للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمنا أنه أراد بالطلاق كل الطلاق، (أو) قال: (كلما حضت) فأنت طالق يلزمه الثلاث، وينجز [١] عليه من الآن ولا ينتظر لوقوعه لأنه من المحتمل الغالب وقوعه، وقصده التكثير وهذا فيمن تحيض أو يتوقع منها الحيض، وأما الآيسة فلا يلزمه شيء (أو قال: كلما) طلقتك (أو: متى ما طلقتك، أو) كلما أو متى ما (وقع عليك طلاقي فأنت طالق، وطلق واحدة) فيلزمه الثلاث في الفروع الأربعة، لأنه بإيقاع الواحدة وقع المعلق فتقع الثانية، وبوقوعها تقع الثالثة، لأن فاعل السبب فاعل المسبب، (أو) قال: (إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثاً أو اثنين، وطلق): لزمه الثلاث في الفرعين، ويلغي قوله قبله لأنه بمنزلة من قال: أنت طالق من الأمس، فإن لم يطلق فلا شيء عليه.

(وأدب المجزئ) للطلاق (كمطلق جزء، كيد) ورجل وأصبع وأنملة من زوجته، ولزمه الطلاق.

(ولزم) الطلاق (بنحو شعرك) مما يعد من محاسن المرأة كشعرك أو كلامك أو ريقك طالق. (لا) يلزم بما لا يعد من المحاسن نحو (بصاق ودمع) وسعال.

(وصح) في الطلاق (الاستثناء بإلا وأخواتها ولو) لفظ به (سراً) فإنه ينفعه ويصدق فيه نحو: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، أو غير واحدة أو سوى واحدة، فيلزمه اثنتان كما يأتي لكن صحته بشروط ثلاثة أشار لها بقوله: (إن اتصل) بالمستثنى منه ولو حكماً فلا يضر فصل بعطاس أو سعال، فإن انفصل اختياراً لم يصح.

(و) إن (قصد) الاستثناء: أي الإخراج لا إن جرى على لسانه بلا قصد فلا يفيد.

(ولم يستغرق) المستثنى منه، وإلا لم يصح نحو: طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ويلزمه الثلاث ومثال غير المستغرق (نحو) أنت طالق (ثلاثاً إلا اثنتين) فيلزمه واحدة، وإذا علمت أن المستغرق غير صحيح وأن غيره صحيح.

ــ

طلقة وقعت اثنتان لزيادة الأجزاء على واحدة نقله (ر).

قوله: [علمنا أنه أراد بالطلاق] إلخ: أي أراد به الطلاق الثلاث لا الطلاق الشرعي، وإلا كأن يقول إلا نصفه، ولو قال ذلك لزمه طلقة واحدة.

قوله: [وهذا فيمن تحيض]: هذا نحو ما لابن عرفة عن النوادر معترضاً على ابن عبد السلام، حيث قال هذا في غير اليائسة والصغيرة، وأما اليائسة والصغيرة يقول لإحداهما إذا حضت فلا خلاف أنها لا تطلق عليه حتى ترى دم الحيض.

قوله: [أو قال كلما طلقتك] إلخ: أما لو قال لها: أنت طالق كلما حليتي حرمتي، نظر لقصده، فإن كان مراده: كلما حليتي لي بعد زوج حرمتي تأبد تحريمها، وإن أراد كلما: حليتي لي بالرجعة في هذه العصمة بعد الطلاق الرجعي حرمتي حلت له بعد زوج، فإنه لم يكن له قصد نظر لعرفهم، فإن لم يكن نظر للبساط، فإن لم يكن له نية ولا بساط حمل على المعنى المقتضي للتأبيد احتياطاً، ومثل ذلك إذا قال لها أنت طالق كلما حللك شيخ حرمك شيخ، وأما لو قال أنت طالق ثلاثاً كلما حليتي حرمتي، فإن أراد الزوج الثاني بعد هذه العصمة لا يحللها، فإنها تحل له بعد زوج لأن إرادته ذلك باطلة شرعاً لأن الله أحلها بعده، وإن أراد أنها إن حلت له بعد زوج وتزوجها فهي حرام عليه تأبد تحريمها.

قوله: [لأن فاعل السبب]: أي الذي هو الطلقة الأولى، والمراد بالمسبب الطلقة الثانية، وإذا كان فاعل السبب فاعل المسبب آل الأمر إلى أن الطلقة الثانية فعله، فتجعل سبباً للثالثة بمقتضى أداة التكرار.

قوله: [ويلغى قوله قبله]: هذا هو مشهور مذهبنا، وقال ابن سريج من أئمة الشافعية إذا قال إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثاً لا يلزمه شيء أصلاً، ولا يلحقه فيها للدور الحكمي، فإنه متى طلقها وقع الطلاق قبله ثلاثاً ومتى وقع قبله الطلاق ثلاثاً كان طلاقها الصادر منه لم يصادف محلاً، لكن قال العز بن عبد السلام تقليد ابن سريج في هذه المسألة ضلال مبين.

قوله: [وأدب المجزئ]: قال في الأصل وهو يقتضي تحريمه.

قوله: [مما يعد من محاسن المرأة]: أي هو كل ما يلتذ به أو يلتذ بالمرأة بسببه، فالأول كالريق والثاني كالعقل، لأن بالعقل يصدر منها ما يوجب للرجل الإقبال عليها والالتذاذ بها، بخلاف العلم.

قوله: [نحو بصاق]: الفرق بين الريق والبصاق أن الريق هو ماء الفم ما دام فيه، فإن انفصل عنه فهو بصاق والأول يلتذ به بخلاف الثاني.

تنبيه: خالف ابن عبد الحكم، فقال لا يلزم في: " كلامك " شيء لأن الله حرم رؤية أمهات المؤمنين ولم يحرم كلامهن على أحد، ورد بأن الطلاق ليس مرتبطاً بحل ولا حرمة، فإن وجه الأجنبية ليس بحرام، وتطلق به وفي الحاشية عن بعض المشايخ، إن قال: اسمك طالق، يلزم لأنه من المنفصل، قال في المجموع وضعفه ظاهر، لأن كل حكم ورد على لفظ فهو وارد على مسماه، وقد قيل الاسم عين المسمى فتأمل.

قوله: [وأخواتها]: وهي سوى وخلا وعدا وحاشا وغير.

قوله: [ولو لفظ به سراً]: محل الاكتفاء بالسر ما لم يكن الحلف في وثيقة حق وإلا فلا ينفعه إلا الجهر، لأن اليمين على نية المحلف كما مر في اليمين.

قوله: [إن اتصل بالمستثنى منه]: المراد بالمستثنى منه المحلوف به، فلو فصل بينهما بالمحلوف عليه ضر كما لو قال: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار إلا اثنتين، وقال بعضهم: المراد إن اتصل بالمحلوف به أو المحلوف عليه نحو: أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين إن دخلت الدار، وأنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار إلا اثنتين وهما قولان.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ينجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>