للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ففي): طالق (ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا واحدة): يلزمه اثنتان لإلغاء الاستثناء المستغرق، وكان الثاني مخرجاً من أصل الكلام، (أو) قال: أنت طالق (ألبتة إلا ثنتين إلا واحدة) يلزمه (اثنتان) لأن ألبتة ثلاث، والاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، فأخرج من ألبتة اثنتين ثم أخرج منهما واحدة تضم للواحدة الأولى، (واعتبر) في صحة الاستثناء (ما زاد على الثلاث) لفظاً، وإن كان لا حقيقة له شرعاً على أرجح القولين، فمن قال: أنت طالق أربعاً إلا اثنتين لزمه اثنتان، وإن قال: إلا ثلاثاً، لزمه واحدة، ومن قال: خمساً إلا ثلاثاً، لزمه اثنتان، كمن قال: ستاً إلا أربعاً وقيل لا يعتبر الزائد على الثلاث؛ لأنه معدوم شرعاً فهو كالمعدوم حساً، فيلزمه في المثال الأول واحدة، وفي الثاني ثلاثة لأنه كان استثنى ثلاثاً من ثلاث، فيلغى الاستثناء للاستغراق، وكذا في المثال الثالث والرابع.

ثم شرع في بيان أحكام تعليق الطلاق على مقدر حصوله في المستقبل، من حنث وعدمه وتنجيز الحنث وعدمه.

وحاصله: أنه إن علقه على أمر مستقبل محقق الوقوع، أو غالب وقوعه أو مشكوك في حصوله في الحال، ويمكن الاطلاع عليه بعد أو لا يمكن فإنه ينجز عليه الطلاق في الحال، وإن علقه على ممتنع فلا حنث، وإن علقه بممكن الوقوع مع عدم حصوله وقت التعليق، وليس بغالب الوقوع كمدخول الدار، فإنه ينتظر. وإلى تفصيل ذلك أشار بقوله: (ونجز) الطلاق أي وقع ولزم (في الحال إن علق بمستقبل محقق) وقوعه (عقلاً؛ كإن تحيز الجرم) في غد فأنت طالق، (أو إن لم أجمع بين الضدين) فأنت طالق، إذ الجمع بين الضدين مستحيل عقلاً، والأول يمين بر والثاني حنث.

(أو) محقق أي واجب (عادة)، وإن أمكن عقلاً وكان (يبلغه عمرهما) أي الزوجين معاً (عادة) بأن كان أقل من مدة التعمير، وتختلف باختلاف الناس (كبعد): أي كقوله لها أنت طالق بعد (سنة) مثلاً، فبعدية السنة أمر محقق عادة ويبلغه عمرهما عادة فينجر [١] عليه من الآن، بخلاف بعد ثمانين سنة كما يأتي، (أو) طالق (يوم موتي أو قبله بساعة) أي لحظة وأولى أكثر،

ــ

قوله: [ففي طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا واحدة] إلخ: ما ذكره من لزوم الاثنتين هو مذهب خليل بناء على أن قوله إلا ثلاثاً ملغى، وقال ابن الحاجب إنه لا يلزمه إلا واحدة، ووجهه أن الكلام بآخره، وأن المراد أن الثلاث التي أخرج منها الواحدة مستثناة من قوله هي طالق ثلاثاً فالمستثنى من الثلاث اثنتان يبقى واحدة، قال ابن عرفة وهو الحق وعلى عكس القولين لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا اثنتين، فعلى ما للمصنف من إلغاء الاستثناء الأول تلزمه واحدة، وعلى ما لابن الحاجب وابن عرفة يلزمه اثنتان.

قوله: [ما زاد على الثلاث]: أي في حق الحر، ويقال في العبد ما زاد على اثنتين.

تنبيه: لو قال لزوجته أنت طالق واحدة واثنتين إلا اثنتين، فإن كان الاستثناء من الجميع المعطوف والمعطوف عليه فواحدة، لأنه أخرج اثنتين من ثلاث وإلا يكن من الجميع، بل من الأول أو من الثاني أو لا نية له فيلزمه الثلاث في الصور الثلاث.

قوله: [أحكام تعليق الطلاق]: اختلف في حكم الطلاق المعلق فقال في المقدمات مكروه قال اللخمي ممنوع.

قوله: [على مقدر]: متعلق، بـ "تعليق" وقوله: "في المستقبل" متعلق بـ "حصوله"، وقوله "من حنث وعدمه وتنجيز الحنث وعدمه"، بيان للأحكام، ومعنى مقدر الحصول مفروض الحصول أي والعدم، ففي الكلام اكتفاء بدليل تعليقه على الممتنع.

قوله: [محقق الوقوع]: أي لوجوبه عقلاً أو عادة أو شرعا كماً سيذكر أمثلته.

قوله: [أو غالب وقوعه]: أي كالحيض في غير اليائسة.

قوله: [أو مشكوك في حصوله]: أي كقوله لحامل إن كان في بطنك غلام، أو إن لم يكن أو إن كان في هذه اللوزة قلبان إلخ.

قوله: [أو لا يمكن]: أي كمشيئة الله أو الملائكة أو الجن. قوله: [وإن علقه على ممتنع]: أي عقلاً كإن جمعت بين الضدين، أو عادة كإن لمست السماء أو إن شاء هذا الحجر كما سيأتي. قوله: [فإنه ينتظر]: وسيأتي يذكره بقوله: "ولا حنث إن علقه بممكن غير غالب" إلخ.

قوله: [أي وقع ولزم في الحال]: أي من غير توقف على حكم من القاضي إلا في مسائل ثلاث: مسألة إن لم أزن مثلاً، ومسألة إن لم تمطر السماء، ومسألة ما إذا علقه على محتمل واجب شرعاً كإن صليت. فالتنجيز في هذه الثلاث يتوقف على حكم الحاكم وما عداها مما ذكره المصنف لا يتوقف على حكم.

قوله: [وكان يبلغه عمرهما]: أي وأما إن كان يشبه بلوغ أحدهما إليه دون الآخر فلا ينجز، لأنه إذا كان كل من الزوجين يبلغ الأجل ظاهراً صار شبيها بنكاح المتعة من كل وجه، وأما إن كان يبلغه أحدهما فقط فلا يأتي الأجل إلا والفرقة حاصلة بالموت فلم يشبه المتعة حينئذ، ولذا قال أبو الحسن: هذا على أربعة أقسام: إما أن يكون ذلك الأجل مما يبلغه عمرهما فهذا يلزم، أو يكون مما لا يبلغه عمرهما، أو يبلغه عمره أو عمرها فهذه الثلاثة لا شيء عليه فيها إذ لا تطلق ميتة ولا يؤمر ميت بطلاق ابن يونس، وفي العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: من طلق امرأة إلى مائة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية وط المعارف، ولعل الصواب: (فينجز).

<<  <  ج: ص:  >  >>