للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (بقيت) عليه (واحدة كما لو طلق) حال رقه (واحدة فعتق) بقيت عليه واحدة، لأنه كحر طلق نصف طلاقه.

ثم شرع في بيان الركن الرابع وهو اللفظ بقوله: (ولفظه الصريح) الذي تنحل به العصمة ولو لم ينو حلها متى قصد اللفظ (الطلاق) كما لو قال: الطلاق يلزمني، أو علي الطلاق أو أنت الطلاق، ونحو ذلك، (وطلاق) بالتنكير أي: يلزمني، أو عليك، أو أنت طلاق، أو علي طلاق، وسواء نطق بالمبتدأ كأنت أو بالخبر كعلي أم لا؛ لأنه مقدر والمقدر كالثابت، (وطلقت) بالفعل الماضي والتاء مضمومة، (وتطلقت) بتشديد اللام المفتوحة وكسر التاء أي مني أو أنت تطلقت، (وطالق) اسم فاعل، (ومطلقة) بفتح الطاء واللام مشددة اسم مفعول نحو أنت مطلقة (لا مطلوقة ومنطلقة وانطلقي) أي ليست هي من صريحه ولا من كناياته الظاهرة لاستعمالها في العرف في غير الطلاق، بل من الكنايات الخفية، إن قصد بها الطلاق لزمه، وإلا فلا.

(ولزم) في صريحه طلقة (واحدة إلا لنية أكثر) فيلزمه ما نواه (كاعتدي) أي كما لو قال لها: اعتدي؛ فإنه يلزمه طلقة واحدة إلا أن ينوي أكثر، فإنه يلزمه ما نواه واعتدي من الكناية الظاهرة ويلزم بها ما ذكر (وصدق في) دعوى (نفيه) أي نفي الطلاق من أصله في قوله: اعتدي (إن دل بساط عليه) أي على نفيه، كما لو كان الخطاب في مقام ذكر الاعتداد بشيء أو العد، فقال: اعتدي، وقال: نويته الاعتداد بكذا أو العد فيصدق في ذلك.

(وكنايته الظاهرة: بتة، وحبلك على غاربك ولزم بهما): أي بإحدى هاتين الصيغتين (الثلاث مطلقاً) دخل بها أم لا، لأن البت القطع وقطع العصمة شامل للثلاث، ولو لم يدخل، والحبل عبارة عن العصمة وهو إذا رمى العصمة على كتفها لم يبق له فيها شيء مطلقاً (كأن اشترت) زوجته (العصمة منه) أي من زوجها بأن قالت له: بعني عصمتك بمائة، فباعها لها بها فإنها تطلق ثلاثاً دخل أو لم يدخل (وواحدة بائنة) بالرفع عطف على "بتة"، أي: ومن الكناية الظاهرة قوله لها: أنت طالق طلقة واحدة بائنة نظراً لقوله: "بائنة" والبينونة بعد الدخول بغير عوض إنما تكون ثلاثاً؛ فألزم بها الثلاث كما يأتي، ولم ينظروا للفظ واحدة، إما لكون "واحدة" صفة لمرة محذوفاً أي: مرة واحدة، بدليل قوله بعد: "بائنة"، وأما لأنه يحتاط في الفروج ما لا يحتاج في غيرها، فاعتبر لفظ بائنة وألغي لفظ واحدة.

(أو نواها): أي الواحدة البائنة (بكادخلي واذهبي) وانطلقي من سائر الكنايات الخفية، فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها وواحدة فقط في غيرها ما لم ينو أكثر، وأولى إذا نوى الواحدة البائنة بلفظ صريح الطلاق، كأن يقول لها: أنت طالق، ونوى الواحدة البائنة؛ فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها دون غيرها ما لم ينو أكثر؛ لأن نية البينونة كغيرها، والبينونة بعد الدخول بغير عوض ولا لفظ خلع ثلاث، وقبل الدخول واحدة إلا لنية أكثر ولذا قال: (وهي): أي واحدة بائنة لفظاً، أو نية بلفظ صريحه أو كنايته الخفية (ثلاث في المدخول بها) ويلزمه واحدة في غيرها ما لم ينو أكثر وأما نية الواحدة البائنة بلفظ الكناية الظاهرة كخليت سبيلك فلا أثر له، لأن العبرة حينئذ باللفظ ومدلوله الثلاث على تفصيلها المعلوم فيها، فقول الشيخ: بخليت سبيلك، فيه نظر.

ثم شبه بالواحدة البائنة في لزوم الثلاث في المدخول بها قوله: (كالميتة والدم) يعني أن من قال لزوجته: أنت علي كالميتة أو الدم،

ــ

وطؤها بالملك، ولو كان الطلاق المعلق ثلاثاً وكذا نكاحها بعد عتقها قبل زوج كذا في الأصل.

قوله: [وبقيت عليه واحدة]: على بمعنى اللام.

قوله: [ولفظه الصريح] إلخ: أي فهو منحصر في تلك الألفاظ الستة دون غيرها من الألفاظ، خلافاً لمن قال: إن الصريح ما كان فيه الحروف الثلاثة الطاء واللام والقاف لشموله نحو منطلقاً ومطلقة ومطلوقة وانطلقي، فإن هذه الألفاظ من الكتابة الخفية كما يأتي.

قوله: [اسم مفعول]: أي للفعل المضعف، وأما بغيره فتقدم أنه من الكناية الخفية.

قوله: [طلقة واحدة]: وفي حلفه على أنه لم يرد أكثر من واحدة وعدم حلفه قولان: الأول نقله اللخمي عن ابن القاسم، والثاني رواية المدنيين عن مالك، ومحل الخلاف إذا رفع للقاضي، وأما في الفتوى فلا يمين اتفاقاً.

قوله: [وصدق في دعوى نفيه]: أي بيمين في القضاء، وأما في الفتوى فلا يحتاج ليمين.

قوله: [وكنايته الظاهرة]: ليس المراد بالكناية اللفظ المستعمل في لازم معناه، بل المراد بها: لفظ استعمل في غير ما وضع له.

قوله: [والحبل) عبارة عن العصمة أي والغارب عبارة عن الكتف وهو في الأصل كتف الدابة أو ما انحدر عن أسفل سنم البعير.

قوله: [وواحدة بائنة]: محل ما قاله المتن والشارح إن كان عرف التحالف أن البائنة معناها المنفصلة، فإن كان عرفهم أن معناها الظاهرة التي لا خفاء فيها، وقصد ذلك المعنى فالظاهر لا يلزمه إلا طلقة واحدة، وتكون بعد الدخول رجعية.

قوله: [بغير عوض]: أي وبغير لفظ الخلع.

قوله: [فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها]: أي كما هو الظاهر، خلافاً لـ (عب) حيث عمم في المدخول بها وغيرها في لزوم الثلاث.

قوله: [ويلزمه واحدة في غيرها]: الفرق بين المدخول بها وغيرها أن غير المدخول بها تبين بالواحدة، فإن كان طلاقه خلعاً استوت المدخول بها وغيرها في قبول نية الواحدة.

قوله: [لأن العبرة حينئذ باللفظ]: أي ونية صرفه مباينة لوضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>