(وبانت) على مقتضى دعواه في الأولى (فإن نكلت حلف) الزوج وكان القول له (وإلا) يحلف بأن نكل كما نكلت، (فقولها): أي فالقول قولها (و) إن تنازعا (في عدد الطلاق) فقال: طلقتها واحدة، وقالت: بل ثلاثاً ولا بينة، (فقوله بيمين) فله تزوجها قبل زوج، ولو تزوجها بعد زوج كانت معه بطلقتين عملاً بقوله، هذا هو الذي تقتضيه القواعد من العمل بالأصل؛ إذ الأصل عدم الطلاق، وقد ادعت عليه خلاف الأصل فعليها البيان (كدعواه) أي الزوج (موت) عبد مثلاً (غائب) خالعته به قبل الخلع وادعت موته بعده، (أو) ادعى حين ظهر به عيب أن (عيبه قبله) أي قبل الخلع، وادعت أنه بعده فالقول له في المسألتين والضمان منها، لأن الأصل عدم انتقال الضمان إليه فعليها البيان (فإن ثبت أنه) أي الموت أو العيب (بعده) أي بعد الخلع (فضمانه منه) أي من الزوج.
فصل في بيان أحكام الطلاق وأركانه وما يتعلق بذلك
وافتتحه بقوله صلى الله عليه وسلم: («أبغض الحلال إلى الله الطلاق») وهو يفيد أن الطلاق وإن كان حلالاً إلا أن الأولى عدم ارتكابه لما فيه من قطع الألفة إلا لعارض كما أفاده بقوله: (وقد يندب) لعارض كما لو كانت بذيَّة اللسان يخاف منها الوقوع في الحرام لو استمرت عنده، كأن يضربها ضرباً مبرحاً، أو يسبها ويسب والديها، أو كانت قليلة الحياء تتبرج إلى الرجال، وأكثرهن يسب أم الزوج إذا كانت عند ابنها وغير ذلك.
(أو) قد (يجب) لعارض كما لو علم أن بقاءها يوقعه في محرم من نفقة أو غيرها.
ــ
قوله: [وبانت على مقتضى دعواه في الأولى]: أي فيؤاخذ بإقراره من جهة البينونة احتياطا في الفروج، ولا يرثها إن ماتت، وإن لم تنقض العدة وعلي النفقة على مقتضى دعواها، وترثه إن لم تنقض العدة.
قوله [فإن نكلت حلف الزوج]: أي لأنها دعوى تحقيق ترد فيها اليمين.
قوله: [فقوله بيمين]: وقيل بغير يمين ووجهه أن ما زاد على ما قاله الزوج هي مدعية له، وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها، وعلى الأول لو نكل حبس حتى يحلف، فإن طال دين، ولا يقال تحلف ويثبت ما تدعيه، لأن الطلاق لا يثبت بالنكول مع الحلف، وتبين منه على كل حال، إذا اتفقا على الخلع أو ادعاه الزوج. وفائدة كون القول قوله أنه إذا تزوجها تكون على تطليقتين اعتماداً على قوله طلقت واحدة إلا أنه عند بينونتها لا يحل لها أن تمكنه بتزوجها قبل زوج كما في سماع عيسى، وأقره ابن رشد، فإن تزوجته قبل زوج فرق بينهما، وقال ابن رشد: لو ادعت ذلك وهي في عصمته ثم أبانها فأرادت أن تتزوجه قبل زوج، وقالت: كنت كاذبة وأردت الراحة منه صدقت. في ذلك، ولم تمنع من ذلك ما لم تذكر ذلك بعد أن بانت منه اهـ كذا يؤخذ من حاشية الأصل نقلاً عن (بن).
فصل في بيان أحكام الطلاق
أي أحكام القدوم عليه، فتارة يكون واجباً، وتارة يكون حراماً، وتارة يكون مندوباً، وتارة يكون مكروهاً؛ فكما أن تلك الأحكام تعرض على النكاح تعرض على الطلاق إلا أن الأصل في النكاح الندب، وفي الطلاق - خلاف الأولى - أو الكراهة وسيفصل ذلك.
قوله: [وأركانه]: أي الأربعة الآتية في قوله: "وركنه أهل وقصد ومحل ولفظ ".
قوله: [وما يتعلق بذلك]: أي من شروط وغيرها.
قوله: [وهو يفيد أن الطلاق] إلخ: اعلم أنه استشكل هذا الحديث بأن المباح ما استوى طرفاه، وليس منه مبغوض ولا أشد مبغوضية، والحديث يقتضي ذلك لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه. وأجيب بأن المعنى أقرب الحلال للبغض الطلاق، فالمباح لا يبغض بالفعل، لكن قد يقرب له إذا خالف الأولى، والطلاق من أشد أفراد خلاف الأولى، وهذا ما أشار له الشارح بقوله: "وإن كان حلالا، إلا أن الأولى عدم ارتكابه". وأجيب بجواب آخر بأنه ليس المراد بالحلال ما استوى طرفاه، بل ما ليس بحرام فيصدق بالمكروه، وخلاف الأولى، فخلاف الأولى مبغوض والمكروه أشد مبغوضية، وليس المراد بالبغض ما يقتضي التحريم، بل المراد كونه ليس مرغوباً فيه لأن فيه اللوم، ويكون سر التعبير بالأبغضية قصد التنفير، وأنت خبير بأن الجواب الثاني مبني على أن حكم الطلاق الأصلي الكراهة، لا على أنه خلاف الأولى الذي مشي عليه الشارح، فالأظهر الجواب الأول، وأما حمله على سبب الطلاق من سوء العشرة ففيه أن هذا ليس من الحلال، وأفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه.
قوله: [يخاف منها الوقوع في الحرام]: أي يخاف على نفسه الوقوع في ذلك، أو يخاف عليها بدليل تمثيل الشارح، فإن ضربه فيها الضرب المبرح وسبها وسب والديها حرام عليه، وتبرجها للرجال وسبها أم الزوج حرام عليها، والمراد بالخوف الشك الظن لا العلم، وإلا لوجب الطلاق كما في القسم الذي يليه.
قوله: [من نفقة أو غيرها]: أي كما إذا كان ينفق عليها من حرام، وغير النفقة كالضرب المبرح أو السب المتحقق وقوعه بالفعل، ومحل