للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان العيوب التي توجب الخيار في الرد

(الخيار) مبتدأ (للزوجين) أي: لأحدهما متعلق به، وخبره قوله: "ببرص" إلخ: أي يثبت بسبب وجود عيب بصاحبه.

(إذا لم يسبق علم) بالعيب قبل العقد، فإن علم بالعيب قبل العقد فلا خيار له، (ولم يرض) بالعيب حال اطلاعه عليه، فإن رضي به صريحاً أو ضمناً بأن تلذذ بصاحبه بعد اطلاعه على العيب فلا خيار له.

(و) لو ادعى عليه العلم قبل العقد أو الرضا به بعده (حلف على نفيه)، فإن حلف أنه لم يعلم أو لم يرض صدق بيمينه وثبت له الخيار، وإن نكل حلف المدعي على طبق دعواه وانتفى الخيار.

واعلم أن من وجد بصاحبه عيباً لم يعلم به ولم يرض فله الخيار، ولو كان هو معيباً، لكن إن كان معيباً بغير ما قام به فظاهر وإن كان معيباً بمثله -كجذام وجذام- فقال اللخمي: إن كانا من جنس واحد، فإن له القيام دونها لأنه بذل صداقاً لسالمة فوجد ما يكون صداقها دون ذلك. اهـ. وهو دقيق (ببرص) أي: ثابت بسبب وجود برص وما عطف عليه.

وحاصله أن العيوب ثلاثة عشر عيباً، يشتركان في أربعة: الجنون، والجذام، والبرص، والعذيطة، ويختص الرجل بأربعة: الخصاء، والجب، والعنة، والاعتراض، وتختص المرأة بخمسة: الرتق، والقرن، والفعل [١]، والإفضاء، والبخر، فما كان مشتركاً بينهما أطلقه بعد قوله: "للزوجين"، وما كان مختصاً به أضافه لضميره بعد قوله: "ولها"، وما كان مختصاً بها أضافه لضميرها بعد قوله: "وله".

فقال: الخيار للزوجين ببرص لا فرق بين أبيضه وأسوده؛ الأردأ من الأبيض، لأنه مقدمة الجذام، وعلامة الأسود التقشير والتفليس، أي يكون له قشر مدور يشبه الفلوس ويشبه قشر بعض السمك، ولا فرق بين قليله وكثيره اتفاقاً في المرأة، وعلى أحد القولين في يسير الرجل.

(وعذيطة): بفتح العين أو كسرها، وسكون الذال المعجمة، وفتح المثناة التحتية، فطاء مهملة: خروج الغائط عند الجماع، ويقال للمرأة عذيوطة وهي التي تحدث عند الجماع والرجل عذيوط، ومثل الغائط البول عند الجماع؛ لا في الفرش ولا في الريح.

(وجذام) محقق ولو قل لا مشكوك فيه.

(وجنون) بطبع أو صرع أو وسواس، (وإن) وقع (مرة في الشهر) لنفور النفس منه.

(ولها) أي للزوجة الخيار (بخصائه): قطع الذكر دون الأنثيين، وأما قطع الأنثيين دون الذكر

ــ

قوله: [وبيان العيوب التي توجب الخيار]: أي: بغير شرط أو به.

قوله: [صريحاً]: أي بأن كان الرضا بالقول كرضيت، وقوله: [بأن تلذذ بصاحبه) تصوير للضمني.

قوله: [حلف على نفيه] إلخ: صورتها أنه إذا أراد أحد الزوجين أن يرد صاحبه بالعيب الذي وجده به، فقال المعيب للسليم: أنت علمت بالعيب قبل العقد ودخلت عليه، أو علمت به في العقد ورضيت به، والحال أنه لا بينة لذلك المدعي بما ادعاه، وأنكر المدعى عليه الرضا، أو العلم وأراد المدعى عليه أن يحلفه على نفي العلم، أو الرضا فإنه يلزمه أن يحلف ويثبت له الخيار، ومحل كلام المصنف إذا لم يكن العيب ظاهراً أو يدعي علمه به بعد البناء، أو يطل الأمر كشهر، وإلا فالقول قول المعيب بيمينه.

قوله: [وإن نكل حلف المدعي] إلخ: هذا إذا كانت دعواه عليه دعوى تحقيق، أما إذا كانت دعوى اتهام فإنه يسقط خياره بمجرد النكول على القاعدة.

قوله: [فقال اللخمي]: ونصه وإن اطلع كل واحد من الزوجين على عيب في صاحبه مخالف لعيبه، بأن تبين أن بها جنوناً، وبه هو جذام أو برص، كان لكل واحد منهما القيام، وأما إن كانا من جنس واحد كجذام أو برص، أو جنون صرع، فإن له القيام دونها لأنه بذل الصداق لسالمة فوجدها ممن يكون صداقها أقل اهـ. ولكن المأخوذ من الحاشية استظهار أن لكل القيام مطلقاً كان من جنس الآخر أم لا كما صرح به الرجراجي و (ح) وظاهر إطلاق ابن عرفة لأن المدرك الضرر واجتماع المرض على المرض يورث زيادة.

قوله: [وحاصله أن العيوب] إلخ: أي التي يرد فيها بغير شرط، وأما التي يرد فيها بالشرط فهي كثيرة وسيأتي بعضها.

قوله: [وعلى أحد القولين في يسير الرجل]: هذا كله في برص قديم قبل العقد، وأما الحادث بعده فلا رد باليسير اتفاقاً، وفي الكثير خلاف وهذا فيما حدث بالرجل، وأما بالمرأة فمصيبة نزلت به كما قال البدر القرافي وسيأتي.

قوله: [بفتح العين]: أي على أنه مصدر، وقوله: [أو كسرها] أي على أنه اسم لذي العيب والمناسب لعده من العيوب الفتح ولذلك قدمه.

قوله: [عذيوطة]: بكسر العين وكذا عذيوط.

قوله: [لا مشكوك]: أي بأن كان غير بين.

قوله: [وإن وقع مرة]: أي هذا إذا استغرق كل الأوقات أو غالبها، بل وإن حصل في كل شهر مرة ويفيق فيما سواها وظاهره إذا كان يأتي بعد كل شهرين فلا رد به. وليس كذلك، والظاهر أن هذا كناية عن القلة ومحل الرد بما ذكر إذا كان يحصل منه إضرار من ضرب أو إفساد شيء أما الذي يطرح بالأرض ويفيق من غير إضرار فلا رد به كذا قال بعضهم، ولكن ظاهر شارحنا الإطلاق.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: «والعفل»، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>