لم أقبضه)، وإنما قلت ذلك لتوثقي بالزوج وظني فيه الخير، (لم يفده) لأن المكلف يؤخذ بإقراره، (وله تحليف الزوج) على أنه قد أقبضه للمجبر أو من معه إن كان الأمر قريباً، (في كعشرة أيام) من يوم الإقرار بالقبض، وأدخلت الكاف الخمسة الأيام، فإن زاد الزمن على نصف شهر فليس له تحليفه.

(وجاز عفو المجبر) دون غيره من الأولياء (عن نصف الصداق) الذي ترتب لمجبرته في ذمة الزوج، (بعد الطلاق قبل البناء، لا) يجوز العفو (قبله): أي قبل الطلاق، قاله الإمام وقال ابن القاسم: (إلا لمصلحة) تقتضي العفو قبله فيجوز.

فصل في خيار أحد الزوجين إذا وجد عيباً بصاحبه؛

ــ

قوله: [وصدقا في ضياعه بلا تفريط]: أي كما هو قول مالك وابن القاسم

قوله: [وإنما يبريهما]: أي بالنسبة لدفع الصداق لها فلا ينافي ما تقدم من أنهما إذا ادعيا تلفه أو ضياعه صدقا بيمين، ولذلك قال ابن عرفة نقلاً عن ابن حبيب: للزوج سؤال الولي فيما صرف نقده فيه من الجهاز وعلى الولي تفسير ذلك وحلفه إن اتهمه.

قوله: [بدفعه لها]: أي في بيت البناء أو غيره.

قوله: [ومعاينة قبضه]: عطف تفسير.

قوله: [ولا يلزمها تجهيز]: أي بغيره فتصديقها بالنظر لعدم لزوم التجهيز ببدله، وأما بالنظر لرجوع الزوج عليها بنصفه إذا طلق قبل البناء فلا تصدق فيما يغلب عليه إن لم تقم على هلاكه بينة وإلا كان الضمان منهما.

قوله: [وله تحليف الزوج] إلخ: فإن نكل الزوج ردت اليمين على الولي إن كانت دعوى تحقيق، فإن نكل الولي أيضاً فلا رجوع له، وإن حلف أخذه من الزوج، وإن كانت دعوى اتهام غرم الزوج بمجرد النكول على القاعدة.

قوله: [وجاز عفو المجبر]: أي سواء كانت المجبرة بكراً أو ثيباً صغرت، كما يشير لذلك تعميم المصنف فهو أشمل من قول خليل: "عفو أبي البكر"، وظاهر المصنف شمول الوصي المجبر وليس كذلك، بل المراد منه خصوص الأب دون غيره وكان وصياً مجبراً، وخص الأب بذلك لشدة شفقته فلا تهمة، ولو قال المصنف: وجاز عفو أب مجبر لكان جامعاً مانعاً.

قوله: [عن نصف الصداق]: أي وأولى عن أقل منه.

قوله: [قبل البناء]: أي لا بعده فلا يجوز للولي أن يعفو عن شيء من الصداق إن رشدت، بل وإن كانت سفيهة أو صغيرة خلافاً للخرشي و (عب)، حيث قالا له العفو إن كانت سفيهة أو صغيرة إذا الحق أنه لا عفو بعد الدخول سواء كانت رشيدة أو لا، ففي سماع محمد بن خالد أن الصغيرة إذا دخل بها الزوج وافتضها، ثم طلقها قبل البلوغ أنه لا يجوز العفو عن شيء من الصداق، لا من الأب ولا منها، قال ابن رشد وهو كما قال لأنه إذا دخل بها الزوج وافتضها، فقد وجب لها جميع صداقها بالمسيس، وليس للأب أن يضع حقاً قد وجب لها إلا في الموضع الذي أذن له فيه، وهو قبل المسيس لقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: ٢٣٧]، الآية اهـ من حاشية الأصل، وقد يقال كلام الخرشي و (عب)، يحمل على ما إذا كانت المصلحة في الفوات ارتكاباً لأخف الضررين، وسيأتي بيان ذلك في باب الخلع إن شاء الله تعالى.

فصل في خيار أحد الزوجين

لما استوفى الكلام على الأركان والشروط، وكان حصول الخيار لأحد الزوجين في صاحبه عيباً يثبت بعد استيفاء الأركان والشروط ذكره هنا بعد تمام الكلام عليها، وهذا حسن صنيع منه - رضي الله عنه -.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: «يغاب»، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>