للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولحم الخنزير) الواو بمعنى "أو" (ووهبتك لأهلك أو رددتك أو لا عصمة لي عليك، وأنت حرام أو خلية) [١] أي من الزوج (أو برية، أو خالصة): أي مني لا عصمة لي عليك، (أو بائنة، أو أنا) بائن منك، أو خلي أو بري أو خالص، فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها (كغيرها) أي غير المدخول بها (إن لم ينو أقل)، فإن نوى الأقل لزمه ما نواه وحلف إن أراد نكاحها أنه ما أراد إلا الأقل لا إن لم يرده، فقوله: "كغيرها" راجع لما بعد الكاف أي الميتة، وما بعدها (ولزم الثلاث مطلقاً) دخل أم لا (ما لم ينو أقل) من الثلاث (في) قوله لها (خليت سبيلك)، فإن نوى الأقل لزمه ما نواه.

(و) لزمه الثلاث (في المدخول بها) فقط (في) قوله: (وجهي من وجهك) حرام، (أو) وجهي (على وجهك حرام) فلا فرق بين "من" و "على"، وشبه في ذلك قوله: (كلا نكاح بيني وبينك، أو لا ملك لي) عليك، (أو لا سبيل لي عليك) فيلزمه الثلاث في المدخول بها فقط (إلا لعتاب) راجع لما بعد الكاف (وإلا) بأن كان لعتاب (فلا شيء عليه) كما لو كانت تفعل أموراً لا توافق غرضه بلا إذن منه فقال لها ذلك، فالعتاب قرينة وبساط دال على عدم إرادته الطلاق كما يأتي (كقوله يا حرام) ولم ينو به الطلاق، (أو) قال: (الحلال حرام) بدون علي، (أو) قال: الحلال (حرام علي) أو علي حرام، (أو جميع ما أملك حرام، ولم يرد إدخالها): أي الزوجة في لفظ من هذه الألفاظ، فلا شيء عليه، فإن قصد إدخالها فثلاث في المدخول بها وفي غيرها إلا لنية أقل.

(و) لزمه (واحدة مطلقاً) دخل أم لا (في) قوله: (فارقتك) إلا لنية أكثر وهي رجعية في المدخول بها.

(وحلف على نفيه) أي الطلاق حيث ادعى عدم قصده (في) قوله: (أنت سائبة، أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام؛ فإن نكل) لزمه الطلاق و (نوي في عدده)، وقبل قوله فيما دون الثلاث بيمينه، واستشكل تنويته في العدد مع كونه قد أنكر قصد الطلاق، وهو إذا أنكر قصد الطلاق فلا تقبل نيته، قال بعضهم: هذا الفرع وإن ذكره في المدونة إلا أنه ذكره عن ابن شهاب، وليس هو لمالك بل هو مخالف لأصل مذهبه، ولذا لم يذكره ابن الحاجب ولا ابن شاس ولا ابن عرفة، فعلى المصنف الدرك في ذكره. اهـ أي فالجاري على أصل مذهب مالك أنه يلزمه الثلاث في المدخول بها كغيرها إلا إذا نوى أقل وقد علمت أن الكناية الظاهرة أقسام.

الأول: ما يلزم فيه طلقة واحدة إلا لنية أكثر في المدخول بها وهو: اعتدي، وأما غير المدخول بها فلا عدة عليها، فإن قال لها: اعتدي، فهو من الكناية الخفية في حقها.

الثاني: ما يلزم فيه الثلاث مطلقاً وهو: بتة، وحبلك على غاربك.

الثالث: ما يلزم فيه الثلاث في المدخول بها وواحدة في غيرها لم ينو أكثر

ــ

والحاصل أن صريح الطلاق والكناية الظاهرة لا يصرفهما عن ظاهرهما إلى الأخف إلا البساط لا النية.

قوله: [أو خالصة]: ومثله لست لي على ذمة، وأما عليه السخام فيلزمه فيه واحدة إلا أن ينوي أكثر، وأما نحو عليه الطلاق من ذراعه أو فرسه فلا شيء فيه، لأن القصد من الحلف بذلك التباعد عن الحلف بالزوجة. واعلم أن لست لي على ذمة أو أنت خالصة لا نص فيهما، وقد اختلف استظهار الأشياخ في اللازم بهما، فاستظهر شيخ مشايخنا العدوي لزوم طلقة بائنة، واستظهر شيخنا المؤلف لزوم الثلاث، واستظهر بعض المحققين أن خالصة يمين سفه ولست لي على ذمة في عرف مصر بمنزلة فارقتك يلزم فيه طلقة واحدة إلا لنية أكثر في المدخول بها وغيرها، وأنها رجعية في المدخول بها كذا يؤخذ من حاشية الأصل.

قوله: [إن لم ينو أقل]: أي بأن نوى الثلاث أو لا نية له. إن قلت إن صريح الطلاق عند الإطلاق فيه طلقة واحدة فما وجه كون ذلك فيه الثلاث؟ فالجواب أن عدوله عن الصريح أوجب ريبة عنده في ذلك فشدد عليه.

قوله: [فلا فرق بين من وعلى]: أي في لزوم الثلاث وفي تنويته في العدد في غير المدخول بها.

قوله: [فإن قصد إدخالها]: هذا التفصيل في الصيغ التي قالها المصنف، وأما لو قال علي الحرام وحنث فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها ولا ينوى فيها ويلزمه في غيرها أيضاً، ولكنه ينوى في العدد، والفرق بين علي حرام وما معها، وبين علي الحرام، أن علي الحرام استعمل في العرف في حل العصمة، بخلاف علي حرام وما معه، فمن قاس علي الحرام على باقي الصيغ فقد أخطأ لوجود الفارق، وخالف المنصوص في كلامهم أفاده الأجهوري: قال (بن): وقد جرى العمل بفاس ونواحيها بلزوم طلقة بائنة في علي الحرام بالتعريف، لا فرق بين مدخول بها وغيرها.

قال في حاشية الأصل: والحاصل أن كلاً من هذين القولين يعني القول بلزوم الثلاث، والقول بلزوم طلقة بائنة معتمد، وحكى البدر القرافي أقوالاً أخر أنه لغو لا يلزم به شيء وقيل إنه طلقة رجعية، وقيل ينوى فيه أو نوى به الطلاق لزمه، وإن لم ينوه لا يلزمه شيء وهو المفتى به عند الشافعية.

قوله: [فهو من الكناية الخفية في حقها]: أي فلا يلزم فيها شيء إلا بالنية كاسقني الماء.

قوله: [وهو بتة] إلخ: لزوم الثلاث في بتة، وحبلك على غاربك، لكونه من الكناية الظاهرة على حسب العرف القديم، وأما عرفنا الآن فهما من الكناية الخفية، لأن ألفاظ الأيمان مبنية على العرف، وكذلك باقي الألفاظ ينظر فيها على حسب العرف، ولذلك قال في الحاشية: فائدة قال القرافي في فروقه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (لأهلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>